رغم قرب انتهاء حملة بن سلمان لمكافحة الفساد... المخاوف ما زالت مستمرة

رحبت سوق الأسهم السعودية بإطلاق سراح بعض رجال الأعمال البارزين من الاحتجاز اليوم الأحد، لكن تأثيرات ما بعد حملة التطهير التي طالت صفوة رجال الأعمال ربما تستمر لسنوات، وتعرقل الاستثمار الخاص.
Sputnik

من يقف وراء تقارير "نيويورك تايمز" وسر هجومها على محمد بن سلمان
وكان الأمير الوليد بن طلال رئيس شركة الاستثمار العالمية "المملكة القابضة" من بين ستة على الأقل من كبار رجال الأعمال الذين أطلق سراحهم في مطلع الأسبوع بعد احتجازهم لما يزيد عن شهرين في فندق ريتز كارلتون بالرياض.

ويشير الإفراج عنهم إلى أن الحملة الضخمة على الفساد، التي احتجزت السلطات في إطارها ما يزيد عن 200 شخص، وقالت إنها تهدف إلى مصادرة نحو 100 مليار دولار في شكل أصول تم الحصول عليها بشكل غير مشروع ،أوشكت على الانتهاء، ومن المنتظر أن يفتح فندق ريتز كارلتون أبوابه مجددا للجمهور في منتصف فبراير/شباط.

وقفزت أسهم المملكة القابضة بالحد الأقصى اليومي عشرة في المئة اليوم الأحد لتضيف نحو 850 مليون دولار إلى ثروة الأمير الوليد، الذي تكبد خسائر بلغت نحو 2.2 مليار دولار جراء هبوط تلك الأسهم في الأيام الأولى بعد احتجازه.

وقفزت أسهم فواز عبد العزيز الحكير لمتاجر الأزياء 6.8 في المئة بعد إطلاق سراح بعض المساهمين الرئيسيين في الشركة.

لكن الأسئلة المثيرة للقلق حول حملة التطهير لم تحظ بإجابات، ورغم شكوك البعض من أن السعودية ستستفيد من انحسار الفساد، إلا أن اتساع نطاق الحملة وضراوتها يقلق رجال الأعمال داخل المملكة وخارجها.

ولم يتم الكشف بعد عن تفاصيل التسويات المالية بين السلطات والمحتجزين، وهو ما يثير دهشة الناس بشأن العقوبات على مثل هذا الفساد الواسع النطاق، والمزاعم التي واجهها المحتجزون بالفعل.

وكانت أول تسوية رئيسية تتعلق بالأمير متعب بن عبد الله الذي كان ينظر إليه في الماضي باعتباره من الطامحين للوصول إلى العرش وقد أطلق سراحه بعدما وافق على دفع ما يزيد عن مليار دولار، بحسب ما قاله مسؤولون سعوديون، وأذكى ذلك شكوكا بين الدبلوماسيين الأجانب حول ما إذا كان هناك دوافع سياسية وراء الحملة أم لا.

وبينما تقول الحكومة إن القضاء على الفساد سيعطي فرصا متساوية لجميع المستثمرين، يشعر بعض رجال الأعمال المحليين والأجانب بتزايد المخاطر نظرا لعدم تأكدهم مما إذا كان شركاؤهم المحليون قد يصبحون هدفا لحملة أخرى.

ووفقا لوكالة "رويترز"، قال ستيفن هيرتوج الباحث في الشأن السعودي لدى كلية الاقتصاد بلندن "ما حدث غير مسبوق بالمرة، ليس فقط في السعودية، وإنما في أنظمة الحكم الملكية العربية بأكملها".

وتابع "سيقل كثيرا بالتأكيد الآن الاستعداد لارتكاب فساد واسع النطاق بين النخبة السعودية. لكن كثيرين يعتقدون أيضا، على الأقل في الوقت الحاضر، أن القطاع الخاص سيصبح أقل قدرة على التنبؤ بالأحداث، وهو ما يجعل من الصعب عليه القيام باستثمارات طويلة الأجل".

