الخطوة التي تأتي تمهيدًا لتشكيل حكومة وحدة وطنية، اعتبرتها القائمة العربية المشتركة خيانة، في ظل دعمها لغانتس بمواجهة نتنياهو أثناء الانتخابات النيابية الأخيرة، وكذلك أوصت به أمام الرئيس الإسرائيلي، قبل أن يعقد صفقته الأخيرة.
وفي ظل التحول المفاجئ لموقف غانتس، والذي طالما أكد على أهمية القائمة باعتبارها القوة الثالثة في الكنيست، بات من المهم الإجابة عن تساؤلات عدة بشأن سبب الموقف الأخير لغانتس ولماذا أدار ظهره لحلفائه.
رئاسة الكنيست
وانتخب زعيم تحالف "أزرق أبيض" بيني غانتس رئيسا للكنيست، وذلك في إطار صفقة مع حزب "الليكود" بقيادة بنيامين نتنياهو.
وفي أول كلمة له بعد انتخابه، قال غانتس إن "الديمقراطية انتصرت"، مضيفا أن انتخابه جاء "من أجل توحيد الناس"، حسب تعبيره.
وحسب التقارير الإعلامية، فإن انتخاب غانتس رئيسا للكنيست يأتي تمهيدا لتشكيل حكومة وحدة وطنية بين غانتس ونتنياهو، على الرغم من أنه لم يتم الإعلان عن أي تحرك من هذا القبيل رسميا.
وهنأ نفتالي بينيت، وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس على قيامه بـ"خطوة شجاعة بالانضمام لحكومة برئاسة نتنياهو".
وتسببت خطوة غانتس بالانقسام في تحالف "أزرق أبيض"، وواجه غانتس انتقادات من قبل شركائه السابقين في التحالف، الذين اتهموه بـ"تقسيم "أزرق أبيض" من أجل دخول حكومة نتنياهو"، حسب تعبير زعيم حزب "هناك مستقبل" يائر لابيد.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد دعا مرارا إلى تشكيل حكومة وحدة لمواجهة أزمة فيروس كورونا، بينما تعثرت جهود بيني غانتس لتشكيل حكومة جديدة دون الدخول في حكومة واحدة مع نتنياهو، الأمر الذي كان قد تعهد به غانتس قبل وبعد الانتخابات الأخيرة التي جرت في 2 مارس/آذار.
ضعف شخصية
محمد حسن كنعان، القيادي في القائمة المشتركة، النائب السابق في الكنيست، قال إن "بيني غانتس تخلى عن كل حلفائه اللذين أوصوا عليه أمام الرئيس الإسرائيلي، لتولي رئاسة الوزراء".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "تصرف غانتس أثبت أنه شخصية ضعيفة أمام نتنياهو، وغير قادر على المواجهة، ولا يستطيع حتى الاعتماد على الأغلبية التي حصل عليها".
وتابع: "عمليًا غانتس خان حزبه اللذي خاض معه الانتخابات، وفضل الكراسي على المبادئ التي آمن بها قبل تحوله بيومين فقط، عندما توجهوا إلى محكمة العدل العليا".
وأكد أن "غانتس تخلى عن إخوانه في قائمة أزرق أبيض، وداعميه سواء من القائمة العربية المشتركة، أو ليبرمان وآخرين، واللذين منحوه أغلبية 61 مقعدًا".
وأنهى حديثه قائلاً: "غانتس تجابن وتخازل أمام نتنياهو وفضل أن يكون جزءًا من حكومة اليمين الفاشي التي تحكم منذ 10 سنوات، هذا هو الواقع المؤلم للأسف، والأيام المقبلة ستكشف الكثير من الأمور الخفية".
نزعة إسرائيلية
من جانبه قال الدكتور أسامة شعث، أستاذ العلوم السياسية والمستشار الفلسطيني في العلاقات الدولية، إن "بيني غانتس كانت أمامه فرصة ثمينة لتشكيل حكومة مدعومة من القائمة العربية المشتركة، لكنه رضخ لعقله الباطن ذو النزعة الصهيونية العنصرية التي لا تقبل الشراكة مع العرب بأي حال".
