مغاربة: على الملك العفو عن نشطاء حراك الريف وقطع الطريق على المزايدات السياسية

ما بين القبول والرفض، استقبل مغاربة مقترح برلماني، بالعفو العام عن كل المحكوم عليهم في قضايا تتعلق بالاحتجاج المجتمعي، في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2016 وحتى يوليو/تموز الجاري.
Sputnik

بعد أيام قليلة من الأحكام القضائية التي وصفت بـ"القاسية" في حق نشطاء حراك الريف بمنطقة الحسيمة بالمغرب، قدم البرلمانيان عن فيدرالية اليسار الديمقراطي بمجلس النواب، عمر بلافريج، ومصطفى الشناوي، في 29 يونيو/حزيران الماضي، مقترح قانون للعفو العام على كل المحكوم عليهم بسبب الاحتجاجات الاجتماعية، التي ترفع مطالب تهدف إلى تحسين معيشة السكان، وتأمين حقوقهم الجماعية، في مناطق متعددة من البلاد، في الفترة من أكتوبر 2016، وحتى الوقت الراهن.

برر النائبان مقترحهم بوجود اعتراف من المسؤولين بالمغرب وعلى رأسهم بالملك بوجود تقصير في إدارة شؤون المواطنين، وضربا المثل بما شهدته منطقة الحسيمة، شمال المغرب في الشهور الأخيرة، موضحين أن الملك محمد السادس أقر بوجود  فشل في المشروع التنموي الخاص بالمنطقة الذي خرجت ضده الاحتجاجات، لكن الدولة وبعد تحديد المسؤوليات في ما وقع، بدلا من إقفال الملف سياسيا بإطلاق سراح من اعتقلوا على خلفية الاحتجاج من أجل تلك المطالب، قامت بتكريس المقاربة الأمنية والقضائية، بإصدار أحكام قضائية بلغت في مجموعها 308 سنة، في حق نشطاء ريف الحسيمة المطالبين بعيش كريم، وهو ما يتعارض مع مصالح المعتقلين وعائلاتهم والمنطقة التي ينتمون إليها، فضلا عن تعارضه مع المصلحة الوطنية والاستقرار الاجتماعي، وتسببه في زيادة  الاحتقان وانعدام الثقة بين المواطنين والدولة والمؤسسات.

مقترح نائبي اليسار المغربي أثار جدلا سياسيا وقانونيا، فاعتبره البعض مخرجا سياسيا وقانونيا ملائما للخروج من الأزمة التي خلفتها الأحكام القضائية الصادرة في حق نشطاء حراك الريف التي انتقدتها غالبية المنظمات الحقوقية الدولية، ووصفتها بـ"الظالمة"، فيما اعتبره آخرون محاولة للقفز على صلاحيات الملك في العفو الخاص عمن يشاء، وتعريض البلاد للخطر بإلغاء عقوبة جرائم مهمة، لتحقيق مكاسب سياسية.

من جانبه كشف أستاذ القانون الدستوري المغربي، رشيد لزرق الأبعاد السياسية والقانونية للمقترح، موضحا لـ"سبوتنيك" أنه بموجب الدستور المغربي الصادر عام 2011، هناك فرق  بين العفو الملكي و العفو التشريعي؛ فالملك له حق العفو الخاص، باعتباره رئيس الدولة و حق العفو العام باعتباره الممثل الاسمى للأمة، ويكون إما بإسقاط العقوبة كلياً أو جزئياً أو استبدالها بعقوبة أخف منها.

أما العفو التشريعي الذي طالب به النائبان، فالهدف منه محو الصفة الجرمية عن بعض الأفعال المجرمة أصلاً، ويصدر بقانون من السلطة التشريعية، ويشمل جريمة أو عدداً من الجرائم.

وأضاف لزرق إن الهدف من قانون العفو الذي يصدر من البرلمان هو إسقاط عقوبة بعض الجرائم التي ارتكبت في ظروف سيئة غالباً ما تكون مرتبطة بفترات الاضطراب السياسي، أو الجرائم السياسية والجرائم ضد السلم المجتمعي، وبعض الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي، مشيرا إلى أن هذا النوع من العفو يستفيد منه جميع المشاركين في الجرائم التي شملها العفو، ويسري  بأثر رجعي بمحو الصفة الجرمية عن الفعل منذ تاريخ ارتكابه.

وقال الخبير الدستوري إنه بتطبيق تلك القاعدة على المحكوم عليهم بسبب حراك الريف مثلا، سنجد أن صدور قانون من مجلس النواب المغربي بالعفو العام، يزيل الصفة الجنائية كليا عن الجرائم التي وجهت لنشطاء الحسيمة، المتمثلة في تهديد سلامة واستقرار الدولة ومحاولة القتل العمد، وعرقلة سير ناقلة بغرض تعطيل المرور، و إيقاد النار عمدا، والقيام بشكل متعمد بتهديدات وأعمال عنف ضد الموجودين على متن طائرة، مشددا على أن تلك الجرائم منصوص عليها في القانون الجنائي المغربي.

واعتبر لزرق أن الحل الأمثل للتعامل مع أزمة الأحكام القضائية الصادرة في حق نشطاء الحسيمة تتمثل في الاستئناف على تلك الأحكام أمام الجهة القضائية الأعلى، أو المطالبة بعفو ملكي خاص بنشطاء حراك ريف الحسيمة فقط.

على الجانب الآخر اعتبر أستاذ العلوم السياسية المغربي عمر احرشان أن العفو التشريعي هو حل جيد لأزمة نشطاء حراك الريف، موضحا أنه ليس بالضرورة أن يترتب عليه إلغاء تجريم الأفعال المجرمة.

مضيفا أن المشكلة تكمن بحسب احرشان في كون مقترح نائبي اليسار متسرع وهدفه المزايدة والشو السياسي، لأن نائبي اليسار لم ينسقوا مع الأحزاب الأخرى داخل البرلمان لدعم المقترح قبل تقديمه. 

مناقشة