أزمة سياسية تهدد استقرار البلاد... تفاصيل الوضع الراهن في تونس

تتجه الأنظار إلى قصر قرطاج الرئاسي، اليوم الاثنين، حيث من المقرر أن يرأس الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي اجتماعا يوصف بالحاسم، وسط ترقب لما ستؤول إليه نتائجه، في ظل الأزمة السياسية التي تهدد استقرار البلاد.
Sputnik

وسيشارك في هذا الاجتماع الذي يأتي بعد نحو شهرين من اجتماعات الموقعين على وثيقة قرطاج، رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ورئيس البرلمان محمد الناصر، والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نورالدين الطبوبي، ورئيس منظمة أرباب العمل، سمير ماجول، إلى جانب رئيس حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي، والمدير التنفيذي لحركة نداء تونس، حافظ قائد السبسي.

كواليس الخلاف الدائر في كتلة نداء تونس حول حكومة الشاهد

الأزمة السياسية في البلاد، تتلخص في أن هناك دعوات كثيرة تطالب بتغيير الحكومة كاملة، بمن في ذلك رئيسها يوسف الشاهد،  الذي يعد أحد قادة حزب "نداء تونس" الحاكم، ويتزعم تلك المطالب، المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي، ابن رئيس الجمهورية.

ونالت تونس إشادة باعتبارها قصة النجاح الديمقراطي الوحيدة بين الدول التي شهدت انتفاضات "الربيع العربي" في 2011. لكن حكومات متعاقبة فشلت في إحداث التغييرات اللازمة لتقليص عجز الميزانية وتسريع النمو وخلق فرص عمل وأمل لأكثر من نصف مليون عاطل.

ويرى حافظ السبسي وأنصاره في الحزب، ضرورة إقالة حكومة الشاهد كلها بدعوى إخفاقها في إنعاش الاقتصاد المنهك ووصول المؤشرات الاقتصادية إلى مستوى مرعب.

وأعلن "نداء تونس" في بيان له، مايو/أيار الماضي، أن "الحكومة الحالية تحوّلت إلى عنوان أزمة سياسية، ولم تعد حكومة وحدة وطنية".

الشاهد الذي يترأس الحكومة منذ أغسطس/آب 2016، أقر مؤخرا بوجود أزمة سياسية تمر بها البلاد، محملاً مسؤوليتها للمدير التنفيذي لحزب "نداء تونس" حافظ السبسي، نجل الرئيس التونسي الحالي الباجي قايد السبسي.

لكنه يرفض الاستقالة، كما يرفض التقدم إلى البرلمان وطرح الثقة في حكومته للتصويت عليها، وهو ما يحتاج إلى 109 أصوات برلمانية، وهي نسبة يستحيل تأمينها بحسب ما يقوله النائب الصحبي بن فرج.

كما يرفض حزب "النهضة" المساس برئيس الحكومة، فقد صرح زعيمه راشد الغنوشي، بأن حزبه يدعم تعديلا جزئيا ولكنه لا يقبل بتغيير الحكومة لأن ذلك يضرب الاستقرار السياسي برمته في البلاد.

ويتكون الائتلاف الحاكم في تونس حاليا من حزب "نداء تونس" (ليبرالي/56 مقعدا نيابيا)، وحركة "النهضة" (إسلامية/68 مقعدا)، و"آفاق تونس" (ليبرالي/10 مقاعد)، وحزب "المسار".

ولفت الشاهد إلى أن الحرب على الحكومة بدأت مباشرة إثر إعلانه الحرب على الفساد، مشددا على أن الحرب على الفساد ستستمر.

سر بقاء حكومة الشاهد رغم الخلافات الحاصلة في تونس

واتهم الحزب بتصدير أزمته الداخلية إلى مؤسسات الدولة، قائلا: ''أزمة نداء الحزب موضوع وطني لأنها تسربت إلى مفاصل الدولة وأصبحت تهدد المسار الديمقراطي والتوازن السياسي في تونس".

ومع رفض الشاهد تقديم استقالته، واستحالة تأمين النسبة المطلوبة لإقالته برلمانيا في ظل اعتراض حزب "النهضة"، وإصرارها على بقائه رئيسا للحكومة، أفرزت حالة الانسداد السياسي "اعتصام الخلاص الوطني"، وهو "حراك شعبي سلمي لا علاقة له بأي حزب ولا أي أجندة ولا أي حسابات ضيقة"، وفق ما تقوله بثينة قرقري الناطقة الرسمية باسم تنسيقيته.

وانطلق الاعتصام بساحة باردو بالعاصمة، السبت 30 يونيو/حزيران 2018 للمطالبة برحيل حكومة يوسف الشاهد وبتكوين حكومة خلاص وطني تتكون من 15 وزير يتم اختيارهم حسب مجال تخصصهم.

وبينما تتعالى الدعوات المطالبة برحيل الحكومة، أعلن وزير العلاقات الدستورية، والمجتمع المدني، في تونس، مهدي بن غربية، استقالته من منصبه.

وأوضح مهدي بن غريبة أن خدمة تونس لا تكون فقط عبر منصب وزاري "للأسف ما يحدث غير جدي، ولا مجد للبلاد، ويقترب من العبث".

وشهدت تركيبة حكومة يوسف الشاهد منذ فترة إقالة وزير الداخلية السابق لطفي براهم لمنصبه بسبب تقصيره في التصدي لأزمة الهجرة غير الشرعية، وتكليف وزيرالعدل الحالي، غازي الجريبي بحقيبة الداخلية بالنيابة.

ومع تفاقم الأزمة دعا الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى "الاستقالة أو طلب تجديد الثقة بحكومته من البرلمان" إذا لم تحل الأزمة الصعبة التي تعيشها البلاد.

وأضاف السبسي، في حوار تلفزيوني مع قناة "نسمة" التونسية (خاصة)، أمس الأحد، أن "الوضع السياسي الحالي صعب ولا يمكن أن يستمر كما هو عليه اليوم، فقد وصلنا إلى حد لا يمكن المواصلة معه، وبدأنا في الانتقال من السيئ إلى الأسوأ".

وتابع: "لا يمكن الاستجابة لطموحات شعبنا —ولو نسبيا- إذا لم تكن لدينا حكومة متماسكة تتفق عليها القوى السياسية، وهذا ما أردناه من خلال وثيقة قرطاج التي توقَّف العمل بها".

وثمنت الهيئة السياسية للحزب الحاكم "نداء تونس" دعوة رئاسة الجمهورية إلى عقد اجتماع اليوم الاثنين، وقالت إنها تدعم بشكل كامل "المساعي المتواصلة لرئيس الجمهورية لإيجاد حل توافقي ونهائي للأزمة السياسية التي عطلت السير العادي لمؤسسات الدولة".

يوسف الشاهد.. "تكنوقراطي" مرشحاً لرئاسة الحكومة التونسية

ويرى رئيس الهيئة السياسية لحركة "تونس أولا"، رضا بلحاج، أن الشاهد يتشبث بالكرسى ويرفض الاعتراف بفشله، على العكس من سلفه الحبيب الصيد.

وكانت حكومة الصيد واجهت نفس المشكلة التي تواجه حكومة الشاهد حاليا، حتى رحلت بعدما سحب البرلمان الثقة منها، في 31 يوليو/تموز 2017، عقب توقيع "وثيقة قرطاج" بهدف إخراج البلاد من "أزمة حقيقية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية".

مناقشة