ويرى مراقبون أن اتفاق الرياض ربما تجاهل الكثير من القوى السياسية والفصائل المسلحة وتعامل مع الجنوب على أنه المجلس الانتقالي فقط، هذا الأمر قد يقود إلى صراعات بين المناطق وبين القوى السياسية وبعضها، حيث كان الأولى أن يكون هناك مؤتمر وطني جنوبي يجمع كل الأطراف لإغلاق الباب أمام المخططات التي تستهدف الجنوب، في حين يرى فريق آخر أن الانتقالي حقق الكثير ووضع الجنوب على الطاولة باعتباره عنصر فاعل لا يمكن تجاهله، وتشكيل الحكومة مناصفة مع الشرعية خير مثال.
مشروع للتقسيم
قال رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية باليمن عبد الكريم سالم السعدي: "أعتقد أن ظواهر ما يحدث في الرياض وما يتمخض عنها من مسميات لاتفاقات وغيرها، تؤكد أن اليمن عامة وليس الجنوب فقط بات مشروعا للتقسيم والتمزيق، فما يحدث في العاصمة السعودية وبمباركة حليفتها في التحالف دبي، يذهب بخطى ثابته نحو تمزيق اليمن عامة".
وتابع السعدي: "حضور أبناء حضرموت وأبناء المهرة وسقطرى وأبناء عدن بوفود مشاركة ومستقلة، والأصوات التي ترتفع للمطالبة بضرورة إشراك محافظات أبين وشبوة، وإصرار الإمارات على تبني محافظة لحج من خلال الانتقالي في هذه الاتفاقات، كلها مؤشرات على نجاح دول التحالف في تمزيق الجنوب من خلال أدواتها ووكلائها على الساحة الجنوبية خاصة واليمنية بشكل عام".
هدف شمالي
من جانبه قال الخبير الاستراتيجي اليمني الدكتور ثابت حسين: "إن تقسيم الجنوب هدف لمراكز النفوذ في الشمال وبعض القوى الإقليمية حتى يسهل إضعافه وإبقائه تحت السيطرة، حتى مشروع الدولة الإتحادية من ستة أقاليم تصب في نفس الهدف ولا تستهدف الشمال، لأن الشمال كان وسيظل تحت سيطرة نظام مركزي دكتاتوري في صنعاء أيا كان الحاكم".
وأكد حسين أن "الصراع الآن بين الانتقالي والشرعية يدور حول هذا بالذات، واعتقد أن الانتقالي سينتصر لأن وراءه شعب مصمم على استعادة الدولة الجنوبية وهو في طريقه إلى كسب التأييد الإقليمي والدولي".
تطلعات الجنوب
قال عضو الجمعية الوطنية نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بدر الدين هندا، إن "اتفاق الرياض لم يغلق أو يسد الباب أو يكون عقبه أو معرقل لمواصلة نضال شعب الجنوب من أجل نيل حريته واستقلاله واستعادة دولته المستقلة ذات السيادة بالحدود المعترف بها دوليا قبل 22مايو/ أيار1990م.
وتابع هندا: "اتفاق الرياض سيكون محطة ويفتح آفاق جديدة لتقارب الجنوبين حيث سيكون الجنوبيون هذه المره قريبين من بعض، وسوف يتم الاستماع والإصغاء لبعضهم البعض، وهذا الاتفاق يعتبره المجلس الانتقالي عامل مهم من عوامل توحيد الجنوبيين، ومن يقولون عكس ذلك فهم متآمرون ويريدون خلق حواجز وفراغات لعدم تقارب الجنوبيون في المرحلة القادمة".
ونقلت وكالة الأنباء السعودية، عن مصدر مسؤول قوله إن "المملكة قدمت، للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض"، بينما صرح مصدر مسؤول بأنه انطلاقا من حرص حكومة المملكة العربية السعودية على تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي تم توقيعه في الخامس من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2019، واستكمالا لجهود المملكة في تحقيق الأمن والاستقرار وتنفيذ اتفاق الرياض، فقد قدمت المملكة للطرفين آلية لتسريع العمل بالاتفاق عبر نقاط تنفيذية تتضمن، استمرار وقف إطلاق النار والتصعيد بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي والذي بدأ سريانه منذ 22 / 6 / 2020.
وأضاف المصدر: "أنه جرى العمل على جمع طرفي الاتفاق في الرياض، وبمشاركة فاعلة من الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة وقد استجاب الطرفين وأبديا موافقتهما على هذه الآلية وتوافقا على بدء العمل بها، لتجاوز العقبات القائمة وتسريع تنفيذ اتفاق الرياض، وتغليب مصالح الشعب اليمني وتهيئة الأجواء لممارسة الحكومة لجميع أعمالها من عدن وانطلاق عجلة التنمية في المناطق المحررة، والدفع بمسارات إنهاء الأزمة اليمنية وعلى رأسها مسار السلام الذي ترعاه الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن".
وقال المصدر إن المملكة تثمن التجاوب المثمر من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ووفدي الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أدى إلى التوصل إلى هذه النتائج الإيجابية، وتؤكد في ذات الوقت على أهمية الالتزام بما تم التوصل إليه.
وأكد المصدر المسؤول استمرار دعم التحالف الذي تقوده المملكة للحكومة الشرعية اليمنية واستمرار جهود الأمم المتحدة الرامية للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية وفق المرجعيات الثلاث وبما يتوافق عليه أبناء الشعب اليمني.
ويشهد اليمن أزمة إنسانية، بحسب الأمم المتحدة، إذ تقول إن ما يقرب من 80 في المئة من إجمالي السكان -أي 24.1 مليون إنسان بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.
وتقود السعودية، منذ 26 مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، التي سيطرت عليها جماعة أنصار الله "الحوثيين" أواخر عام 2014.