ونقل الباحث الأمريكي عن مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، مطلع على تفاصيل الاجتماع المفاجئ الذي عقد الشهر الماضي بين محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قوله إن عباس قد استدعي إلى الرياض في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من قبل ولي العهد في إطار الجهود التي يبذلها الأخير من أجل إقامة مشروع مشترك بين الدول العربية وأمريكا ضد إيران وحلفائها.
وأشار أرونسون إلى أنه لم يكن أول زعيم عربي يتم استدعائه. فقبل أيام من وصوله، كان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري قد أعلن استقالته، التي تراجع عنها، كجزء من الهجوم المناهض لإيران.
وقال المصدر إن محمد بن سلمان كان منزعجا، مشيرا إلى أنه يلعب مقامرة خطرة لتدعيم قيادته. "وفي الاجتماع قال ولي العهد إن مبادرة السلام العربية، وهي صفقة كبرى برعاية السعودية تعد بالاعتراف عربيا بإسرائيل والسلام معها مقابل إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة مع القدس الشرقية عاصمتها، قد انتهت بالفعل".
وعندما سأل الزعيم الفلسطيني عن وضع الضفة الغربية والقدس الشرقية في هذا المخطط، رد ولي العهد قائلا "يمكننا الاستمرار في التفاوض حول هذا الموضوع ولكن بين دولتين وسنساعدكم".
ووفقا للمصدر، عرض ابن سلمان على الرئيس الفلسطيني 10 مليار دولار لتجميل الصفقة المرة التي عرضها. وقال المصدر "لا يستطيع عباس أن يقول لا للسعوديين، إلا أنه لا يستطيع أن يقول نعم".
وذكر الكاتب أن صحيفة "نيويورك تايمز" قدمت تقريرها الخاص عن الاجتماع. وأكدت فيه، نقلا مصادر فلسطينية وعربية وأوروبية، على أن ولي العهد عرض دعما ماليا كبيرا إلى الفلسطينيين، وحتى الدفع مباشرة إلى عباس، إلا أن عباس رفض، بحسب مصادر "نيويورك تايمز".
وفي "نيويورك تايمز"، قالت المصادر إن العرض الذي رفضه عباس، ينص على إقامة دولة فلسطينية بأجزاء غير متجاورة من الضفة الغربية، وسيادة محدودة على أراضيها في غزة. وتبقى الغالبية العظمى من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي تعتبر غير قانونية من قبل معظم دول العالم.
ويرى أرونسون أن "إسرائيل هي من زرع فكرة إقامة دولة فلسطينية في غزة فقط في رأس ولي العهد السعودي".
"وجميعهم يتشاطرون رغبة في التوصل إلى اتفاق من جانب جيران إسرائيل العرب للتنازل عن أراض لتمكين إسرائيل من التمسك بالضفة الغربية والقدس الشرقية".
وأشار الكاتب إلى أن هذا الحل قد بحثه مساعد نتنياهو السابق والموظف السابق بالموساد، عوزي عراد، وخليفته جيورا إيلاند، جنبا إلى جنب مع إسرائيليين آخرين خدموا مع رئيس الوزراء.
كما أوضح أنه قبل أيام فقط من اجتماع ولي العهد مع الرئيس عباس، سافر المبعوثان الأمريكيان جاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير موظفي البيت الأبيض، وجيسون غرينبلات، المحامي السابق لمؤسسة ترامب ومبعوث السلام الحالي في الشرق الأوسط، إلى الرياض لإجراء مفاوضات مع ابن سلمان.
وأشار الكاتب إلى أن "كوشنر هو صديق لنتنياهو منذ فترة طويلة، حتى إنه يقود مؤسسة لتحويل الأموال إلى مستوطنات الضفة الغربية.". وذكر أن كوشنر هو أفضل مصدر لولي العهد لجميع القضايا الإسرائيلية.
"وبالنظر إلى أن كوشنر ومحمد بن سلمان لهم نفس الفكرة عن مخطط غزة، واجتماعات ولي العهد وعباس، فإن ذلك يشير إلى أن اتفاقهم يضيف بعدا جديدا لإعلان ترامب في القدس".
وذكر المصدر أن محمد بن سلمان كتب خطابا إلى نتنياهو يحدد فيه التعهد السعودي غير المسبوق بالمشاركة مع مصر وإسرائيل والولايات المتحدة في دعم الشروط الأمنية لمعاهدة السلام التاريخية بين إسرائيل ومصر.
وأضاف الكاتب "يمكن فهم هذا القرار والرسالة في إسرائيل كدليل عملي على أن المملكة العربية السعودية مستعدة فعلا للتعامل مع إسرائيل دون أي شرط يتطلب إقامة دولة فلسطينية في غزة أو القدس أو في أي مكان".
وعلى الرغم من النفي السعودي والأمريكي لأخبار هذه الصفقة، ذكر الكاتب أن "تفاصيل الاجتماع أكدتها مصادر عدة، كما أنها تضع سياقا واضحا لإعلان القدس".
من جانبه، نفى اللواء الركن المتقاعد عبد الله غانم القحطاني المحلل السياسي السعودي عقد صفقة لدولة فلسطين تضم قطاع غزة فقط وأراض مصرية.
وتساءل القحطاني عن مصدر هذه المعلومات وعن الموقف المصري، لافتا إلى أن مصر دولة مستقلة ذات سيادة ولا يمكن أن تقبل التصرف في أراضيها بهذه الطريقة، مستنكرا "كيف يمكن أن تقبل مصر اتفاقا مثل هذا يضم أجزاء من أراضيها".
كما أشار إلى أن التقرير ذكر فقط السلطة الفلسطينية من دون أي ذكر للفصائل الفلسطينية الأخرى. وتابع "كيف يمكن أن تقبل السعودية أن تدفع الرشى للمسؤولين الفلسطينيين مقابل إقامة دولتهم".
واعتبر القحطاني أن مثل هذه المزاعم تأتي ضمن "المشروع الإيراني الذي يدعمه الغرب".