تشكل منطقة شرق إفريقيا وموقعها الجغرافي الاستراتيجي الواقع على طرق التجارة العالمية الذي يمتد من رأس مضيق باب المندب إلى الساحل الإفريقي دافعًا رئيسيًّا للصين، كونها جزءا من خزان العالم الاستراتيجي من الموارد الطبيعية والثروات المعدنية الشيء الذي جعل من علاقة الصين بإفريقيا تعتبر شكلا جديدًا من أشكال الاستعمار استغلت فيه الصين موارد إفريقيا من المعادن والطاقة لصالح دفع نموها الاقتصادي.
ومنذ عام 2000 أصبحت الصين المنافس والشريك الذي يلي الولايات المتحدة وفرنسا في القارة الإفريقية، لما تتمتع به من قوة اقتصادية هائلة جعلتها تقوم بهذا الدور بفاعلية واقتدار، وفي أكتوبر 2000 بادرت الصين إلى إنشاء منتدى التعاون الصيني-الإفريقي لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين الصين والبلدان الغفريقية في القطاعين العمومي والخاص، وقد أصبح مؤخراً يضم في عضويته أكثر من 45 دولة غفريقية، وهو ما أسهم في ترسيخ التغلغل الصيني في إفريقيا، ووضع العلاقات الاقتصادية الصينية-الإفريقية في مسار سريع، حيث نمت التجارة الثنائية بين الصين وإفريقيا من 10.6 مليار دولار في عام 2000، إلى 222 مليار دولار في عام 2014، و من المنتظر أن تناهز 400 مليار دولار بحلول 2020. كما نقل "مركز الدراسات الإستراتيجية والدبلوماسية".
التنين الصيني في مواجهة فرنسا على الأرض الأفريقية
حيث اجتمع مسؤولين صينين مع الحكومة الفرنسية في أغسطس/آب الماضي في العاصمة الفرنسية باريس لوضع حد للميثاق الاستعماري الذي فرضته فرنسا على 14 دولة أفريقية، وتحاول الحكومة الضغط لإلغاء هذا الاتفاق مع دول أفريقية تمتلك فيها بكين مصالح هامة من أصل 14 دولة يشملها الميثاق، وتضم قائمة الدول المعنية، كلًا من الكونغو، بنين وبوركينا فاسو وغينيا بيساو وكوت ديفوار ومالي والنيجر والسنغال وتوغو والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد والكونغو برازافيل وغينيا الاستوائية والغابون، كما نقل موقع "أفريقيا 24".
الصين و60 سنة من العلاقات الدبلوماسية مع السودان
أعلن الزعيم الصيني، في فبراير من هذا العام، أن السودان من أوائل الدول الأفريقية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين، منوهاً إلى أنه على مدى السنوات الستين الماضية، ظلت العلاقات الثنائية تتطور بطريقة صحية ومستقرة، وحقق التعاون في مختلف المجالات نتائج مثمرة.
وفي الوقت نفسه أعلن أن بلاده تراقب الموقف عن كثب. مشددا على أن "الصين بصرف النظر عن كيفية تطور الوضع ستواصل تطوير العلاقات الودية".
وتعد السودان بالنسبة للصين "بوابه أفريقيا الكبرى" وهي محط اهتمام كبير لها على مستوى القارة الأفريقية، حيث دخلت الصين إلى السودان في عام 1995 بشكل أكبر عندما دخلت مؤسسة البترول الوطنية الصينية "CNPC" إلى البلاد، مما أدى ذلك إلى تحويل العلاقات من التقليدية إلى الاستراتيجية.
وتريد الصين من توغلها في السودان، بعد خروج الشركات الأمريكية منها منذ منتصف عام 1990، امتلاك دور مؤثر فاعل على الصعيد الإفريقي خاصة بعد أن أدركت أهمية إفريقيا.
ويبدو أن الصين، وفق تصريحاتها حول الأحداث الجارية في السودان، تريد ضمان مصالحها وخاصة النفطية، في الوقوف بشكل محايد دون دعم طرف على آخر.
النفوذ الصيني في إثيوبيا
مضت إثيويبا في علاقتها مع الصين طامحة بأن تكون مثل دول شرق آسيا؛ تايوان أو ماليزيا أو الصين نفسها، ولذلك فتحت باب الاستثمار الأجنبي المباشر على مصراعيه، من أجل تسريع تطوير قدراتها التصنيعية، وفيما كان هدف الصين من ضخ ما يقارب 15 مليار دولار سنويًا للاستثمار في الدول الأفريقية منذ عام 2015، هو تأمين مشترياتها في مجال الموارد الطبيعية، كانت هدفها في إثيوبيا التي تفتقر إلى الموارد الطبيعية هو إنشاء طرق تجارية بهدف غزو الأسواق الأوروبية والأفريقية المجاورة بمنتجاتها، فإثيوبيا لها موقعها الاستراتيجي المتاخم لدولة جيبوتي، حيث تمتلك الصين قاعدة بحرية مما يتيح الوصول إلى الأسواق الأوروبية عبر قناة السويس.
فقد حققت أديس أبابا أحد أعلى معدلات النمو في العالم، فاقتربت معدلات النمو من 10% سنويًا لأكثر من عقد، بعد أن كان معدل النمو فيها 3% فقط في أوائل التسعينيات، وتظهر الأرقام أن إجمالي الناتج المحلي بلغ 54.8 مليار دولار في عام 2014، بارتفاع حوالي 30 مليار دولار في عام 2010، فنصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي أصبح عند مستوى 550 دولارًا، مقارنة بمتوسط 1700 دولار في أفريقيا، كما تحسن مؤشر التنمية البشرية في إثيوبيا بنسبة 45% على مدى السنوات الـ15 الماضية، وهي الفترة التي تضاعف فيها الدخل القومي الإجمالي للفرد.
ويقف وراء المقاييس الاقتصادية القوية لإثيوبيا، تبني الحكومة لمشاريع التنمية على الطريقة الصينية، إذ تحتفظ الشركات العامة فيها باحتكار العديد من مجالات الاقتصاد، بينما لا يمكن للمواطنين امتلاك أي ملكية خاصة، وهي الآن تسعى لأن تصبح مركزًا للاقتصاد بالمنطقة بفضل الطرق الدولية والسكك الحديدية التي تصلها مع دول الجوار.
قاعدة عسكرية ولوجيستية في جيبوتي
في شهر يوليو/تموز الماضي أرسلت بارجتين بحريتين إلى القرن الأفريقي وبالتحديد إلى جيبوتي حيث تملك قاعدة عسكرية ولوجيستية هناك. 400 عسكري أصبحوا يتواجدون في هذه القاعدة. الهدف هو تأمين طرق الملاحة في القرن الأفريقي على مستوى خليج عدن والقرن الأفريقي فضلا عن تأمين سلامة الجنود الصينيين المساهمين في قوات حفظ السلام بدول أفريقية عدة، كما نقل موقع "فرانس 24".
ينظر الغرب إلى العلاقة الصينية الأفريقية الناشئة بنوع من الخوف والحذر. ففرنسا مثلا ترى تأثيرها الاقتصادي يتراجع بشكل كبير في الجزائر بعدما كانت الشريك التجاري الأول في منطقة شمال أفريقيا. نفس الشيء أيضا بالنسبة للمغرب الذي بدأ يرفع من تبادلاته التجارية مع الصين.