وتابع: "ما فعله بيني غانتس أنه كشف عن حقيقته العنصرية وهذا يدلل على أن الأيديولوجية الصهيونية بغض النظر عن الاختلافات الحزبية، مهما بلغت شدتها تظل ثانوية أمام اختلافها مع العرب".
التحالف مع العرب
ومضى شعث قائلًا: "فعليا القائمة العربية المشتركة شكلت القوة الثالثة في الكنيست الحالي والسابق وهي بالعادة لا تدخل في ائتلافات إسرائيلية ولكنها كانت ستصوت لصالح غانتس إذا استجاب لمطالب وحقوق المجتمع العربي ولو بالحد الأدنى".
واستطرد: "ومنها الحقوق الخدماتية كالرعاية الصحية والبنية التحتية وغيرها، ومنها ما يتعلق بالمواقف السياسية كالموقف من صفقة القرن والاستيطان والقدس والأغوار وحل الدولتين وغيرها من قضايا، والتي تعد محل توافق وإجماع عليها بين الأحزاب الإسرائيلية عموما".
وأنهى حديثه قائلًا: "لذلك بيني غانتس أو غيره يختلف ثانويا مع نتنياهو، لكنه لا يختلف عنه استراتيجيا فالجميع منهم ذو نزعة عنصرية واستيطانية توسعية تقوم على فكرة المصادرة والضم والإحلال والتهويد".
القائمة تدين
بدوره قال منصور دهامشة، سكرتير عام الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، ووكيل القائمة العربية المشتركة، إن "تشكيل حكومة، من هذا النوع، في إسرائيل يعد انتصارا ساحقا لنتنياهو وفشلا ذريعًا لغانتس، الذي أثبت فشله في هذا الأمر، بعد أن كانت لديه الأغلبية الكافية التي تمكنه من تشكيل الحكومة".
وعن السبب في تغيير غانتس لخطته بشأن عدم التحالف مع نتنياهو، قال دهامشة: "هو متردد كثيرا، وما حدث يؤكد أنه جاهل بالعمل السياسي، وليس لديه مقدرة الثبات على الموقف".
وأدانت القائمة المشتركة انضمام رئيس "كاحول لافان"، بيني غانتس، إلى حكومة بقيادة بنيامين نتنياهو، وقالت في بيان، مساء الخميس، إن "غانتس أثبت في هذه الخطوة بأنه لا يملك عامودًا فقريًا سياسيًا".
وشددت المشتركة على "أن توصيتها على غانتس كانت توصية تهدف إلى سد إمكانية توكيل نتنياهو بتشكيل الحكومة من جديد، وأن الهدف الوحيد لهذه التوصية كان إسقاط نتنياهو لا دعمًا لغانتس، لوعينا التام لمدى الخطورة الكامنة في تشكيل حكومة يمين متطرف استيطاني".
وأشارت المشتركة في بيانها إلى أنّ "غانتس نقض وعده لشركائه في كاحول لافان ولكافة المواطنين أيضًا، ما أدّى إلى أن يعارض نصف أعضاء حزب كاحول لافان خطوة غانتس، وإلى انشقاق هذا الحزب إلى شطرين". وأكدت المشتركة أن "غانتس عمليا بخطوته اليوم ساهم في استمرار نتنياهو في الحكم".
يشار إلى أنه أجريت الانتخابات البرلمانية للكنيست الـ23، في الثاني من الشهر الجاري، وحصل حزب "الليكود" الحاكم، بقيادة نتنياهو، على 36 مقعدا، في حين جاء حزب "أزرق أبيض"، بزعامة غانتس، في المرتبة الثانية بحصوله على 33 مقعدا فقط.
وحصلت "القائمة المشتركة" على 15 مقعدا، فيما حصل حزب "شاس" على 9 مقاعد، وحزب "يسرائيل بيتينو" على 7 مقاعد، وحزب "يهدوت هتوراه" 7 مقاعد، وكتلة "العمل - غيشر - ميرتس" 7 مقاعد، نهاية بحزب "يمينا" الذي حصل على 6 مقاعد.