وأضاف هيرتوج وآخرون إن السلطات السعودية تبدو حريصة على إنهاء التحقيق لأسباب من بينها إنهم يريدون منعه من إبطاء تدفقات الاستثمارات الأجنبية، وهو أمر مهم بالنسبة لجهود الحكومة في تنويع الاقتصاد وتقليص اعتماده على صادرات النفط.

وستصبح طمأنة المستثمرين الأجانب أكثر أهمية في النصف الثاني من 2018، حيث تخطط الحكومة لجمع نحو 100 مليار دولار من خلال بيع حصة تبلغ خمسة في المئة في أرامكو السعودية النفطية الحكومية العملاقة فيما سيكون أكبر طرح عام أولي في العالم.

وقال مصرفي خليجي يتعامل مع السعودية إن بعض رجال الأعمال من القطاع الخاص ربما يظلوا حذرين من استثمار قدر كبير من الأموال لسنوات، رغم أن السلطات تراقب عن كثب تدفقات الأموال لمنع هروب رؤوس الأموال من البلاد.

وتابع "تأثير التحقيق المتعلق بالفساد يتم مناقشته كمبعث قلق من جانب مستثمرين محتملين في الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة. النسبة لهم، إنه مصدر مخاطر".

أثبتت الحملة بشكل ما أنها أقل حدة مما كان يخشاه الناس حينما بدأت في نوفمبر تشرين الثاني، ففي ذلك الوقت، قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي قاد الحملة، إن 95 في المئة من المحتجزين وافقوا على تسويات مالية، بينما تبين براءة واحد في المئة منهم، ومن المرجح أن يحاكم الباقون.

وفي أوائل الأسبوع الماضي، قال النائب العام السعودي إن "معظم" المحتجزين وافقوا على تسويات، وأطلق سراح 90 شخصا منهم بعد إسقاط التهم ضدهم، بينما لا يزال هناك 95 قيد الاحتجاز.

وعلى الرغم من أنه كانت هناك تكهنات في الأيام الأولى للحملة بمصادرة شركات بأكملها وتصفيات ضخمة لأصول لدفع الأموال للدولة لم تحدث هذه الأمور على ما يبدو.

وقال مسؤولون إنه بينما وافق الأمير الوليد بن طلال ورجال أعمال بارزون آخرون على تسويات مالية بعدما أقروا "بانتهاكات" غير محددة، فيمكنهم استئناف أنشطة أعمالهم بشكل كبير كما كان الحال من قبل.

وسيحتفظ الأمير الوليد بسيطرته على المملكة القابضة، بينما لن يتخلى وليد الإبراهيم مالك شبكة قنوات إم.بي.سي التلفزيونية عن سهم واحد فيها، بحسب المسؤولين.

ومن الممكن أن تكون السلطات اتفقت مع بعض المحتجزين على تمكينهم من السيطرة على أصولهم من وراء الستار.

لكن بعض المحللين قالوا إن السلطات ربما تكون وجدت أنه من الصعب بشكل أكبر مما كان متوقعا إقامة دعاوى قانونية محكمة ضد المحتجزين، وهو ما قد يصب في صالح أشخاص ذوي إرادة قوية مثل الأمير الوليد، الذي استمر يصر علانية على أنه برئ تماما.

ونظرا لذلك، هناك شكوك بين كثير من المصرفيين والمحللين حول ما إذا كانت الحملة ستدر بالفعل 100 مليار دولار التي تستهدفها الحكومة، وهو ما يقدر بمثلي العجز المتوقع في ميزانية هذا العام.

وأوضح النائب العام إن المحتجزين سلموا أموالا سائلة وعقارات وأصولا أخرى في التسويات، لكن نظرا لأسباب من بينها ضعف الاقتصاد وشح السيولة في سوق الأراضي، فإن من الصعب تسييل العقارات.

مناقشة