الحرب تحرم الطيور المهاجرة والأسماك من شهر العسل

لم تسلم الطيور المهاجرة والمحلية في سوريا من الحرب، التي تسببت في انخفاض أعداد الطيور المحلية وتوقف مجاميع الطيور المهاجرة التي كانت تعبر فوق الأراضي السورية، فسوريا تقع على أهم الخطوط العالمية للطيور المهاجرة ما بين الشمال والجنوب وبالعكس في حلتي الخريف والربيع كما أنها تعد موئلاً هاماً للعديد من الطيور الزائرة أو المقيمة لاستكمال دورة التكاثر.
Sputnik

رشاش "بلاميا" يثبت جدارته في سوريا
سبوتنيك. اختفاء أنواع.

أوضح الباحث البيئي، رئيس مركز حماية الثروة السمكية في منطقة البوكمال، المهندس طالب حنيش عبيد لـ"سبوتنيك"، أن الحرب التي تتعرض لها سوريا أثرت على الحياة البرية والنهرية وسببت في اختفاء بعض الأنواع وغيابها في البيئة النهرية "حوض الفرات" والبيئة البرية "بادية الشام" ومنها بعض العجائب في سلوك الطيور والأسماك أثناء الظروف غير الطبيعية "الشدة — الأزمات" حول هجرة الطيور والأسماك في الظروف العادية الطبيعية وفي الظروف غير الطبيعية القسرية، لاسيما أن الكائنات الحية على العموم تعاني من الظروف غير الطبيعية والأزمات والفوضى أكثر مما يعاني البشر فهي تهاجر من مكان إلى آخر وتبحث عن الأمان والاستقرار فالطيور تشعر بحدوث الخطر من مكان إلى آخر وتبحث عن الأمان والاستقرار.

وبين عبيد أنه يوجد في حوض الفرات 17 نوعاً من الطيور منها طيور القطا الذي يأتي في شهري آذار/آبريل ونيسان/مايو للتكاثر، والبط الكندي، دراج… وعانت الطيور هذه في الأزمة أكثر من الإنسان، حيث أن طيور القطا لم تأتي إلى سوريا منذ بداية الأحداث إلا بأعداد قليلة جداً والبط كذلك الأمر وطيور الفطيفل المرافق لبعض الأنواع المهاجرة، وهذه الأنواع لا توجد في حوض الفرات بسبب الحرب وغيرت اتجاه الهجرة وأخذت أقصى الشرق ومن ثم فوق الفرات إلى تركيا ولم تعد بشكل مجاميع بل أعداد قليلة.

دبابات بلا أسلحة تخرق دفاعات الإرهاب في سوريا
وأشار عبيد إلى أن الطيور تبحث عن الأمان وهي أكثر حساسية بالشعور بالخطر من الأسماك وتهاجر الطيور بسبب تغير المناخ والظروف البيئية لتبحث عن ظروف التكاثر الملائمة ومن العجائب والغرائب أن الطيور تهاجر بشكل مجاميع للنوع الواحد وبصورة هندسية منتظمة كما في هجرة الأسماك ونلاحظ هذه الظاهرة كانت فوق حوض الفرات من شهر كانون الأول وحتى نهاية شهر نيسان مثل أنواع البط — الوز- والزرازير والقطا وتغير الطيور مسارها أثناء الهجرة عندما تشعر بالخطر وأغلب الطيور المهاجرة من أوروبا وآسيا تمر بسماء الشام ومن ثم تستريح في نهر الفرات في حين يبقى قسم منها من كانون الأول حتى نيسان مثل البط الكندي — البط الغطاس — الأسود بعد أن تقطع آلاف الكيلومترات فوق البحار والمحيطات وعندما تتعب المجاميع المهاجرة فان قسماً منها ينزل إلى الماء ويضحي للحفاظ على النوع بالبقاء فيموت قسم من الطيور ويتابع القسم الآخر مسيره.

وأضاف عبيد أن طيور القطا تستقر بهجرتها في بادية الشام حيث تضع بيوضها في شهري آذار/مارس ونيسان/آبريل حتى التفقيس ويقوم الذكر والأنثى بقطع مسافات كبيرة باتجاه الفرات يحملان الماء بمناقيرها بشهر أيار/مايو، حيث درجات الحرارة مرتفعة لإطعام فراخها وقد لوحظ أن أعداد مجاميع طيور القطا بعشرات الألوف في بادية الشام في الظروف البيئية الملائمة والمناسبة علماً أن طيور القطا تتربع في الصحراء لأكثر من أربعة أشهر وترتوي من مياه الفرات إلا أنه منذ بداية الأزمة في سوريا أصبحت أعداد الطيور المهاجرة إلى نهر الفرات وبادية الشام شبه معدومة نتيجة ظروف الحرب التي لم ترحم البشر والحجر لأن بلاد الشام محطة عبور لكل الطيور.

انخفاض أعداد الأسماك.

