بقلم: أيمن سنبل
وتفيد الأخبار القادمة من اليمن — غير السعيد هذه الأيام- بأن التحضيرات العسكرية التي شملت تحرك آلاف الجنود السعوديين والقطريين والإماراتيين والبحرينيين المدججين بأحدث الأسلحة والمعدات الحربية وطائرات الأباتشي الأمريكية، بدأت تتحرك بالفعل صوب محافظة مأرب الغنية بالنفط.
وتحدثت تقارير لوسائل إعلام عربية عن أن السعودية فتحت قاعدة "الدواسر" الجوية بجنوب المملكة، حيث توجد أحدث أجهزة المراقبة في العالم.
وتزامنت التحضيرات، من قبل التحالف، مع إعلان "الحكومة اليمنية"، التي تتخذ من الرياض مقراً لها، عن تجهيز نحو 10 آلاف مقاتل من عناصر "الجيش الوطني"، التابع للرئيس عبد ربه منصورهادي، في محافظة الجوف في شمال شرق اليمن والملاصقة لصنعاء ومأرب، كما تزامنت مع تحركات عسكرية في محافظة ذمار التي تشترك في حدودها الشمالية مع صنعاء.
تلك المعطيات على الأرض تؤكد أن الهدف الاستراتيجي لقوات "التحالف"، هو مهاجمة العاصمة صنعاء وشمال اليمن، قلعة "الحوثيون" وحلفائهم، ولن يقتصر الأمر على السيطرة على مأرب، وربما التوجه للسيطرة على صعدة لاحقاً، وهي معقل "الحوثيين" الأساس.
ويمكن اعتبار فشل جهود مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ في إقناع طرفي الصراع بتقديم تنازلات تصلح لأن تكون أساساً لحوار جاد لإنهاء الصراع، هو ما دفع التحالف لحسم الحرب عسكرياً، لإجبار "الحوثيين" على الاستسلام.
كما أن الهجوم الذي شنه "الحوثيون" على قاعدة عسكرية للتحالف في مأرب، في يوم الجمعة الماضي، والذي تسبب في مقتل نحو 92 جندياً خليجياً ويمنياً، هو ما دفع قيادة "التحالف" للتسريع بتجهيز عملية عسكرية كبيرة لمهاجمة صنعاء والسيطرة عليها.
إلا أن الحوثيين لا يزالون يتحدثون من "موقع القوة"، ويرفضون أي شروط مسبقة للحل، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، عندما أعلنوا رسمياً أنهم يمتلكون "صواريخ بالستية"، يمكن أن تصيب مدن سعودية كبيرة، مثل الرياض وجدة.
الواقع الذي يجب أن يدركه الجميع، يكمن في أن مهاجمة شمال اليمن وفي القلب منه العاصمة صنعاء، ليس بالأمر الهين أو اليسير، كما يتخيل مؤيدو هادي، كما أن المعركة في الشمال لن تكون نزهة عسكرية أبداً، وتختلف كلياً عن معارك جنوب اليمن الذي سيطرت قوات هادي، بمساندة مقاتلين جنوبيين، على معظمه.
هناك أسباب عديدة تجعل من المعارك في شمال اليمن غير مضمونة النتائج، أهمها أن الحاضنة الشعبية في شمال اليمن عموماً وصنعاء خصوصاً، هي في غالبيتها من المؤيدين للحوثيين وحلفائهم من حزب "المؤتمر الشعبي العام"، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
ولكل ذلك، فإن عدم وجود ظهير شعبي لهادي وقوات التحالف في شمال اليمن، سوف يضاف لمشكلة الطبيعة الجغرافية الوعرة في الشمال، في مواجهة قوات "التحالف"، وقبل كل ذلك تمترس "الحوثيين" وحلفائهم واستعداداهم للدفاع بكل قواهم عن العاصمة.
ولربما لا يمكن التكهن بما ستؤل إليه الأمور في الأيام القادمة، أو كيف ستنتهي الحرب، أو متى… أو أنها لن تنتهي أصلاً، وربما يتمكن طرف من ترجيح الكفة لصالحه، لكن المؤكد أن اليمن هو الخاسر الأكبر من هذا التصعيد، وحتماً سيسقط المزيد من الضحايا الذين لا بواكي لهم، كما ستتواصل عملية تدمير ما تبقى من البنية التحتية في هذا البلد الفقير.
والذين يقرأون التاريخ بشكل صحيح، يعرفون جيداً أن الحروب لا تنتهي بانتصارات عسكرية ترجح كفة هذا الطرف أو ذاك، لكنها تنتهي بحلول سياسية لصالح الوطن ولصالح التعايش بين مكوناته… فهل هناك من مجيب؟!
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)