مجتمع

تفاصيل مذهلة...سرقة 242 مليون دولار من بنك إماراتي بسبب "السحر الأسود"

قبل 20 عاما، تمكن فوتانغا سيسوكو، من تنفيذ أكبر عملية احتيال مالي في العالم باستخدام "السحر الأسود".
Sputnik

لأول مرة ... بنك إماراتي يمنح المصريين قروضا عقارية
بدأت القصة عندما ذهب مواطن مالي في الإمارات يدعى فوتانغا سيسوكو، من أجل طلب قرض من بنك دبي الإسلامي لشراء سيارة، وكان الخطأ الذي ارتكبه مدير البنك "محمد أيوب" هو قبول دعوته على العشاء كنوع من رد الجميل للموافقة على القرض، وفقا لما يرويه سيسوكو لـ"BBC".

بينما كان الاثنان يتناولان العشاء، إذ بدأ سيسوكو تنفيذ مخططه، حين ادعى امتلاكه قدرات سحرية وأنه يمكنه "توليد الأموال"، بمعنى مضاعفة أي مبلغ يريده، ودعا مدير البنك للحضور إليه مرة أخرى ومعه مبلغ من المال لتأكيد قدرته السحرية على زيادة الأموال.

استسلم مدير البنك تماما لهذا الساحر وذهب مجددا إلى منزله ومعه الأموال، وقابله الرجل مندفعا من إحدى غرف المنزل وهو يصيح بأن "الجن" هاجمه للتو، وحذره من إغضاب الجن وإلا فلن تتضاعف أمواله، فاستجاب أيوب على الفور وترك الأموال في الغرفة المسحورة وظل ينتظر، بحسب رواية "BBC".

يقول أيوب: "رأيت ضوءا ودخانا وسمعت أصوات الجن. ثم فجأة ساد الصمت، وكانت المفاجأة أن الأموال تضاعفت كما وعده الساحر، فظهر السرور على وجه أيوب، ومن هنا تهيأت الأمور لعملية السطو الكبرى.

بعد ذلك، صدق مدير البنك أن سيسوكو قادر بالفعل على مضاعفة الأموال بالسحر الأسود، فظل يرسل أموالا إليه من البنك، معتقدا أنها ستعود إليه أضعافا مضاعفة ويستفيد منها، بحسب رواية "BBC".

وبحسب أوراق القضية فقد أجرى أيوب 183 تحويلا ماليا إلى حسابات سيسوكو حول العالم، في الفترة من 1995 إلى 1998، وعمل سيسوكو على استخدام أموال بطاقات ائتمانية كبيرة، بلغت الملايين، وكان أيوب يتولى تسوية هذه الأموال بدلا منه.

قرار من البنك المركزي الإماراتي بشأن أشخاص وكيانات على صلة بقطر
وفي عام 1998، بدأت الشائعات تتناول البنك وأزمته المالية. حينها نشرت إحدى الصحف في دبي تقريرا عن أن البنك يعاني أزمة سيولة، وحدثت اضطرابات وتجمع المودعون أمام البنك في انتظار سحب أموالهم، بحسب رواية "BBC".

عندئذ سعت حكومة دبي لتهدئة الأزمة، وقالت إنها "مشكلة صغيرة ولن تتسبب في أية خسائر مالية سواء في استثمارات البنك أو حسابات المودعين"، لكن هذا لم يكن صحيحا، بحسب رواية "BBC".

ويقول ألان فاين، محقق من ميامي استعان به البنك الإماراتي فيما بعد للتحقيق في الجريمة، ما حدث هو أن "مالكي البنك تعرضوا لضربة كبيرة وكبيرة جدا. ولم تكن أموال التأمينات لتغطيها".

وما أنقذهم هو وقوف الحكومة إلى جانبهم ومساعدتهم، "لكنهم تخلوا عن الكثير من حصتهم في البنك مقابل هذا".

في هذا الوقت كان فوتانغا بعيدا جدا ينعم بأموال البنك، فقد وضع مخططا من البداية يقضي بعدم الاستمرار في دبي أثناء تلقي الأموال، واعتمد على أن يكون بعيدا عنها بينما تتدفق الأموال إليه في الخارج، بحسب رواية "BBC".

