التقارب الروسي الصيني.. هل يضع حجر الأساس لنظام عالمي جديد؟
31-12 Melafat
تابعنا عبر
ناقش الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع نظيره الصيني، شي جين بينغ العلاقات الثنائية بين البلدين، والمشاكل الإقليمية، وخلال اللقاء، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة الجمعة، وجه بوتين دعوة لنظيره الصيني لزيارة موسكو في العام الجديد 2023.
وأكد، بوتين أن "التنسيق بين روسيا والصين على الساحة الدولية يخدم تشكيل نظام عالمي عادل".
وأعلن الرئيس الصيني أن بلاده مستعدة للتنسيق مع روسيا فيما يخص سياسة العمل الأحادي، وحماية سيادة وأمن البلدين، مشيرا إلى أن بلاده "مستعدة للعمل مع روسيا وجميع القوى التقدمية في العالم ضد الهيمنة وسياسة القوة لمقاومة الأحادية، و الحمائية، والبلطجة والدفاع بحزم عن السيادة، والأمن، ومصالح التنمية للبلدين"، وأكد أن الصين "مستعدة للدفاع عن النزاهة والعدالة الدولية مع روسيا".
وأعربت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان، عن قلقها من تحالف الصين مع روسيا، وسط عملية روسيا العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وقالت إنها "تراقب عن كثب نشاط بكين، لمعرفة ما إذا كانت تقدم أي مساعدة عسكرية لموسكو".
وقال البيان إن أمريكا وأوروبا "حذرتا الصين من عواقب تقديم المساعدة العسكرية لروسيا في عمليتها العسكرية الخاصة ضد أوكرانيا، أو المساعدة المنهجية في التهرب من العقوبات" وأشار البيان إلى أن " واشنطن "تراقب نشاط بكين عن كثب".
وفي حديثة لـ"سبوتنيك قال الباحث في الشأن الروسي د. محمود الأفندي إنه "منذ دعم الغرب للانقلاب الدموي في أوكرانيا في 2014 أصبحت الصورة واضحة لدى روسيا بأن العالم يجب أن يتجه إلى تعدد الأقطاب ليصبح أكثر أمانا، وعليه بدأت بإنشاء منظمة بريكس التي تضم الصين، وعملت على تقوية منظمة شنغهاي".
وأشار إلى أن "تطوير علاقات البلدين بدأ فعليا حتى قبل العملية العسكرية خلال قمة بوتين-شي على هامش أولمبياد بكين الشتوي، وهذا يعني أن روسيا تتجه عمليا إلى الصين، فروسيا تملك 40 بالمئة من موارد الأرض وهي بحاجة إلى أسواق وهو ما يتوفر في الصين وآسيا، ومن هنا بدأ الاتجاه لتقوية بعض الدول الصناعية في آسيا لتصبح أقطاب تنافس الولايات المتحدة، ورأينا كيف أن الصين والهند لم تمتثل للعقوبات ضد روسيا".
وأكد الباحث أن "تقارب موسكو وبكين يرهب الأمريكيين، وحذر منه عميد السياسة الأمريكي هنري كيسنجر وقال إنه يمثل أكبر خطر على الولايات المتحدة، ويتعين على واشنطن ألا تسمح به، لكن فعليا هذا التقارب بات واضحا خاصة بعد الخطأ الأمريكي الفادح الذي وقعت فيه نانسي بيلوسي بزيارتها لتايوان، ما أدي إلى تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين روسيا والصين بما يمهد فعليا بإنهاء هيمنة الولايات المتحدة، وعندما تنتهي سنصبح فعليا في عالم متعدد الأقطاب".
وأوضح أستاذ العلوم السياسية د. طارق فهمي أن "توقيت عقد هذه القمة يبعث برسائل مهمة سواء على مستوى التنسيق اللوجيستي والعملياتي أو في إطار التحالف السياسي، ولهذا تابعنا ردود الفعل المتوترة من الولايات المتحدة، ومن دول حلف الناتو".
ولفت إلى أن "العلاقات بين بكين وموسكو متميزة، وفيها مجالات كبيرة للتعاون لا تقتصر على التطورات في أوكرانيا، لكنه تحالف هيكلي ومفصلي بدأ منذ فترة كبيرة، وأثار إزعاج واشنطن، ومن الطبيعي لروسيا وهي تتعرض لهذه الضغوط أن تنوع وتعدد مسارات تحالفاتها، خاصة مع حليف كبير مثل الصين، وهذا التحالف المتجدد سيكون له توابعه وارتداداته على الأطراف ليس فقط في تطورات الأزمة الأوكرانية بل أيضا في نقل رسائل للإدارة الأمريكية في هذا التوقيت".
وأكد الخبير أن: "الترتيبات الدولية، وبنية النظام الدولي ستستوعب التحالف الثنائي بين بكين وموسكو في هذا التوقيت، والأمر يخرج عن إطار التكتيك إلى الرؤية والمقاربة الاستراتيجية التي يبني عليها الطرفان معادلات جديدة في الإقليم وخارجه، حيث أن بنية النظام في هذا التوقيت تسمح بتغيير الرؤى وتدوير زوايا المصالح، وهذه التحالف يجمع بين الجانب التكتيكي والاستراتيجي، فالمصالح المشتركة بين الطرفين لا تقتصر على الملف الأوكراني بل تمتد إلى الترتيبات الأمنية والاستراتيجية متوسطة وطويلة الأجل".
وأكد أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بالجامعة الهاشمية د. جمال الشلبي أن "فتح أسواق الطاقة الصينية أمام الغاز الروسي خطوة للأمام، وهذا التقارب نوع من التحدي غير المؤيد لخطوات الناتو وأوروبا بحق روسيا، ويدل على أن الصين حسمت قراراها بالتعاون مع روسيا، ويدل على أن روسيا لم تعد الآن بحاجة إلى أسواق جديدة، خاصة أن الصين من أكثر الأسواق احتياجا للطاقة".
واعتبر أن: "هذه رسالة إلى الغرب بأن التعاون قائم والعقوبات لن تستمر، وأن روسيا تستطيع التعويل على حليف كبير، وهو تحول كبير في الأزمة سيأخذه الغرب بعين الاعتبار، وقد يدفع الغرب للبحث عن السلام، والوصول إلى تسوية مهمة في إيجاد حل للقضية التي بدأت تدق روح المجتمعات الغربية، وحاجاتها خاصة في فصل الشتاء".
واعتبر الخبير أن "هناك نظام عالمي جديد بدأت يتبلور اقتصاديا سياسيا وعسكريا تمثل فيه الصين وروسيا الطاقة الكبرى، وهو نظام يضم أيضا بريكس التي تشمل الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل، ولن تتمكن أمريكا من مواجهة هذه الحلف الذي يمثل أكثر من 60 بالمئة من إنتاج العالم، وبه أكثر من نصف سكان العالم".
واعتبر أنه: "إذا أرادت ان تواجهه ستضطر لمواجهته منفردة، لأنه يوجد حتى داخل الحلف الغربي امتعاض أوروبي بسبب الأنانية الأمريكية والنظر للاقتصاد العالمي من منظور مصلحتها فحسب".
ورأى أن "الحقائق على الأرض تشير إلى أن الوضع الأمريكي مترهل، وروسيا والصين ستشكلان جزءا مهما في العالم الجديد الذي لن تقوده أمريكا ولن تمثله أوروبا بسبب أوضاع تتعلق بالداخل"
يمكنكم متابعة المزيد من خلال برنامج ملفات ساخنة
إعداد وتقديم: جيهان لطفي
