فرد نائب مدير مركز "غامالي" دميتري لوغونوف، في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" على الانتقادات حول تركيز الأجسام المضادة في اللقاح وكيف تختلف المرحلة الثالثة من التجارب في روسيا عن التجارب التي تجريها البلدان الأخرى ومن شارك في تطوير اللقاح الروسي.
دميتري لوغونوف: علماء المركز لم يرتكبوا أية مخالفة، فالمخالفة هنا أن يجبروا تطعيم المواطنين دون الحصول على موافقة وتأمين. فالمطورون لديهم الحق بإجراء اختبارات على أنفسهم، ولم يفعلوا ذلك ليصبحوا أبطالا بل لحماية أنفسهم فهم كانوا يعملون في المنطقة الحمراء أي كانوا معرضين للفيروس. وبلازما المرضى كانت متاحة لنا وتفاعلها مع الفيروس تحت المراقبة، ما هدد صحة موظفينا باستمرار. فمنهم أشخاص كبار في السن وبعضهم يعاني من حالات مرضية مشتركة. والقصة بسيطة تسنت للباحثين فرصة حماية أنفسهم من الفيروس عن طريق إنشاء لقاح على منصة مدروسة بشكل شامل وكل منا واثق بمصداقية نتائجنا ونتائج زملائنا. ولدينا العديد من اللقاحات التي تم إنشاؤها على هذه المنصة التكنولوجية، بما في ذلك اللقاحات المسجلة، ولم نتوقع أية مفاجآت. فقد حاولنا في بداية الأمر حماية أنفسنا ووسطنا الداخلي.
كما أن إعلان هلنسكي (مجموعة من المبادئ الأخلاقية التي تخص التجارب على البشر) ينص بشكل رئيسي على اتباع إجراءات التجارب السريرية ولا ينص على ما ذكر أعلاه. ونحن لم نقم بأية تجارب سريرية في ذلك الوقت، وهذه الادعاءات يمكن أن تكون مبررة فقط في حال أجرينا هذه التجارب. لكننا لم نضف أية بيانات عن تلقيح الموظفين في ملف التجارب السريرية فهذا بالطبع انتهاك...
سبوتنيك: هل يمكنكم التحدث عن الاختبارات التي تحدد الأجسام المضادة الأكثر فعالية ضد فيروس كورونا. وبماذا تتميز هذه التقنية، وما هي خططكم بخصوص الاختبار، وهل سيحصل على براءة اختراع دولية؟
دميتري لوغونوف: الاختبار مطور على أساس تقنية الإلايزا (مقايسة امتصاصية مناعية للإنزيم المرتبط) والتي تم تطويرها أيضا في مركز "غامالي" من قبل دميتري شيبلاكوف وزملائه. ويعتمد الاختبار على تحديد الأجسام المضادة لمستقبلات البروتين "S" التابع لفيروس كورونا، والحقيقة فالأجسام المضادة التي تتفاعل مع هذه المستقبلات هي القادرة على تعطيل الفيروس.
وكذلك الأمر يتعلق بالتحصين (عملية التي من خلالها يصبح نظام الفرد المناعي محصنة ضد عامل ما) فالاختبار يمكنه الكشف كم من مجموع الأجسام المضادة المتكونة في الجسم ستكون قادرة على تحييد الفيروس.
سبوتنيك: كيف تختلف نسبة الأجسام المضادة بين أولئك الذين تلقوا اللقاح وأولئك الذين أصيبوا بفيروس كورونا، وماذا تعني هذه النسبة؟
دميتري لوغونوف: يقارن الباحثون في جميع أنحاء العالم مستويات نشاط المصل لدى الأشخاص في مرحلة التعافي من المرض، مع مستوى النشاط لدى المتطوعين المحصنين.
سبوتنيك: أيمكن للأشخاص المتعافين من فيروس كورونا تلقي اللقاح؟ وهل يمكن أن يتعرض المتعافي لأي آثار غير مرغوب فيها؟
دميتري لوغونوف: لا أعتقد أن هناك أية مشكة هنا، فنحن نتلقى اللقاح ضد الأنفلونزا كل عام لكن رغم ذلك نمرض، كما يمكن أن تكون محصنا العام المقبل بعد أن أصبت هذا العام. والأمر يتعلق بشكل رئيسي بظاهرة استعزاز معتمد على الجسم المضاد (التي تحدث عندما يسهل بروتين فيروسي دخول الفيروس إلى خلية العائل وهي الجسم المضاد في هذه الحالة غير القادر على تعطيل الفيروس بشكل كامل). ويجري الحديث عن هذه الظاهرة بشكل واسع في الوقت الحالي. لكننا لم نشاهدها بعد التطعيم في حالات فيروس "سارس" و"سارس-كوف-2".
وإذا كنا نتحدث عن اللقاحات المهندسة وراثيا فالذين يتلقوها يتعافون ولا يمرضون لهذا ليس هناك أي علامات لظهور استعزاز معتمد على الجسم المضاد الذي يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي. لكن بالطبع هذه الظاهرة تحتاج إلى المزيد من الدراسة.
