أزمة الروهينغا: عام على صدمة هزت العالم... فما الذي تغير

يصادف شهر أغسطس/ آب الجاري ذكرى أسوأ أزمة لاجئين وقعت في القرن الحادي والعشرين والتي استحوذت على اهتمام العالم بأسره في مثل هذا التوقيت من العام الماضي.
Sputnik

ففي عام 2017، بدأ عدد غير مسبوق من اللاجئين من مسلمي الروهينغيا الفرار من ولاية راخين في ميانمار إلى دولة بنغلاديش المجاورة، بعد أن شن جيش ميانمار حملة قمع ردا على الهجمات التي يشنها متمردو الروهينغا على الحدود.

كابوس وكارثة إنسانية

هذه الأزمة، كما أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، "كارثة إنسانية وكابوس في مجال حقوق الإنسان". ووصفت الأمم المتحدة الهجوم العسكري في راخين الذي تسبب في الهجرة الجماعية على أنه "مثال نموذجي للتطهير العرقي".

بعد مرور عام كامل، لم تعد أزمة مئات الآلاف من الروهينغيا تستحوذ على اهتمام يتناسب مع واحدة من أسوأ أزمات اللاجئين.  

في يونيو/ حزيران 2018، وقعت حكومة ميانمار اتفاقا مع الأمم المتحدة يؤدي إلى عودة ما يقرب من 700 ألف لاجئ من الروهينغا إلى ديارهم أو إلى الأماكن التي يختارون العودة إليها.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن القوى المدنية والعسكرية في ميانمار تجاهلت تماما الإدانة الدولية للقمع والادعاءات التي وصلت حد التطهير العرقي، إذ لا تزال حكومة أونغ سان سو كي تصر على أن اللاجئين الذين يحملون وثائق الهوية الصحيحة هم وحدهم الذين يمكنهم العودة.

لذلك، لا عجب من أن الروهينغا أنفسهم لا يزالون يشعرون بالتشاؤم من الوضع القائم. وقد ذكر تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر مؤخرا عن الأزمة أن قرى الروهينغا — التي تم حرق بعضها بالكامل- أصبحت الآن موقعا لمباني جديدة، بما في ذلك تشييد طرق وبنية تحتية جديدة لمنشآت خاصة بالجيش.

وتخشى منظمة العفو الدولية من أن المباني الجديدة قد تجعل من الصعب عودة ما يقرب من مليون لاجئ —فروا إلى بنغلاديش- إلى ديارهم.

العودة والتحدي الأكبر

حتى لو تم قبول اتفاق الإعادة إلى الوطن بمسماه، دون رقابة الأمم المتحدة، فلا يمكن الوثوق بالجيش الميانماري لتنظيم أو حل مطالب السكان المتضررين من النزاع بشكل عادل. فهو لا يزال الطرف الذي تشير أصابع الاتهام إليه بممارسة العنف واسع النطاق ضد مسلمي الروهينغا داخل ولاية راخين.

لذلك ستظل فترة ما بعد العودة إلى الوطن فترة التحدي الأكبر الذي يتمثل في  كيفية استعادة العلاقات بين الجيش والروهينغا.

ويبدو أن هذا التحدي يمثل المستحيل في الأزمة. فالاتفاق بين الأمم المتحدة وحكومة ميانمار أبعد ما يكون عن التصدي للأبعاد الحقيقية على أرض الواقع، والعنف ضد سكان الروهينغيا لا يزال بعيدا عن نهايته، كما أن الروهينغا  أنفسهم غير حريصين على العودة إلى ديارهم.

والحقيقة هي أنه بدون اتفاق بشأن حقوق العمل والمواطنة وما إلى ذلك، فهناك مخاوف عميقة من أن لاجئي الروهينغا سيعودون إلى وطنهم فقط لمواجهة وضع بالكاد لم يتغير منذ أن فروا من البلاد.

في هذه الأثناء، بدأ موسم الرياح الموسمية بالفعل في بنغلاديش، وهناك مخاوف كبيرة بشأن سلامة اللاجئين. فالوضع خطير: فما زال اللاجئون الروهينغا يعيشون في كارثة إنسانية، وهم محاصرون بين الأحوال الجوية القاسية ونقص التمويل وعدم اليقين بشأن مستقبلهم.

وزعم تقرير أخير لمنظمة فورتيفيت ريسورس أن جيش ميانمار خطط بشكل منظم لحملة الإبادة الجماعية لتخليص البلاد من مسلمي الروهينغا.

لكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تجنب كلمة "خطير" منذ بدء النزوح في أغسطس/آب 2017.

وما زال بقية العالم يكافح من أجل تقديم الإغاثة إلى اللاجئين. أما بالنسبة للاجئي الروهينغا، العودة إلى الوطن ليست خيارا، بل هي حتمية، وهي البديل الوحيد لحالة النزوح الذي طال أمده.

ومن الواضح أن مهمة تنفيذ إعادة توطين اللاجئين الروهينغا المستدامين وإعادة إدماجهم تقع على عاتق ميانمار نفسها. فحتى الآن، لم تفعل الحكومة أي شيء للإشارة إلى أنها ستأخذ هذه المسؤولية على محمل الجد — وبعيدا عن المساعدات الإنسانية الرمزية، لم تلتزم الدول الكبرى بأي تعهد رئيس لحل الأزمة.

هل لأنهم فقراء؟

وتعد راخين واحدة من أفقر الولايات في ميانمار وأقلها نموا. ووفقا لتقديرات البنك الدولي، يبلغ معدل الفقر بها نحو 78٪، وهو أعلى بشكل كبير من معدل الفقر في البلاد البالغ 37.5٪. ومنذ عام 2012، في أثناء اشتعال موجات العنف الطائفي بين المجتمعات البوذية والمسلمة في ولاية راخين، كثفت السلطات بشكل كبير من إجراءاتها القمعية، ونفذت اعتقالات جماعية، وعرقلت وصول المساعدات إلى المشردين.

وبالتالي، فإن أزمة الروهينغا لا تمثل حالة طوارئ إنسانية فحسب، بل تتعلق أيضاً بمسائل الأمن والهوية والتنمية.

وما لم يتم التصدي لهذه التحديات، فلن يجري التوصل إلى المصالحة طويلة الأجل بين كلا المجتمعين.

مناقشة