ورغم مرور تلك الفترة إلا أن شيئا لم يحدث على الأرض سوى تقسيم المناصب، بينما تسعى الخرطوم بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان "يونيتامس" إلى الإسراع بتشكيل الآلية العليا لمراقبة ومتابعة وتقييم الاتفاقية.
يقول مدير المركز العربي الأفريقي لثقافة السلام والديمقراطية بالسودان محمد مصطفى، إن اتفاقيات السلام الموقعة لحل أزمة السودان منذ استقلاله تجاوزت الـ ٤٩ اتفاقية، جميعها أو أغلبها كانت جيدة وحلولها كانت شاملة وعادلة، لكن لغياب الإرادة السياسية والوطنية لدى الطبقة المسيطرة على مراكز صنع القرار في السلطة المركزية لم تحقق السلام والاستقرار ولم توقف الحرب.
غياب الإرادة
وأشار في حديثه لوكالة "سبوتنيك" إلى أن اتفاق السلام الموقع في جوبا منذ الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020، وضع جداول زمنية لتنفيذ بنوده ومدد تكوين بعض اللجان والمفوضيات، خلال ثلاثة أشهر وبعضها خلال ستة أشهر، وكذلك حددت مدد تكملة هياكل الحكم والترتيبات الأمنية، والآن قد مضى على توقيع الاتفاق عشرة أشهر وكل البنود لم تتقدم خطوة إلى الأمام.
تقسيم المناصب
وأضاف مصطفى: "الشىء الوحيد الذي تم تحقيقه منذ توقيع اتفاق جوبا حتى الآن، هو نصيب القوى الثورية في المجلس السيادي ومجلس الوزراء، وتعيين حاكم إقليم واحد".
وتابع: "تم تشكيل مجلس شركاء السلام، من قبل، كما تم تعيين رئيس مفوضية السلام فقط دون تكملة عضويتها".
تحديات كبرى
من جانبه أكد المتحدث السابق باسم الرئاسة السودانية أبي عزالدين، أن آليات مراقبة التنفيذ لم تكن في أي وقت ضامنا حقيقيا لأي اتفاق سلام، إن لم تكن هناك إرادة حقيقية من جانب الأطراف الموقعة.
وقال في حديثه لـ"سبوتنيك" إن السودان مر باتفاق للسلام في عام 2005، أكبر من هذا الذي تم توقيعه في جوبا العام الماضي 2020، وأطلق على اتفاق 2005 "الاتفاق الشامل"، وكان برقابة دولية وضمانات تنفيذ أكبر، ووعود لم يتم الوفاء بها، ولم يقم المجتمع الدولي بتنفيذ أي وعود قام بها تجاه السودان.
وأشار عز الدين، إلى أن هناك تحديات حالية تواجه اتفاق جوبا، مثل الصراع داخل الحركة الشعبية، حيث تولى تلفون كوكو، رئاسة الحركة بديلا لعبد العزيز الحلو، صاحب النزعة الانفصالية، كما أن هناك تحدي آخر يتمثل في نوايا رئيس بعثة "اليونيتامس" فولكر بيرتس، والتي صارت تتدخل في القضايا السياسية والسيادية الداخلية في السودان تنفيذا لأجندة أمريكا وأوروبا في المنطقة، وهو ما يرفضه المكون العسكري في السودان، الذي له خبرة طويلة في العمل السياسي منذ ما قبل اتفاقية السلام الشامل مع الحركات المسلحة في العام ٢٠٠٥.
الآلية الأممية عديمة التأثير
أما المحلل السياسي السوداني ربيع عبد العاطي، فيرى أن الآلية الأممية المزمع تشكيلها من الحركات المسلحة والحكومة وبعض الدول الراعية للسلام في البلاد لمراقبة اتفاق جوبا، لا جدوى منها ولا تأثير لها، لأن الجهات الموقعة على اتفاق السلام كثيرة جدا، وكل واحد من تلك الجهات له طلب معين، وكلما حدث اتفاق معين انقسمت تلك الجهات على نفسها.
وأضاف لـ"سبوتنيك": "علاوة على العدد الكبير الذي وقع على اتفاق السلام في جوبا، هناك الكثير من الحركات التي تحمل السلاح ولم توقع حتى الآن، كما أن معظم مناطق شرق السودان ترفض اتفاق جوبا رفضا تاما، لذا استبعد أن يكون لتلك الآلية أي تأثير، لأن هناك الكثير من التقاطعات والاختلافات حول ذات الاتفاق وليس على الآلية الأممية".
وكان محمد حسن التعايشي، عضو مجلس السيادة السوداني، قد بحث مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان "يونيتامس" فولكر بيرتس، مسار تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان، بالتركيز على الآلية العليا لمراقبة ومتابعة تقييم اتفاقية السلام.
وقال بيان صحفي صادر عن مجلس السيادة السوداني، إن اللقاء تناول ضرورة الإسراع في تشكيل هذه الآلية، والتي تضم إلى جانب حكومة السودان، الحركات الموقعة على اتفاق جوبا ودول الترويكا "أمريكا وبريطانيا والنرويج وتشاد وجنوب السودان وآخرين.
ومنذ 21 أغسطس/ آب من العام 2019، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي والجبهة الثورية التي تضم عدد من الحركات المسلحة بعد توقيعها اتفاق السلام مع الحكومة السودانية في جوبا.