بعد أسابيع قليلة من عرضه السحري أمام مدير البنك الإماراتي، توجه سيسوكو في نوفمبر/تشرين الثاني 1995، إلى مصرف آخر في نيويورك، وفعل أكثر بكثير من فتح حساب.

وقال ألان فاين: "لقد دخل إلى مقر سيتي بنك يوما ما، بدون موعد سابق، والتقى بإحدى الموظفات في قسم التحويلات المالية وسرعان ما تزوجها".

ويوضح المحقق الأمريكي أن تلك السيدة "لعبت دورا في تسهيل علاقته مع سيتي بنك الأمريكي، وانتهى به المطاف لفتح حساب هناك، يمكنني تذكر أنه من خلاله تم تحويل أكثر من 100 مليون دولار إلى الولايات المتحدة".

في الواقع، وفقا للقضية التي رفعها بنك دبي الإسلامي ضد سيتي بنك الأمريكي، فقد تم تحويل أكثر من 151 مليون دولار، "خصمها سيتي بنك من حساب المراسل الخاص ببنك دبي الإسلامي دون إذن مناسب". وقد تم إسقاط القضية لاحقا.

"السحر الأسود" في مدرسة خاصة له فتحت أبوابها في جنوب أفريقيا
ودفع سيسوكو أكثر من نصف مليون دولار لزوجته مقابل مساعدته في تحويل الأموال من دبي إلى نيويورك، بحسب رواية "BBC".

ومع تدفق الأموال عليه كان بإمكان سيسوكو تحقيق حلمة بإنشاء شركة طيران في غرب أفريقيا. واشترى للشركة طائرة مستعملة من طراز هوكر-سيديلي 125 وطائرتين عتيقتين من بوينغ 727 إس.

وكانت هذه البداية الحقيقية لشركة طيران "أير دابيا"، التي سماها على اسم قريته التي ولد فيها في مالي.

وخلال هذه الفترة كانت الحقائق بدأت تتكشف في الإمارات وبدأ عملاء بنك دبي الإسلامي يدركون أن شيئا ما خطأ قد وقع. وأصبح مدير البنك أيوب عصبيا، ولم يعد سيسوكو يرد على اتصالاته.

وفي النهاية لم يتحمل أيوب الضغوط واعترف لأحد زملائه بما حدث معه وتحويله أموالا للخارج، وعندما سأله زميله عن المبالغ التي حولها لم يتجرأ على أن ينطقها وكتبها على ورقة، وكانت المفاجأة أنها بلغت 890 مليون درهم ما يعادل (242 مليون دولار)، بحسب رواية "BBC".

وفي النهاية تمت إدانته بالاحتيال المالي وصدر الحكم بسجنه ثلاث سنوات، وكان هناك شائعات بإجباره على الخضوع لعلاج بالقرآن لطرد الجن من جسمه وعلاجه من الإيمان بالسحر الأسود، بحسب رواية "BBC".

أما سيسوكو فلم يخضع للعدالة قط. وحكمت عليه محكمة في دبي بالسجن غيابيا ثلاث سنوات للاحتيال المالي وممارسة السحر الأسود. وأصدر الإنتربول مذكرة لاعتقاله ومازال مطلوبا للعدالة.

وهناك محاضر لمحاكمات أخرى مطلوب فيها سيسوكو للعدالة من بينها واحدة في باريس. وادعى محاميه أنه كان كبش فداء لأفعال مدير بنك دبي الإسلامي، بينما تم نقل أموال البنك إلى مكان آخر، لكن المحكمة لم تقتنع بهذا وأدانته بغسيل الأموال.

وأصبح سيسوكو عضوا في برلمان مالي لمدة 12 عاما، من 2002 وحتى 2014، وهو ما منحه حصانة سياسية ضد الملاحقة القضائية. وبعد خروجه من البرلمان وطوال أربع سنين ماضية تمثلت حصانته في أن مالي لم توقع أي معاهدة لتسليم مواطنيها المطلوبين قضائيا في الخارج.

وما زال بنك دبي الإسلامي يلاحقه قضائيا من خلال المحاكم دون جدوي.

مناقشة