تلك الحجارة التي تغنّت بأصواتٍ شجيّةٍ قد رحلت من محمد خيري إلى ربى الجمال، وصبري مدلل، ومها الجابري، وغيرهم الكثير، أصوات خلدت في صفحات تاريخ حلب القديم منها والمعاصر.
هي أصالة موسيقية واضحة تؤكد عمق التجذر والانتماء لحلب الحضارة والتراث، فمهرجان وزارة الثقافة السورية جاء اليوم في حلب ليؤكد أن ذاك الإرهاب المجرم ما استطاع يوماً أن يطمس شيئاً من تلك الحضارت والعراقة، فها هي الأشعار تنادي اليوم "أبا فراس الحمداني" و"المتنبي".
وها هي الأدوار والموشحات تذكّرنا بـبكري الكردي وعمر البطش. كما أن المسرح والسينما يعودان بذاكرتنا لـيوسف نعم الله جد ومصطفى العقاد. وكل تلك القامات تركت مخزوناً وإبداعاً كبيراً في تلك المدينة.
ترميم وإعادة الإعمار يبدأ في حلب
هذا هو الجامع الأموي العريق يلملم حجارة شهدت كثيراً من الإرهاب والدمار. فيعيد رصفها من جديد بسواعد حلبية عشقت الحب والسلام والعمل.
وها هم سكانها الأصليون يصلحون من خرّبته قذائف الحقد الغادرة في منازلهم إيمانا منهم أن هذه الأرض لا يمكن لها أن تكون يوما إلا لهم.
أما على صعيد البناء الثقافي فقد انطلقت مؤخراً فعاليات "مهرجان حلب الثقافي" الذي افتتحه وزير الثقافة السوري في حلب بتاريخ 28-10-2017 واستمر حتى 6-11-2017 حيث شهِد المهرجان عدداً كبيراً من الفعاليات الثقافية التي أحياها عدد من أبناء تلك المدينة منها الموسيقية والمسرحية والسينمائية والشعرية إضافةً الى مَعرض للفن التشكيلي والكتاب.
وصل عدد الفعاليات خلال تلك الفترة القليلة فقط الى أكثر من 50 فعالية متنوعة بتنظيمٍ جيد من مديرية الثقافة بحلب بكافة كوادرها، لعل الجدير بالذكر أن تلك الفعاليات شهدت إقبالا كثيفاً من الجمهور الحلبي العاشق للثقافة والأدب والإبداع.
ذاك الجمهور والشعب الذي أكد بدوره أن حلب مدينة المحبة والإخاء والعيش المشترك.
حلب…كانت ومازالت و ستبقى قلعة عصية على الإرهاب.