تحدثت الكاتبة عن قدومها إلى المملكة العربية السعودية. فقد كان زوجها يعمل في إحدى الشركات العالمية، وخلال مأدبة بعد مؤتمر اقترح أحد المدراء الإقليميين عليه العمل في بلد آخر مثل السعودية، وكان زوجها بمزاج جيد، وقال إن زيارة المملكة العربية السعودية هي حلمه المنشود منذ فترة طويلة. وفي صباح اليوم التالي لم تعد الفكرة مغرية بالنسبة له، لكن الأوان كان قد فات للتراجع عنها.
فبدأت الزوجة قبل الرحلة بالبحث في الإنترنت عن معلومات عن هذا البلد. لكن، قبل خمس سنوات، كان من المستحيل العثور على شيء سوى "قصص الرعب" قبل الرحلة. وفور وصولها للبلد، التقت صديقاً من اسكتلندا كان يعمل في الرياض منذ ثماني سنوات، وبدأ بإخبارها عن مدى خطورة البلد وعن عدم قدرتها على الذهاب إلى أي مكان من دون زوجها. وقد صدقته في البداية، لكنها سرعان ما أدركت أن كل هذه الفظائع غير موجودة إلا في مخيلة صديقهم. واتضح أن كل شيء أبسط من ذلك بكثير. نعم، بالطبع، يوجد تفاصيل خاصة بهذا البلد، لكن لا يوجد شيء ما معقد أو صعب بحيث لم يستطيعوا التعامل معه. مضيفة أن هذه الصورة عن المملكة العربية السعودية تنتشر بشكل كبير عند كثير من الأجانب. حيث يأتون إلى هنا خائفين ويعيشون في مستوطنات مغلقة من العمل إلى المنزل وبالعكس. لذلك لا يتمكنون من التأكد مما يُشاع عن السعودية، ولا يتواصلون مع السكان الأصليين.

الشيء الوحيد غير المتوقع بالنسبة للكاتبة هو أن الناس لا يتحدثون إليها في الأماكن كلها. وقد كانت معتادة على حل مشاكلها بنفسها، لكنها أصبحت مضطرة لطلب المساعدة من زوجها في المسائل اليومية البسيطة. كان مضحكاً بالنسبة لها أن البائعين في المتاجر لا يجيبون على أسئلتها إلا في حال وجود زوجها معها. وذلك لأنهم لا يتحدثون إلى امرأة غريبة ولا ينظرون إليها.
وأشارت الكاتبة إلى وجود كثير من العمال الأجانب، من عمال النظافة وصولاً إلى الأطباء. وتعمل السلطات السعودية منذ سنوات على تخفيض أعداد الأجانب، لكن هذه العملية صعبة وتسير ببطء.

بالمناسبة، على الرغم من عدم وجود ضرائب في المملكة العربية السعودية، لكن يوجد هناك ضريبة تُدعى الفقر. فإذا كنت ترغب في استقدام موظف أو شخص ليعمل كخادم، فيتوجب عليك الدفع للحصول على تأشيرة له، ودفع ضرائب إضافة إلى ثمن تذكرة باتجاهين. وعادة تبلغ تكلفة ذلك حوالي 300 ألف روبل. أنت تدفع هذا للدولة، والدولة توزعه على المواطنين ذوي الدخل المنخفض.
وما لفت نظر الكاتبة هو سفر السعوديين للبحرين من أجل الاسترخاء والابتعاد عن الروتين اليومي، حيث تستغرق الرحلة من الرياض إلى المنامة، عاصمة البحرين، حوالي أربع ساعات. لذلك تشاهد طوابير من السيارات عند الحدود السعودية مع البحرين يوم الخميس. ففي هذه الجزيرة يُسمح بالكحول وتوجد أماكن ترفيه وتستطيع النساء ارتداء ما يرغبن وقيادة السيارات.
أكثر ما يجذب الأجانب إلى السعودية هي الرواتب. فهنا تُدفع الرواتب الأعلى تقريبا في العالم. إضافة إلى أن الشركات تقدم مجموعة من العروض الجيدة في السكن ودفع أقساط المدارس، والتأمين على السيارات وعلى جميع أفراد العائلة. لكن هذه الميزات غير متوفرة للجميع، مثل عمال البناء على سبيل المثال. لقد انخفضت الأجور والرواتب في السعودية خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير، فقد وصلت أزمتي المال والنفط إلى هنا.
وتحدثت الكاتبة عن عمل النساء الأجنبيات في السعودية مشيرة إلى معظمهن لا يعملن. يمكن أن تعمل الـ "أنثى" فقط كطبيبة أو معلمة. فعلى سبيل المثال، يكاد الأمر مستحيلاً أن ترى امرأة في السعودية تعمل في وسط لبيع العقارات. لكن تعقد هنا جلسات قهوة صباحية، وتقوم بعضهن بتنظيم معارض لبيع إبداعاتهن.

وتشير الكاتبة إلى أنه في مراكز التسوق الكبيرة توجد أيام مخصصة للشبان العازبين وأخرى للنساء، في حين تستطيع العائلات القدوم في أي وقت يرغبون به. كما استغربت غياب قواعد المرور، والفوضى في الطرق وعدم استعمال السعوديين لأحزمة الأمان ومقاعد السلامة للأطفال.
كما أن وسائل الترفيه هنا تقتصر على التسوق والمطاعم. مشيرة إلى الخصومات الكبيرة جداً والتنزيلات التي قد تصل إلى 70-90٪. ويوجد عدد كبير من المطاعم التي تناسب مدى واسعاً من الأذواق. لكن حتى المطاعم الأكثر فخامة لا تصل إلى مستوى المطاعم الأوروبية الفاخرة. ومن الشائع عند السكان المحليين طلب الطعام الجاهز إلى المنزل. حتى إن المطاعم كلها حتى أصغرها لديه خدمة تسليم الطعام. وعادة تقسم المطاعم إلى أقسام مخصصة للرجال العازبين وللنساء وللعائلات.
وصرّحت الكاتبة أن الحياة في الرياض تبدو طبيعية بالنسبة لها. فقد عاشت في مناطق مختلفة، ولم تواجه العداء في أي منها. باستثناء حفلة شواء واحدة تعامل زوجها مع سوريين بدأوا بإلقاء اللوم عليه بسبب موت مواطنيهم.
واختتمت الكاتبة مقالها لتقول بأنها محظوظة بالناس الذين التقتهم بالسعودية. فعلى سبيل المثال اتضح لهم أن زميل زوجها شخص رائع تماما. فقد كان مسروراً بتعريفهم على الواقع السعودي، وساعدهم على التكيف والتعرف على الثقافة المحلية. كما تعرفوا على أصدقاء من بلدان مختلفة، الأمر الذي مكنهم من الاستمرار بالتعلم. ولم تأسف على قرارهم بالذهاب إلى السعودية.