أيلول 1982... بداية "جمول" المقاومة التي لن تتكرر

هي مقاومة فريدة من نوعها انطلقت يومها من العاصمة بيروت إبان الحصار الإسرائيلي، لم تكن مشروعا مخططا له أو تنظيما مدعوما من دول كبرى و لم تكن مسيرة من أحد.
Sputnik

"جمول" الطلقة الأولى في بيروت... إسرائيل انهزمت
بدايتها كانت بإمكانيات بسيطة وقلب قوي وسواعد جريئة قررت نفض غبار الصراعات الداخلية عنها وإطلاق أنبل ظاهرة ثورية في تلك الفترة، محاربة العدو الإسرائيلي وعدم السماح له باحتلال عاصمة عربية أخرى في زمن بدا فيه الإستسلام خيارا للكثيرين.

الخوف واليأس والرعب دفع الكثيرين يومذاك إلى إلقاء السلاح ودفنه في أزقة بيروت اعتراضا على الواقع الذي وصلت إليه الأمور في تلك الأيام من أيلول 1982. لكن إرادة البعض منهم وجدت اللحظة التاريخية لاستنهاض ما تبقى من روح المقاومة للدفاع عن بيروت.

وقفت الدول العربية والعالمية صامتة تتفرج على العرض الإسرائيلي منتظرة إعلان احتلال بيروت، لكن هذا الخنوع والذل حرك ضمائر وسواعد مقاومين وطنيين انتموا بمجملهم إلى اليسار اللبناني الذي كان يحارب اليمين اللبناني من جهة وانطلق بمهمة ثانية هي محاربة إسرائيل وجيشها من جهة أخرى باللحم الحي وأبسط الأسلحة والإمكانيات، لكن بإرادة صلبة وعقيدة راسخة.

مقاومون خلال اجتياح بيروت 1982

من "جمول" مقاومة وطنية لبنانية لن تتكرر… إلى "حزب الله"

انتقلت البندقية اليوم من مقاوم إلى أخر، تغيرت خلالها مكونات النضال والعمل الثوري المقاوم أبرزها الشعارات والأهداف، حتى طينة المقاومين انقلبت رأسا على عقب أيديولوجيا، من وطنيين ماركسيين شيوعيين وقوميين إلى إسلاميين، بالإضافة إلى تغييرات طالت التكتيك العسكري والقتال، هذا عدا عن الإمكانيات والأسلحة والتطور التكنولوجي العسكري.

استلم "حزب الله" اليوم دفة قيادة المقاومة في لبنان وانكفأت قوى كثيرة عن العمل العسكري المقاوم نتيجة عوامل فكرية ومادية وسياسية، لكن بقي تاريخ جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية "جمول" مضيئا، وذلك لأسباب كثيرة أبرزها الدور البارز والأهم للمقاومة الوطنية في تلك المرحلة الصعبة، حيث تحدى المقاومون كل الظروف المحيطة بهم من حصار وضربات جوية إسرائيلية وانتشار العملاء التابعين لإسرائيل.

ثانيا، شكلت المقاومة الوطنية اللبنانية حالة لن تتكرر في تاريخ لبنان كله وذلك من خلال تشكلها من مقاومين وطنيين من مختلف الطوائف والمذاهب اللبنانية، فكان لها قادة من أقصى الشمال اللبناني وصولا إلى أقصى الجنوب. هذا الأمر أعطى "جمول" ميزة عن غيرها من حركات المقاومة التي تقوقعت وانغلقت على نفسها.

ثالثا، ارتكزت المقاومة الوطنية اللبنانية على مشروع وطني هدفه قيام الدولة المدنية العادلة لأبنائها وليس دويلات طائفية ومذهبية تحكمها دول راعية.

وتبقى "جمول" البداية والطلقة الأولى والتي قدمت الشهداء من مختلف الطوائف والمذاهب لتحرير بيروت والجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي، وبعدها أكملت المقاومة الإسلامية (حزب الله) المسيرة مقدمة الكثير من الشهداء الذين ساهموا بالتحرير الكامل عام 2000.

مناقشة