مجتمع

زياد الرحباني يعود إلى جمهوره بأعمال جديدة ضمن مهرجانات بيت الدين

بأمسيتين أحياهما ضمن فعاليات مهرجان بيت الدين السنوية، كرّس الفنان اللبناني زياد الرحباني عودته إلى جمهوره، بعد نحو عامين على الغياب عن الساحة الفنية، وذلك بعد أيام على إعلانه عن انتهاء القطيعة بينه وبين والدته السيدة فيروز.
Sputnik

مهرجانات بعلبك تعيد إحياء الليالي اللبنانية بمناسبة العيد الستين
بيروت– سبوتنيك. وعلى مدار ساعة ونصف الساعة، استمتع جمهور زياد الرحباني، الذي تقاطر بالمئات إلى بلدة بيت الدين، الواقعة في قلب جبل لبنان، إلى باقة من الأغاني والمقطوعات الموسيقية و"الاسكتشات" الحوارية، والتي تضمنت بعض الرسائل السياسية المباشرة وغير المباشرة، التي غالبا ما يحرص الرحباني على تمريرها في أمسياته الفنية.

واختيرت الأعمال الفنية التي قدمت في الأمسيتين من "ريبرتوا" زياد الرحباني القديم والجديد، وريبرتوار الأخوين رحباني —  عاصي  (والده) ومنصور (عمّه) — اللذين أغنيا الثقافة اللبنانية على مدار عقود بمئات المقطوعات الموسيقية والأغاني التي أدّتها بشكل خاص السيّدة فيروز، وفنانين آخرين.

وفي القسم الأول من أمسية يوم أمس، قدّم الرحباني، الذي شاركته في الحفل فرقة كبيرة من العازفين والكورال بقيادة كل من الملحنين هاني السبليني ونضال أبو سمرا، أغنية "العدالة" التي كتبها ولحنها زياد الرحباني من بين أغانٍ أخرى في مسرحية "أمرك سيدنا" (بطولة أنطوان كرباج)، ثم أغنية  "سيّدي أعطنا من هذا الخبز"، وهي تعود إلى أواسط السبعينيات ضمن ألبوم "قدّاس الشباب" أحد الأعمال الأولى الشهيرة لزياد الرحباني.

بعد ذلك، عزفت الفرقة الموسيقية المقدّمة الأولى لمسرحية "صح النوم" للأخوين رحباني (1971)، والتي أعيد إحياؤها في العام 2006 (بيروت) و2008 (دمشق) بمشاركة السيدة فيروز. وهذه المسرحية كانت حاضرة أيضاً في الأمسية من خلال أغنية "على البير المهجور" التي أدّتها الفنانة السورية منال سمعان، إلى جانب أغنية جديدة للرحباني بعنوان "ليك".

وإلى جانب منال سمعان منفردة، أدى الكورس المرافق لزياد أغانٍ أخرى للسيدة فيروز من بينها "مش كاين هيك تكون" (كلمات وألحان زياد الرحباني — 1999)، و"لا والله" (كلمات زياد الرحباني بلحن مستوحى من أغنية "لا بامبا"  من ألبوم "ولا كيف" — 2002)، و"اشتقت لك" (كلمات وألحان زياد الرحباني من ألبوم "مش كاين هيك تكون" — 1999)، و"خليك بالبيت" (كلمات جوزيف حرب وألحان زياد الرحباني من ألبوم "معرفتي فيك" — 1984)، و"باكتب اسمك يا حبيبي" (كلمات وألحان الأخوين رحباني".

وختم الرحباني الجزء الأول من الأمسية بنشيد جديد بعنوان "تجار المال هربوا"، أهداه إلى مقاومي الحرب الإسرائيلية على لبنان، التي تزامن الحفل الموسيقي مع ذكراها الثانية عشرة، ومن كلماته "تجار المال هربوا/ حرس السلطان انسحبوا/ بقيو جماعة بسطا وطيبين/ وعلى نيّاتن صمدوا وغلبوا… لو ما هالناس ما كان في وطن ولا بلاد/ أولادهم ماتو حتى يبقى عنا ولاد…".

وقال الرحباني إن النشيد كان يفترض أن تؤدّيه السيدة فيرزو، واعدا بأنها ستقوم بذلك قريبا.

