لأعلى تاريخيا
قال الدكتور محمد الناير الخبير الاقتصادي السوداني، إن الإجراءات الحكومية الأخيرة من زيادة المرتبات للقطاع الحكومي ومحاولة القضاء على الأزمات، على سبيل المثال زيادة المرتبات غير مسبوقة وتكاد تكون الأعلى في تاريخ البلاد، حيث أن الحد الأدنى 3 آلاف جنيه والأعلى 50 ألف جنيه، وهذه الزيادات الكبيرة وغير المسبوقة قد تتطلب تعديلات في الموازنة في بند مرتبات العاملين نظرا لأن الزيادة الجديدة تجاوزت الـ560 في المئة، في الوقت ذاته الموازنة تعاني من مشاكل، نظرا لأنها موازنة متضخمة وتزيد عن موازنة العام السابق بنسبة 200 في المئة.
ما بعد كورونا
وأضاف الناير، زيادة المرتبات بلا شك أنها تعالج أشياء محددة، حيث يبلغ عدد العاملين في القطاع العام حوالي نصف مليون مواطن، وإن افترضنا أن كل أسرة بها 5 أفراد، هذا يعني 2 ونصف مليون نسمة هم من يستفيدوا من المرتبات وهم يشكلون حوالي 6 في المئة من عدد السكان البالغ 43 مليون نسمة، وهذه نسبة ضئيلة جدا، لأن الكثير من شرائح المجتمع يعملون في القطاع الخاص.
وتابع "هذا يتطلب معالجات حكومية لهذا القطاع العريض، ليس تحديد الأجور وإنما رفع الحد الأدنى لتلك الأجور، وهذا يتطلب توافق بين الحكومة والقطاع الخاص واتحاد نقابات عمال السودان وهو الجهة الثالثة، وفي الظروف الراهنة أعتقد أنه من الصعب التوافق على عملية رفع الأجور في القطاع الخاص، نتيجة عدم اكتمال الهياكل الخاصة باتحاد أصحاب العمل، واتحاد نقابات عمال السودان".
نسبة الفقر
وأوضح الخبير الاقتصادي، نظرا لأن نسبة الفقر تتخطى الـ65، ما يعني أن نسبة كبيرة جدا من المواطنين ليس لهم علاقة لا بالقطاع العام ولا بالخاص، من أصحاب المهن الحرة والعمالة اليومية، وقد أعلن وزير المالية في أكثر من مناسبة بأنه يربط بين قضية رفع المرتبات المعلن عنها ورفع الدعم عن المحروقات وتحرير سعر الصرف، وهى الروشتة التي يصفها دائما صندوق النقد الدولي، الوضع أصبح حرج جدا ولا نعلم ماذا سيقول وزير المالية في ظل انخفاض أسعار برميل النفط إلى أقل من 20 دولار وهو يدرس رفع الدعم عن المحروقات.
معالجات هيكلية
وأكد الخبير السوداني أن البلاد تحتاج إلى معالجات هيكلية تؤثر إيجابا في المستقبل وتعتمد على الإنتاج والإنتاجية، وبشكل خاص في الإنتاج الزراعي والحيواني، واتجاة الاقتصاد السوداني إلى الطريق الصحيح يتوقف على المعالجات في المدى المتوسط والبعيد، وهناك أشياء إيجابية منها أن العالم ما بعد وباء كورونا المستجد سوف يتشكل من جديد، وقد لا تكون أمريكا ما بعد كورونا هى أمريكا ما بعد كورونا، والسودان من أكثر البلاد تضررا وتأثرا بالعقوبات الأمريكية، فالتغيرات على المستوى الإقليمي والدولي سوف تصب في مصلحة الكثير من البلدان وعلى رأسها السودان، كما أن هناك تغير إيجابي أيضا متمثلا في المبادرة التي طرحت من جانب دولة الكويت ولاقت تجاوبا من دول الخليج الست لتأمين الغذاء، تلك الدول لديها الأموال والسودان لديه الموارد والإمكانات الطبيعية، وقد ذكرت إمكانات السودان الزراعية والمتمثلة في أكثر من مليوني فدان صالحة للزراعة وما يقام عليها من تربية ماشية ورعي وتصنيع زراعي وحيواني والمصادر المائية المتنوعة، وهو ما يعني أن السودان تمثل سلة الغذاء العربي إذا استغلت مواردها.
بداية الطريق
ومن جانبه قال عبد العظيم عبد المطلب عضو تجمع الكفاءات السودانية بالخارج، إن الحكومة السودانية بدأت تضع أقدامها على الطريق الصحيح، وانخفاض سعر الدولار أمام الجنيه وزيادة المرتبات بتلك النسبة الكبيرة، هي مؤشر على البدايات.
ومنذ 21 أغسطس/ آب الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي.