وبعد استقلال الجنوب، وتبني التجربة الاشتراكية وتأثير الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشرقي على نمط الحياة في الجنوب اليمني، حظيت المرأة باهتمام خاص، تمثل في الحفاظ على مكتسباتها السابقة وإصدار تشريعات تعزز دورها في المجتمع.
ولعل أبرز وأهم إنجاز تشريعي حصلت عليه المرأة الجنوبية، هو إصدار قانون الأسرة في بداية سبعينيات القرن الماضي، الذي نص على منع تعدد الزوجات، واعتبر الطلاق غير ساري المفعول إلا أمام المحكمة، وغيرها من الفقرات التي تعزز المساواة والشراكة.
وبعد إعلان الوحدة عام 1990، وتنامي دور القوى التقليدية في المجتمع ألغيت كل هذه التشريعات، وشنّت الجماعات الدينية المتطرفة حملة منظمة لنسف الإنجازات، التي حصلت عليها المرأة.
وعقب اجتياح الجنوب عاشت المرأة الجنوبية حالة من الرعب بسبب ممارسة هذه الجماعات تجاه المرأة المتحررة.
مرحلة جديدة
تقف المرأة الجنوبية على أعتاب مرحلة جديدة، في الوقت الحالي، فالنجاحات، التي حققتها الثورة الجنوبية على الأرض أدت إلى تقلص نفوذ الجماعات التقليدية في المجتمع، وشجعت المرأة الجنوبية على العمل لا ستعادة ما سلب منها إبان سيطرة حزب الإصلاح وحلفائه من القوى التقليدية القبلية.
وبدأت الناشطات الجنوبيات، في مختلف التخصصات، في إنشاء منظمات إبداعية ومهنية وحقوقية وسياسية لا ستعادة ماسلب منها ، ولمجاراة التطور العالمي.
جنوبيات من أجل السلام
ويأتي إشهارمجموعة "نساء جنوبيات من أجل السلام" في إطار هذا التوجّه، الذي شاركته فيه مجموعة من النساء من مختلف محافظات الجنوب.
وتحظى المجموعة بدعم المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يناضل من أجل استعادة الدولة الجنوبية المستقلة وعاصمتها عدن.
التغلب على المخاطر
قالت الدكتورة آمنه صالح الشهابي، الناشطة الجنوبية، خلال الاحتفال بتدشين المجموعة، أن رؤية نساء الجنوب تتبلور في المشاركة في بناء دولة مدنية لديها مؤسسات فاعلة تقوم على مشاركة السلطة والتوزيع العادل في تطبيق القانون والعدالة الانتقالية والاجتماعية وضمان مشاركة نساء الجنوب، ذوات الكفاءة، في كافة الإجراءات والتدابير المتعلقة بالأعمار وإعادة الإعمار وفق الوعود المقدمة من قبل دول المنطقة والمجتمع الدولي على أساس مبدأ المساواة والشفافية.
وطالبت آمنه، بإزالة المخاطر المتمثلة في انتشار السلاح ونزعه وفقا لخطة وطنية وأن يكون للمرأة الجنوبية دور فاعل ومؤثر في عملية دمج الشباب في المجتمع من خلال توفير فرص عمل من أجل ضمان تحقيق السلام.
تحديات كبيرة
ولفتت إلى أن المرأة تعاني من تدخلات في الصلاحيات وتعدد جهات اتخاذ القرارات، وتجاهل مبدأ الكوتا 30 في المئة، إضافة إلى إقصاء النساء، ذوات الكفاءة والتخصص في كل المجالات، من أداء أدوارهن والتركيز على طيف نسائي واحد، وهو ما جعل المرأة الجنوبية تعاني في بعض المحافظات الجنوبية من الموقف الذكوري وتعرضها للنظرة الدونية، الذي يؤدي إلى حرمانها من حقها في التعبير.
كيان أبيض
وتقول ثريا سالم مجمل، عضو مجموعة جنوبيات من أجل السلام: "نريد أن نقول للعالم أن المرأة الجنوبية لديها مسؤلية كبيرة من أجل بناء مجتمع مسالم وفقا للمبادىء والقيم الإنسانية، التي تنبذ كل مايعكر صفو السلام، استناد إلى قرار مجلس الأمن 1325، الذي يؤكد على أن المرأة عنصر فاعل في إحلال السلام والأمن.
وأضافت ثريا، عندما قمنا بإنشاء مجموعة نسوية جنوبية وضعنا همنا الأكبر في إعلان "كيان أبيض" جئنا به في واقع تلون بالصراعات، وتكدر بالنزاع، وسنستمر بمسيرة السلام من أجل تحقيق الأهداف المرجوة لإعادة مجد المرأة الجنوبية في كل الميادين رغم إنعدام البيئة الملائمة لمشاركة المرأة الجنوبية في مواقع اتخاذ القرار.