تستضيف باريس الحدث الذي تعقد عليه الآمال الإنقاذية من قبل السلطة الحاكمة، حيث ستحاول فرنسا والضيوف من الدول الأوروبية الأخرى إيجاد صيغة ومعجزة جديدة لإبقاء أركان النظام القائم على حاله خوفا إلى تدهور الأوضاع إلى الأسوء أي إلى الانهيار التام.
وفي السياق نفسه، وجدت الدول الأوروبية والغربية فرصتها الذهبية للانقضاض على لبنان ووضع شروط سياسية واقتصادية جديدة على البلاد تقدمها إلى أطراف السلطة وأحزابها لإنقاذهم من الانهيار القادم.
سياسيا، ستحاول فرنسا خلق معجزة إيجابية في المؤتمر المقام على أراضيها لتقديم المساعدة للبنان ولتضع نفسها مرة أخرى كأقرب دولة أوروبية لهذا البلد المشرقي الذي لطالما اعتبر أرضا خصبة لباريس وسياساتها على مدى العقود والسنوات.
لا شك أن عودة الحريري ليست مقتصرة على رأيه ورغبته فحسب وليس على رغبة الأطراف السياسية الداخلية والخارجية بل على الدول الكبرى والغربية المشاركة في المؤتمر الباريسي حيث أن نجاح المؤتمر يحدد مصير الحريري وحصول الاستشارات النيابية المقررة الإثنين القادم في السادس عشر من ديسمبر/ كانون الأول. أما فشل الوصول إلى المعجزة سيؤدي إلى تأجيل الاستشارت النيابية وبالتالي يدفع الأمور إلى المجهول ويعقد الوضع الاقتصادي والاجتماعي أكثر.
في حال فشل المعجزة الفرنسية سيتم إرجاء موعد الاستشارات النيابية مجددا إلى السنة المقبلة ما يعطي الأطراف السياسية مجالا للتفاوض وايجاد أسماء أخرى، لكن من الجهة الشعبية ستكون لهذه الخطوة ارتدادات سلبية خطيرة على الشارع خصوصا مع تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية يوميا.
السيناريو الثاني هو إعطاء جرعة أمل غربية لمساعدة لبنان وبالتالي تكليف الحريري مجددا من قبل الأكثرية النيابية سيكون هدفها امتصاص الاعتراضات السياسية على تكليفه والاتجاه نحو خطوة تسمية الوزراء لتشكيل الحكومة والغوص بمسألة التركيبة الحكومية الذي قد سيؤدي إلى إطالة أمد الأزمة وعدم التوصل إلى تركيبة جامعة في ظل تعنت البعض ورفض البعض الأخر ما سينعكس على الشارع الذي يدوره سيكون مادة كباش سياسي بين الأطراف السياسية المختلفة على الحصص وبالتالي إضاعة الوقت والفرص.
أخيرا، لا شك أن السلطة السياسية بواد والمواطنون بواد آخر وهذا واضح من خلال البطء الشديد الذي اعتادت عليه القوى لتشكيل الحكومات خلال سنوات الماضية، معتبرة أن مع الوصول إلى الصيغة المشتركة يمكن انقاذ البلاد والعباد، لكن ما ليس مألوفا عند الطبقة السياسية اللبنانية أن الانهيار الحاصل هو انهيار أصبح من الصعب ايجاد ترقيعات مناسبة له لتمديد العمل بنفس السياسة في قطاعات الدولة المنهوبة والتي تفشى فيها الفساد لمستويات قياسية ولا مبادرات من أحد للمحاسبة لأن الجميع مشترك ولا من يحاسب المحاسبين.
فلنرى المعجزة أو الانهيار في بلد بات بين قوسين أو أدنى دوليات فيها سلطات متناحرة.