ومع مضي سنوات الحرب ووصولها إلى النهايات بدأ الموقف التركي يتغير شيئاً فشيئاً وتحولت مطالب السلطات في أنقرة من "إسقاط النظام" في سوريا إلى ضرورة بقاء الرئيس الأسد على سدة الحكم، كما لم تعد المنطقة العازلة مطلباً رئيسياً لطالماً حاول الأتراك تمريره.
وكان بناء جدار عازل على طول الحدود آخر تلك التغيرات فهو يهدف حسب وجهة النظر التركية لضبط الحدود ومنع مرور المسلحين.
وبدأت السلطات التركية بناء جدار عازل إسمنتي على طول الحدود وكانت الانطلاقة من بلدة "كسب" الواقعة في ريف اللاذقية الشمالي مروراً بالمعبر ووصولاُ حتى بلدة "ربيعة" وريف إدلب كمرحلة أولى ومن ثم إكماله حتى مدينة "القامشلي" في أقصى شرق سوريا.

ويبلغ ارتفاع الجدار ثلاثة أمتار ويعلوه مترين من الأسلاك الشائكة وتنظر له تركيا على أنه حصن منيع يسهم في ضبط الحدود ومنع مرور المسلحين بين البلدين، بينما تراه السلطات السورية تجاوز وخرق للمواثيق لأنه تعدى واقتطع أراض سورية في مناطق مختلفة ولم يتم التشاور معها بشأنه.
وجاء تغير السياسة التركية بالتزامن مع تطور الأحداث في سوريا وخاصة بعدما حقق الجيش السوري والحلفاء مؤخراً إنجازات ميدانية بالغة الأهمية كانت قاسمة للمشاريع الخارجية وقلبت السحر على الساحر، لتغدوا سوريا التي أراد لها الكثيرون الدمار والخراب أكثر قوة، كما زادت سنوات الحرب الدموية من صلابة شعبها وتمسكهم بوطنهم.
ويشار إلى أن الدور التركي خلال الحرب السورية كان غير متوقع ومخيب لآمال السوريين، لأن تركيا تعتبر حسب رأي قاعدة شعبية كبيرة المصدر الأبرز للإرهابيين وتمثل الحدود الطويلة التي تربط البلدين خط الإمداد اللوجستي الأهم للمسلحين الذين يرتكبون المجازر بحق المدنيين.