ويا للصدفة! فقد انفجرت سفينة — بارجة أخرى في نفس الخليج، في شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 1916، والحديث يدور عن سفينة الإمبراطورة ماريا، مع العلم أن سبب الانفجار لم يتم تحديده حتى وقتنا هذا.
وبطبيعة الحال، فقد تم تشكيل لجنة حكومية للتحقيق في مأساة نوفوروسيسك. وبحسب التقارير الأولية، فقد أكدت اللجنة بأن الحادث سببه لغم ألماني زرع من أيام الحرب العالمية الثانية. للوهلة الأولى هذا تفسير منطقي، فالألمان النازيون قاموا بتلغيم مياه الميناء لدى انسحابهم من سيفاستوبول. وبعد تحرير المدينة في 1944، تمكن مهندسو الألغام من فك عدة مئات من المتفجرات التي زرعها الغزاة الألمان، علماً أنه وبعد حادثة نوفوروسيسك تم العثور في خليج سيفاستوبول على 17 لغماً ألمانياً مخبأة تحت طبقة سميكة من الطين البحري منها ثلاثة كانت قريبة جداً من مكان انفجار البارجة. لكن السؤال هل انفجرت السفينة بسبب هذه الألغام؟
الكثير من الخبراء يشتبهون بعناصر الكوماندوس البحرية الإيطالية في تورطها في تفجير البارجة نوفوروسيسك. الحقيقة هي أن السفينة هذه كانت قبل عام 1949، ضمن أسطول البحرية الإيطالية واسمها "يوليوس القيصر". وكما هو معلوم، فإن إيطاليا أثناء الحرب العالمية الثانية كانت دولة حليفة لألمانيا النازية التي هزمت واستسلمت عام 1945. وقتئذ تقاسم الحلفاء المنتصرون- الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وبريطانيا العظمى- غنائم الأسطول البحري للدولة المنهزمة، وحصلت موسكو آنذاك على البارجة "يوليوس القيصر" وتم إعادة تسميتها وأصبح يطلق عليها نوفوروسيسك. وذكرت التقارير بأن قائد الكوماندوس في البحرية الإيطالية الأميرال يونيو بورغيزي وهو مناهض شديد للشيوعية أقسم بان يحرم الأسطول السوفيتي هذه الغنيمة.
وفي سنوات الحرب العالمية الثانية تمكن عناصر الضفادع البشرية التابعة للأميرال بورغيزي من إغراق الكثير من السفن الحربية البريطانية والتي تفوق في عددها عدد سفن الأسطول الإيطالي بأكمله. عادة يقوم المخربون بالاقتراب من سفينة العدو عن طريق غواصة، ومن ثم يقوم عناصر الضفادع البشرية بمساعدة معدات خاصة بالغوص والاقتراب من هذه السفن ومن ثم وضع ألغام مغناطيسية على هيكلها. ويذكر التاريخ بأن أكثر عمليات فريق بورغيزي نجاحاً كانت تلك التي تمكنت خلالها الضفادع البشرية من تدمير اثنين من البوارج البريطانية الحديثة في ميناء مدينة الإسكندرية المصرية، وكان ذلك في شهر كانون الأول/ديسمبر عام 1941.
كما يشير المراقبون إلى أن الضفادع البشرية الإيطالية عملت في ميناء سيفاستوبول أيضاً، وبالتالي فإن مخطط الميناء والمدينة معروف تماماً لدى عناصر كوماندوس البحرية الإيطالية الذين تمتعوا بخبرة لا يستهان بها خاصة في ما يتعلق بأعمال التخريب، وبالتالي هناك احتمال كبير أن يكونوا هم من قام بتفجير "نوفوروسيسك". لكن ومع ذلك هناك أسئلة كثيرة…
Линкор «Новороссийск» достался СССР в качестве трофея после войны от Италии. Корабль «Джулио Чезаре» построен в 1913 pic.twitter.com/BXMyy01Wom
— Исторические Фото (@HistoryFoto) 1 января 2016
أولها هو أنه من الضروري استكشاف المنطقة بدقة وجمع المعلومات الضرورية من أجل تلغيم السفينة في الميناء المحمي بشكل جيد. وبالتالي فإن هذه المعلومات لا يمكن الحصول عليها إلا عن طريق عميل موجود بشكل مباشر في ميناء سيفاستوبول. لكن وحتى الآن ليست هناك أدلة تشير إلى وجود شبكة تجسس إيطالية اخترقت أكثر المدن السوفيتية أمناً في الخمسينيات من القرن الماضي، مع العلم أن ضفادع بورغيزي البشرية لم تكن تعمل دون الحصول على معلومات دقيقة عن العملية المراد تنفيذها.
ظهرت شائعات بعد غرق سفينة نوفوروسيسك وهي أن الحكومة الايطالية منحت مجموعة من ضباط البحرية الايطالية الميداليات والأوسمة بسبب أدائهم مهمة محددة.