محلل سياسي يكشف لـ"سبوتنيك" عن بنود الاتفاقية العسكرية اللبنانية الروسية وسر عدم التوقيع عليها

كشف مدير مركز الارتكاز الإعلامي، المحلل السياسي سالم زهران لـ"سبوتنيك"، عن بنود الاتفاقية العسكرية اللبنانية-الروسية، وسبب تهرب الجانب اللبناني من التوقيع عليها
Sputnik

خلال أواخر الصيف الماضي زارت لجنة عسكرية روسية رفيعة المستوى لبنان، وعقدت سلسلة اجتماعات مع الجانب اللبناني في إطار تعزيز التعاون العسكري المشترك بين البلدين، بحيث تمخضت هذه الاجتماعات عن اتفاق الجانبين على توقيع اتفاقية من شأنها دعم المؤسسة العسكرية اللبنانية وتطوير قدراتها العسكرية في العديد من المجالات.

روسيا مستعدة لتعزيز التعاون مع لبنان في مجال مكافحة الإرهاب
ومع مرور الوقت، لمس الجانب الروسي تهرباً رسمياً لبنانياً من توقيع الاتفاقية من دون تقديم أسباب جدية لعدم التوقيع، فماذا تنص الاتفاقية العسكرية اللبنانية-الروسية، ولماذا لم يتم التوقيع عليها من قبل الجانب اللبناني؟ كشف زهران، المتواجد حاليا في مؤتمر الأمن الدولي المنعقد في موسكو، عن بنود الاتفاقية العسكرية اللبنانية الروسية، والتي تنص في مادتها الأولى على "تطوير التعاون العسكري بين البلدين، بحيث يتعاون الطرفان في المجال العسكري وفق التشريعات الوطنية لكلا الطرفين ومبادئ وأعراف القانون الدولي المتعارف عليها والمعاهدات الدولية التي عقدتها روسيا الاتحادية والجمهورية اللبنانية.

وأضاف زهران:"تشير المادة 2 من الاتفاقية إلى مجالات التعاون، حيث يتعاون البلدان بالمجالات الأساسية التالية:-  تبادل الآراء والمعلومات حول المسائل العسكرية ومسائل توطيد الثقة المتبادلة والأمن الدولي وتعزيز مكافحة الإرهاب.-  تطوير العلاقات في مجال التدريب المشترك للقوات/ القوى وفي مجال تأمين التجهيز المعلوماتي والهندسي والتعليم والطب العسكري والطبوغرافيا العسكرية والهيدروغرافية العسكرية وفي مجال الرياضة والثقافة.- التعاون في إجراءات البحث والإنقاذ في البحر.- التعاون في الإجراءات حول مكافحة الإرهاب والقرصنة ومجالات أخرى للتعاون إذا وافق عليها الطرفان".

وحول من الذي يعرقل توقيع هذه الاتفاقية، يقول زهران إنه "من 27 أيلول/ سبتمبر إلى 30 منه في العام 2017 عقد في بيروت سلسلة من الاجتماعات بين لجنة عسكرية روسية من وزارة الدفاع ولجنة عسكرية من الجيش اللبناني المعنية بالاتفاقية، وهذه الاتفاقية توصلت إليها اللجنة المشتركة وصاغتها معا ورفعتها إلى وزارة الدفاع بعد موافقة الجيش اللبناني ومشاركته بها، ومن ثم أرسلتها وزارة الدفاع إلى هيئة القضايا والاستشارات في وزارة العدل التي رأتها مناسبة وقانونية ووافقت عليها، وأرسلتها أيضا الى وزارة الخارجية فرأتها مطابقة للاتفاقيات الدولية ولسيادة لبنان، وعليه حملها وزير الدفاع يعقوب الصراف إلى الحكومة ليأخذ تفويضا ويوقع عليها مع الجانب الروسي. 

