الملعب الذي يفصل بين منطقة جوبر الشهيرة التي كان يسيطر عليها تنظيما "جبهة النصرة" و"فيلق الرحمن"، وبين الأحياء الشرقية لدمشق، شهدت أسواره الشرقية قيام تنظيم القاعدة بتفجير الانتحاريين بعربات مفخخة، كما دارت في محيطه القريب إلى جوبر أشرس المعارك وأعنفها أثناء التصدي لموجات متتالية من محاولات الهجوم المستميتة على العاصمة عبر ذلك المحور.
لم يتضح حجم الدمار الهائل الذي لحق بالملعب وبساحة العباسيين التاريخية الشهيرة المحاذية له، إلا بعد استكمال ترحيل الإرهابيين من جوبر والغوطة الشرقية لدمشق في مارس/آذار 2018، لتبدأ اليوم الدعوات لإعادة تأهيل هذا الملعب الذي يختزن جزءا مهما من ذاكرة السوريين الرياضية وناظما نفسيا لتوازنها، حيث لا يمكن لأي سوري أن يتخيل الرياضية في بلاده دون هذا الملعب.
في أول زيارة تقوم بها فعاليات شعبية منذ 9 سنوات، جمعية الصم والبكم بدمشق DCS، نظمت مساء أمس الخميس سباق ماراثون لذوي الاحتياجات الخاصة من مرضى "التوحد والصم والمكفوفين ومصابي الشلل الدماغي والإعاقة الحركية ومتلازمة داون"، وذلك بمناسبة إعادة افتتاح ملعب العباسيين الرياضي، تمهيدا لانطلاق عمليات إعادة تأهيله بعد 9 سنوات من إغلاقه.
وانطلقت الفعالية عند الساعة الخامسة من مساء الخميس، من ساحة باب توما باتجاه ملعب العباسيين، حيث أقيمت احتفاليات جماهيرية ورسمية بمناسبة إعادة افتتاح الملعب العريق الواقع بجانب ساحة العباسيين.
وبهدف تأمين الرعاية الطبية والصحية للمشاركين في الماراثون، شارك أطباء الميددوز في تشكيل عدد من الوحدات الطبية الإسعافية على طول خط سير الماراثون لتقديم الإسعافات اللازمة للإصابات اللازمة التي قد تلحق بالمشاركين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وملعب العباسيين هو استاد كرة قدم دولي يمتد على مساحة 60 ألف متر مربع ضمن المدينة الرياضية التي تبلغ مساحتها 100 ألف متر مربع، ويعتبر الملعب الرئيس للمنتخب السوري لكرة القدم وأندية دمشق: الجيش والمجد والوحدة.
واحتضن الملعب خلال العقود الماضية مختلف الفعاليات الوطنية حيث غصت مدرجاته بالحضور، ولعل أبرز ما تستعيده الذاكرة في هذا الخصوص، القداس الذي أقامه قداسة البابا مار يوحنا بولس الثاني خلال زيارته إلى سوريا عام 2001 على خطى بولس الرسول من أجل أن يحل السلام في الشرق الأوسط ورفض مبدأ احتلال أراضي الغير بالقوة، وقد حضر القداس التاريخي آنذاك عشرات الآلاف من السوريين مسيحيين ومسلمين.
كما شهد الملعب مئات الحفلات المتنوعة ولا يغيب عن الذاكرة حفل المطرب الراحل فريد الأطرش في سبعينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى المناسبات الرياضية الاعتيادية كدورة الألعاب العربية في عام 1976، ومشاهد نهائي كأس غرب آسيا في عام 2002 بين العراق والأردن.
وتم إغلاق الملعب عام 2011 خلال السنة الأولى لاندلاع الحرب الإرهابية على سوريا، وذلك بعد تعرضه للعديد من القذائف الصاروخية التي كانت تطلقها الجماعات الإرهابية المسلحة من منطقة جوبر القريبة بالغوطة الشرقية لدمشق، والتي أدت إلى وقوع إصابات بالغة لحقت برياضيين.
وكان يتضمن الملعب فيما سبق صالات رياضية كبيرة تمتد تحت مدرجاته وخصصت كمراكز للألعاب الرياضية المختلفة والمجانية كالملاكمة والجودو والكاراتيه وألعاب القوة البدنية وكمال الأجسام ورفع الأثقال وصالات ألعاب الشطرنج والرماية والبلياردو وألعاب القتال الفردي وغيرها..
وبني الملعب سنة 1957 ليتسع لـ 10000 متفرج، وتم تحديثه مرتين الأولى كانت من أجل استضافة دورة الألعاب العربية في عام 1976 فأصبح يتسع إلى 40000 متفرج، أما المرة الثانية فتم تجهيزه فيها بالمقاعد عام 2011، ويعتبر الملعب رابع أكبر ملعب كرة قدم في سورية من حيث السعة بعد استاد حلب الدولي واستاد مدينة الأسد الرياضية في اللاذقية وملعب خالد بن الوليد في حمص.
