ْفبعد أن حرر الجيش العربي السوري أخيرا أحياءها الشرقية من العصابات المسلحة، لجأ الإرهابيون إلى تعكير صفو الحلبيين، ابتداءً من زرع العبوات الناسفة على الأرصفة وفي حاويات القمامة، مروراً بنسف أبراج الكهرباء المغذية للمدينة المارة من مناطق سيطرتهم، وانتهاءً بتعمد استهداف أماكن إصلاح أنبوب المياه الرئيسي في حي "جمعية الزهراء" برصاصات القنص والقذائف الصاروخية اليومية، ضاربين بعرض الحائط كل الاتفاقيات المبرمة والهدن المتلاحقة والقيم الأخلاقية والإنسانية، حيث أن المنطقة المستهدفة أخيراً هي منطقة تماس يمر منه أنبوب مياه بقطر 1400 ملم مخصص لجر المياه من محطة سليمان الحلبي وسط المدينة إلى محطة تشرين المائية التي تؤمن بدورها إعادة ضخ مياه الشرب لكافة المناطق والأحياء الغربية من المدينة.
شريان حلب المائي هذا جعل المشهد اليوم يبدو في حقيقته أليما جداً، حيث هناك أطفالا تحمل بيديها عبوات مياه كبيرة يفوق حجمها حجمهم، وذاك مُسن يبكي بحرقة بعد أن سال الماء من إحدى زجاجاته التي سقطت أرضاً قبل أن يتمكن من إيصالها لبيته وعائلته العطشى.
حيث يتساءل هؤلاء المواطنون الذين يقفون في طوابير طويلة على مناهل المياه "ألم يحن الوقت ليرتاح أهالي حلب؟ ألا يستحق المواطن الحلبي الذي صمد خمس سنين عجاف، تخفيف العبء الجسدي والاقتصادي عنه؟"
ذاك العبء الذي أرهق كاهله وتعدى على لقمة عيشه من أجرة مضخات المياه المتنقلة.
لكن من وجهة نظر أخرى أكثر واقعية…لابد لنا من أن نتساءل ما هو الحل؟
فبعض المتابعين والصحفيين المحليين حملّوا أشخاصاً ما مسؤولية ذاك التقصير وبعضهم الآخر يوجه التهم إلى القائمين على "مؤسسة مياه حلب" بالتقاعس والروتين والإهمال، إلا أن الجزء الأهم من الحل الذي أصبح مرجواً في ذاك الشارع الحلبي بات واحداً فقط.
وهو البدء باستعادة تلك المنطقة الجغرافية الصغيرة "حي جمعية الزهراء" من أيادي جميع الفصائل الإرهابية التي تهدد الاستقرار والأمن المائي لتلك المدينة يومياً،
وذلك بإعادة السيطرة التامة للجيش العربي السوري، الذي لطالما بث الطمأنينة والأمان في قلوب المواطنين لسنين عديدة ومديدة على امتداد جميع ساحات هذا الوطن الشامخ.
المقالة تعبر عن رأي كاتبها