القسم الثاني من الأمسية شهد مشاركة مميّزة من الفنان المصري حازم شاهين، أحد مؤسسي فرقة "اسكندريلا"، الذي قدّم أغنية "شو هالإيام اللي وصلنا لها" (كلمات وألحان زياد الرحباني من ألبوم "انا مش كافر" — 1985)، وأغنية جديدة بعنوان "أمريكا مين" كتب كلماتها زياد الرحباني باللهجة المصرية، ومن كلماتها "أمريكا مين؟/شياطينهم/ وعرب الباقيين؟/ ثعابينهم / ودولا الثانيين؟/بجهلهم/ ياه يا شباب يا شباب…. وده مجلس أمن/حاكمهم/ من عشرين قرن/ ونيّفهم/ وأصحاب الشأن/ ناطرينهم/ آه يا خرابي يا شباب".

وأما ختام الأمسية فكان بإنشاد أغنية "بيّي راح مع العسكر" للأخوين رحباني (من مسرحية "أيام فخر الدين")، والتي قال عنها زياد الرحباني أنها "انشودة تحوّلت إلى نشيد بسبب ارتباطها بالأمير فخر الدين" مؤسس الإمارة المعنية في لبنان (1590- 1697).

وإلى جانب الاسكتشات النقدية التي أدّاها مشاركون في الفرقة، كانت هناك رسائل سياسية متفرقة سعى زياد الرحباني إلى تمريرها مباشرة، من بينها انتقاده للحراك المدني، الذي خاض الانتخابات البرلمانية الأخيرة في لبنان، قائلاً "هؤلاء نشلونا".

وغالباً ما تثير الآراء السياسية لزياد الرحباني جدلاً حاداً في لبنان. وعلى المستوى السياسي، تبنى الرحباني (62 عاماً) الفكر الشيوعي منذ أواسط السبعينيات من القرن الماضي، لكنّ كثيرين يأخذون عليه انحيازه الحالي لـ"حزب الله"، خصوصاً في ظل الاصطفافات والحساسيات السياسية الداخلية والإقليمية، بالرغم من أنه وجه انتقادات حادة في وقت سابق قبل عامين.

وكانت آخر موجة من الانتقادات من قبل صحافيين معارضين للنظام في سوريا وآخرين مصنفين ضمن "الخط الأمريكي"، وذلك بعد مقابلة أجراها قبل أسبوعين عبر قناة "المنار" التابعة لـ"حزب الله"، ووصف فيها الرئيس السوري بشار الأسد بأنه "الصامد الأكبر" و"المنتصر"، مبدياً إعجابه بإدارة الأسد وروسيا للأزمة في سوريا ومواجهتهما "الحرب الكونية" التي تخوضها سوريا، إلى جانب توقعه بـ"انهيار السعودية في وقت قريب جداً" بعدما أوقعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في "فخ الإصلاحات".

وفي المقابلة ذاتها، أكد الرحباني عودة العلاقات إلى طبيعتها مع والدته، وذلك بعد قطيعة استمرت أعواماً، على أثر قوله إن السيدة فيروز "تحب (الأمين العام  لحزب الله) السيد حسن نصر الله كثيراً".

وكان الرحباني قد غاب عن المشهد قبل نحو عامين. وفي مقابلة سابقة أجرتها معه "سبوتنيك" في أواخر العام 2015، قال الرحباني إنه يخطط للسفر والعمل في روسيا، مشيراً إلى انه ينوي تنظيم بعض الأمسيات الموسيقية في لبنان قبل أن يقدم على هذه الخطوة. ولكن فكرة السفر إلى روسيا، والتي قال الرحباني مؤخراً إنها ما تزال محتملة، لم تتحقق، إذ اختفى الفنان اللبناني عن الظهور العلني إلا في مرّات نادرة، كان أحدها يوم مشاركته في تشييع جثمان صديقه الفنان المسرحي ومدير البرامج في إذاعة "صوت الشعب" التابعة لـ"الحزب الشيوعي اللبناني" رضوان حمزة، والذي كان حاضراً في أمسيتي بيت الدين من خلال صوره التي عرضت على شاشة كبيرة خلف الفرقة الموسيقية.

مناقشة