وهنا بدأت بكل صراحة تظهر عراقيل لهذه الاتفاقية، بحيث يبدو رئيس الحكومة سعد الحريري في واجهة تلك العراقيل، لكن الحقيقة أن بقية الأطراف هم مقصرين أيضا سواء كانوا أصدقاء أو خصوم لروسيا لأنهم لم يعلو صوتهم في الدفاع عن هذه الاتفاقية على عكس اتفاقيات أخرى موقعة مع دول أخرى منها الولايات المتحدة الأميركية وإنكلترا وكندا".

وأشار زهران إلى أن "ذريعة فريق الرئيس سعد الحريري أن الإنكليز والأميركيين يضغطون لعدم توقيع هذه الاتفاقية، كما أن هناك من سرّب تشويها للاتفاقية على عكس حقيقتها وبدأ يقول أن هذه الاتفاقية سوف تفتح المطارات والموانئ البحرية اللبنانية في وجه الآليات الروسية بينما في الحقيقية، فإن استعمال تلك الموانئ محصور كما هو مبيّن في قلب الاتفاقية فقط في إطار التعاون المشترك، أي على سبيل المثال، كان هناك تدريب مشترك للبحرية اللبنانية والروسية من الطبيعي أن تأتي غواصات روسية وتلك الغواصات لا تأتي لأهداف غير الأهداف التي يطلبها الجانب اللبناني، على سبيل المثال التدريبات أو إذا حصل لا سمح الله إغراق لسفينة أو طائرة في البحر وطلبنا الجانب الروسي عندها تأتي تلك الغواصات أو الآليات، وعليه الحكومة مجتمعة تتحمل مسؤولية عدم توقيع الاتفاقية ورئيس الحكومة هو الذي وضع نفسه في واجهة هذا الأمر بناء على ضغوطات إنكليزية وأميركية باتت واضحة".

وأضاف زهران: "بكل صراحة خلال وجودنا في مؤتمر الأمن الدولي السابع الذي يشارك فيه وزير الدفاع الروسي وكبار القادة العسكريين من رئيس الأركان ومدير المخابرات ورئيس الأمن الخارجي والأمن الفدرالي، تلمسنا من خلال هذا الحضور وبخاصة المعنيين في هيئة الاتفاقيات في وزارة الدفاع أن هناك عتباً روسياً على الأصدقاء اللبنانيين الذين لم يقفوا إلى جانب الاتفاقية وعتباً أكبر على الخصوم السياسيين الذين يريدون للبنان أن يكون في الفريق والمحور الأميركي وليس على الحياد، فيعقد اتفاقيات مع كل الأطراف وخاصة أن هذه الاتفاقيات هي اتفاقيات بصراحة روتينية تحصل مع العديد من الدول، بين لبنان والعديد من الدول".

أما بالنسبة إلى تأثير توقيع هذه الاتفاقية على علاقة لبنان مع باقي الدول الكبرى، فيؤكد مدير مركز الارتكاز الإعلامي بأنه "ليس صحيح أن هذه الاتفاقية تؤثر على العلاقة مع باقي الدول، وعلى سبيل المثال هناك أكثر من تسعين دولة في العالم بينها دول أعضاء في الناتو كتركيا أو كصربيا أو أوروبية هي دول عقدت اتفاقيات أقوى مع الجانب الروسي ولا تزال على علاقات جيدة جدا مع بقية الدول، وعليه هي ذريعة لبنانية للتهرب من المسؤولية والجدية".

ويختم زهران حديثه قائلا: "إن لبنان الذي يتخبط  في إدارة ملفاته المحلية من الكهرباء إلى الماء إلى المواصلات، يبدو أنه أضاف إلى سجله الطويل وتحديدا الحكومة اللبنانية أضافت إلى سجلها الطويل في التعثر تعثراً مع الجانب الروسي، إذا لم توقع هذه الاتفاقية لن يكون الجانب الروسي قادرا على تعزيز الجانب اللبناني أكثر، بالرغم من أن هناك الكثير من هذه الأمور تحصل من دون اتفاقية، مثل التدريب المشترك وبعض المساعدات، لكن هذه الاتفاقية تشرعن العمل وتوسع إطاره، والتهرب منها يدل على أن بعض اللبنانيين أو بعض الحكام اللبنانيين يريدون أن ينغمسوا في الغرب".

مناقشة