عروس "بحر النفط" تشرب السم جنوبي العراق

البصرة.. عروس البحر العائمة على النفط بين النخيل وشبابيك الشناشيل والقصور العتيقة المطلة على شط العرب، والتقاء رافدي العراق عند أقصى جنوبه، يعيش الناس عندها فقرا وعطشا لا ترويه سوى مياه سامة حديثا.
Sputnik

سجلت محافظة البصرة، التي دخلت في شهرها الثالث من التظاهرات المنتفضة ضد البطالة وسوء الخدمات، مئات الإصابات بالتسمم بين المواطنين منذ أيام قليلة فقط، إثر جرثومة وصلت إليهم في مياه الإسالة.

فقد كشفت المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية، لـ"سبوتنيك" عن أحدث إحصائية بحالات التسمم، التي شهدتها محافظة البصرة، في أغلب مناطقها وأكثرها تركزا في المركز، إذ بلغ عدد الأشخاص المصابين حتى الآن 500 شخص من بينهم أطفال.

اتفاق بين وزارة النفط العراقية و "شيفرون" مع نفط البصرة
وصرح عضو المفوضية علي البياتي لمراسلة "سبوتنيك" في العراق، اليوم الأربعاء 22 أغسطس/آب، قائلا:

"حسب مكتب المفوضية في البصرة، ونقلا عن تقارير طبية محلية، أن حالات التسمم في المحافظة وصلت إلى 500 حالة، وأن سبب التسمم جرثومي ناجم عن تلوث مياه الإسالة وزيادة نسبة الملوحة في الماء".

وأضاف البياتي، كما سجلت البصرة، حالات كثيرة من الأمراض الجلدية بسبب ملوحة المياه أيضا، مشيرا إلى أن توافد المرضى نتيجة التسمم بالمياه، بدأ منذ يوم الأحد 12 أغسطس/آب الجاري، إلى مستشفى الشفاء في المحافظة بأعداد كبيرة.

ونوه عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق إلى أن مكتب المفوضية طالب دائرة صحة البصرة، ببيان موقفه من الكارثة الجديد والإجراءات المتخذة للحد من هذا التسمم المتزايد وبيان سبب تلوث المياه.

وفي مطلع تموز/يوليو الماضي، أعلن محافظ البصرة أسعد العيداني، في بيان أطلعت عليه مراسلتنا، أن التراكيز الملحية ارتفعت بشكل كبير في مياه شط العرب، ما أثر على الإنسان والثروة الحيوانية والزراعية وأصبح أبناء البصرة هم المتضررين من أزمة الملوحة.

ولفت العيداني، خلال اجتماع مع مجلس المحافظة، إلى أن الفترة الماضية كانت هناك اجتماعات مع المعنيين في دوائر الدولة من أجل الوصول إلى وضع بعض الحلول الآنية لتقليل ارتفاع نسبة التراكيز الملحية.

وحينها دعا العيداني أعضاء مجلس محافظة البصرة إلى عقد جلسة استثنائية طارئة للتوصل إلى حلول لهذه الأزمة، التي تعتبر مسؤولية الجميع تجاه أبناء محافظة البصرة للحد من أزمة الملوحة.

وكانت وزارة الموارد المائية العراقية، قد حذرت في وقت سابق، من تصاعد نسب الملوحة في شط العرب في البصرة، بسبب إقدام إيران على ضخ مياه مالحة إلى الجانب العراقي، فيما تواجه البلاد أزمة جفاف أدت إلى حصول نزاعات عشائرية جنوبا.

وفي بيان سابق لها الشهر الماضي، بينت وزارة الموارد الماضية، أن نسبة تركيز الأملاح في منطقة سيحان التي تعتبر موقع مصب نهر الكارون في شط العرب، وصلت إلى (25000) جزء في المليون مقارنة بـ(2000) جزء في المليون في منطقة كتيبان في أعالي الشط، وهذا يعود لسببين أولهما ضخ مياه شديدة الملوحة في هذه الفترة من السنة من الجانب الإيراني مثلما حصل في سنوات سابقة، وكذلك المد العالي الذي يدفع تلك المياه في اتجاه مركز مدينة البصرة.

وتشهد محافظة البصرة منذ يوم 20 يونيو/ حزيران الماضي، تظاهرات بدأها عاطلون عن العمل ضد انعدام فرص التشغيل، لينظم إليهم الآلاف من أبناء المحافظة مع مطالب أخرى لتوفير الخدمات على رأسها الكهرباء والمياه الصالحة للشرب مع إيجاد حلول للبطالة المتفاقم.

وتعتبر البصرة الواقعة في أقصى جنوب العراق، من أغنى مدن البلاد نفطيا ويعتمد عليها الاقتصاد العراقي بنسبة كبيرة، بالإضافة إلى أنها المنفذ البحري الوحيد بموانئها التجارية المطلة على الخليج.

مناقشة