ومن الملاحظ أن الحيوانات المحصنة التي تلقت اللقاح المعطل نجت رغم المرض والإصابة بمتلازمة فرط الحمضات أما الحيوانات الغير المحصنة التي تلقت اللقاح المعطل نفقت. وعلى أي حال إن سألني أحد ما إن كنت أريد التحصين رغم خطورة الإصابة بمتلازمة فرط الحمضات بعد تلقي اللقاح المعطل كنت قد اخترت التحصين. لكن هذه المشكلة لا تظهر في اللقاحات المهندسة وراثيا. ثم من المعروف أن هذه المشكلة تظهر في حالة لقاح حمى الضنك وأنواع الحمى الأخرى. وعلى الباحثين مراقبة ظاهرة استعزاز معتمد على الجسم المضاد ليس فقط في حالة لقاح فيروس كورونا بل لجميع لقاحات التهابات الجهاز التنفسي. ومن الغباء القول أنه لن يكون هناك لقاح أبدا بسبب هذه الظاهرة فلم أر أي مقال علمي يثبت ذلك بشكل قاطع.
سبوتنيك: كيف يمكنكم التعليق على الانتقادات التي تزعم بأن تركيز الأجسام المضادة في لقاحكم منخفض جدًا؟
دميتري لوغونوف: يبدو أن هناك سوء فهم للمصطلحات أو مجرد استبدال للمفاهيم. لدينا تركيز ضخم للأجسام المضادة 1 على 15000 تقريبا ولم تستخدم وسائل الإعلام المصطلحات بالشكل الصحيح حيث تحدثت عن تركيز تحييد الفيروس وهو 1 على 50 بدلا من تركيز الأجسام المضادة، فلو أنهم انتقدوا الرقم الصحيح لجادلتهم، لكن بما أنه مجرد تشويه للمعلومات فعلى ماذا أعلق هنا.
دميتري لوغونوف: سنفعل كل شيء وفقًا للقانون الروسي. أنا لست قلقًا من التعليقات السلبية تجاهنا. فسيعلق شخص ما على أي حال أن هناك خطأ ما فينا.
ويتم إجراء تجارب سريرية في روسيا ووفقا للقانون رقم 61 وليس هناك خبير في البلاد سيوافق على نتائج تحتوي على انتهاكات، وسيتم تحديد أي خروج من البروتوكول حتى لو كان صغيرا جدا وحتى يمكن الإعلان أن الدراسة غير صالحة وحظرها وبالتالي يتحمل المطورون المسؤولية حسب حجم الانتهاكات فنحن نجري الاختبارات وفق القانون الروسي وإن كان ذلك لا يعجب أحدهم فهذه مشكلتهم.
سبوتنيك: يشير المعلقون إلى المعايير الدولية، وأود أن أفهم كيف تحدث هذه الإجراءات في البلدان الأخرى التي تطور هذه اللقاحات. هل يعملون وفق معايير وقوانين بلدانهم، أم وفق هذه المعايير الدولية التي يفرضها الجميع على روسيا؟
دميتري لوغونوف: في الحقيقة، جميع المعايير متناسقة إلى حد ما. ومن الواضح أن العديد من البلدان تحمي أسواقها ومصنعيها، وهناك شروط لتسجيل الأدوية الأجنبية على أراضيها، وهنا لا تختلف روسيا عن غيرها. نحن نعمل وفق إعلان هلسنكي، لكننا نتلقى اعتراضات بسبب القرار الحكومي رقم 441 الذي يسمح التسجيل تحت شروط صارمة (أي يتم تسجيل الأدوية في حالات الطوارئ في إطار برنامج مسرع وستخضع أسعار الأدوية الحيوية والأساسية لرقابة خاصة كما سيتم تبسيط عملية التسجيل وتقليص عدد الوثائق). وأنا أعتقد أن هذا قرار جيد للغاية إنه لا يفك القيود بل يقيد أيدي المنتجين ويضعهم تحت رقابة صارمة ولكنه في نفس الوقت يمنح درجة معينة من الحرية. لذلك، لا أرى أي مشاكل. إذا أراد أحد أن ينتقد هذا المرسوم الحكومي فهذا عظيم. فربما يكون من الجيد أن يكون هناك رأي مختلف.
سبوتنيك: هل شارك علماء أجانب العلماء الروس في إنشاء اللقاح؟
دميتري لوغونوف: لا، هذا اللقاح تم تطويره فقط من قبل باحثي مركز "غامالي" ولم نتعاون مع الزملاء الأجانب. لكن التكنولوجيا نفسها هي طبقة ضخمة من المعرفة والخبرة العملية العلمية. ويستخدمها الكثيرون حول العالم، كما أن هناك العديد من المنشورات العلمية المتاحة حول الموضوع التي درسناها واستخدمنا نتائجها، لكن تطوير وإنتاجه اللقاح نفذ من قبل العلماء الروس فقط.