معارك عنيفة بعد انهيار الهدنة بين "النصرة" و"تحرير سوريا" بريف حلب
وبين عبيد أن الهجرة في الأحوال الطبيعية هي انتقال الأسماك من مكان إلى آخر في البيئة النهرية بغرض التكاثر أو بحثاً عن الغذاء والأمان وتهاجر بشكل مجموعات للنوع الواحد وباتجاه واحد وإما أن يكون سبب الهجرة هو التكاثر حيث أن هذا النوع من الهجرة تسمى هجرة مؤقتة لأن تلك الأنواع تعود إلى مواقعها السابقة بعد انتهاء عملية التكاثر أو أن تكون الهجرة بحثاً عن الأمان أيضا تكون مؤقتة فان الأسماك ترجع إلى مواقعها بعد زوال سبب الهجرة مثال "أصوات الديناميت" أو أن تكون الهجرة دائمة حيث تغادر الأنواع السمكية إلى مواقع نهرية أكثر أماناً في حال شعورها بوجود خطر دائم.

وأشار عبيد إلى أن سمك الفرخ وهو نوع فراتي يصل وزنه أكثر من 200 كغ ويتميز به نهر الفرات ولا يوجد هذا النوع في البيئات النهرية الأخرى في العالم فهو يعتبر هوية نهر الفرات ومن المؤسف جداً أن هذا النوع بدأ يتناقص عدده فمنذ أكثر من ثلاثين سنة كان الصيادين يصيدون سمك الفرخ بواسطة الخيط بكثرة وبالأحجام الكبيرة إلا أنه في الوقت الحالي انخفض تواجد هذا النوع بسبب الصيد الجائر بواسطة الوسائل الممنوعة" السموم — الديناميت — الكهرباء"، علماً أن هذا النوع من الأسماك يهاجر بعكس اتجاه النهر بغرض التكاثر وذلك في منتصف شهر آذار/مارس باحثاً عن مواقع مناسبة للتكاثر وفي حال وجود خطر في الموقع يبقى متجها عكس اتجاه النهر حتى يشعر بالأمان، حيث يقومان الذكر والأنثى بوضع بيوضها بنفس الموقع أما الهجرة القسرية تتم بوجود الخطر في موقع ما ويتجه عكس اتجاه الخطر حتى يصل إلى موقع آمن.

وكذلك السمك البني يصل وزنه إلى أكثر من 10 كغ ويهاجر بشكل مجاميع ويتكاثر في شهري آذار/مارس ونيسان/آبريل ويعتبر هذا النوع أقل تأثراً بالظروف غير الطبيعية لذلك نجد أن هذا النوع ما زال يحتفظ بأعداده في نهر الفرات لشدة مقاومته، أما سمك الرومي يصل وزنه إلى 15 كغ ويتكاثر في شهر أيار فهو من الأسماك الحساسة لظروف الخطر ويهاجر مواقع الخطر ولا يعود إلا بوجود الأمان ويختار البيئة الرملية والحصى الناعم للتكاثر، حيث بدأت أنواعه تتناقص في الفترة الأخيرة بسبب الصيد الجائر والحرب كما يوجد أنواع أخرى تسمى البوري، والمشط، الحوار- الحنكليس- البيض- العروس.." وان كل هذه الأنواع تتراجع من الناحية العددية لعدم وجود الظروف الطبيعية والبيئة المناسبة أما الأسماك التي قاومت الظروف البيئية فقد هاجرت إلى مواقع نهرية أكثر أماناً.

مهجرة ومستوطنة.

وأوضح معاون وزير الزراعة في سوريا المهندس أحمد قاديش أنه بالنسبة للحيوانات والطيور البرية في سوريا  بعضها انقرض وبعضها أصبح قريباً من الانقراض وبعضها ما زال موجوداً وهي تقسم بين حيوانات وطيور (مهاجرة — مستوطنة).

وأضاف قاديش أن بعض التقارير المحلية المتعلقة بالطيور البرية تشير بأنه يوجد في بلاد الشام ما يقارب 500  نوعاً من الطيور تنتمي لنحو 206 جنساً وما يزيد على 65 عائلة ونحو 21 رتبة حتى الآن لا توجد المعلومات الدقيقة عن الأنواع الموجودة.

وبشكل عام يمكن القول بأن أكثر أجناس الطيور شيوعاً في البلاد هي: "الزريقة والدرسة والنورس والأبلق وخطاف البحر والصقور الأصلية".

أما أكثر العائلات انتشاراً فهي "الهوازج  والشحرورية  والبطية والكواسر".

أما الرتب الممثلة بأكبر عدد من الأنواع  فتشمل على الطيور المغردة (حوالي 190نوعاً)  والطيور الزقزاقية (القطاطية) (85 نوعاً)  والوزيات (30 نوعاً)، علماً أنه يعيش بالمنطقة ما يقارب 170 نوعهاً من الطيور المفرخة منها المائة نوع تقريباً من الطيور المقيمة و50 نوعاً من الأنواع المفرخة  ويعتبر هذا العدد كبير خاصة عند مقارنته بمناطق أخرى من العالم.

مناقشة