لبنان يظلم ويحرم جيشه الوطني من سلاح نوعي

تداولت الصحف والوكالات اللبنانية خبرا مفاده أن لبنان رفض مجددا الهبة العسكرية الروسية التي كانت وزارة الدفاع الروسية بصدد تسليمها للبنان من دون مقابل، هذا الأمر ليس الأول من نوعه في بلد اعتاد أن يكون ملحقا ومبتزا من دول مختلفة حسب الولاءات والمصالح الضيقة للسياسيين اللبنانيين على حساب بلادهم.
Sputnik

لبنان بين الاستجداء من أمريكا والمكرمة الروسية
بعد رفض لبنان "هدية" روسية فاخرة عام 2008 والتي كانت كناية عن طائرات من نوع "ميغ 29" ودبابات ومدافع أكثر تطورا ويحلم بها الجيش اللبناني فقط نظرا لقيمتها السوقية العالية، يتذرع لبنان بتكبر أن كل ما يقدم من هدايا روسية مخالف تقنيا، أولها بحجة عدم وجود مطارات مجهزة لاستقبال الطائرات الروسية، عدا عن كلفة الصيانة الكبيرة لكل طائرة وغيره وغيره من الحجج السخيفة.

أما عن المساعدات الأمريكية فحدث ولا حرج تستميت القيادة العسكرية اللبنانية ومعها القيادات السياسية الدائرة في فلكها على "هامفي" أمريكي ملئه الصدء بعد أخر حرب "فيتنام" وبحاجة لخزينة أموال مستقلة نظرا لكمية الوقود التي تستهلكها هذه السيارات الأمريكية غير المجدية أو عن طائرات هليكوبتر تستعملها شرطة البلدية في ولايات أمريكية ودول غربية، بالإضافة إلى طائرات "عسكرية" مقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية وهي بالفعل طائرات لتعليم الطيران في الولايات المتحدة وغيرها من الدول والتي خرجت من الخدمة العسكرية نظرا لمستواها الذي لا يتناسب مع المتطلبات العسكرية الحالية لأي جيش عصري.

واليوم مجددا يرفض لبنان هبة عسكرية روسية جديدة ليست بحجم الأولى وعبارة عن ذخائر وملايين الطلقات متعددة العيارات لبنادق رشاشة ومتوسطة، لكن الرفض هذه المرة ليس بحجة المطارات بل بذريعة أن الذخائر لا تتناسب مع أسلحة الجيش اللبناني الأمريكية "الفتاكة" وكأن ما يملكه هو لا مثيل له في العالم علما أن ألوية عدة في الجيش تستعمل السلاح الروسي كأساس لها.

عذر أقبح من ذنب

تعلم القيادة العسكرية اللبنانية أكثر من غيرها أنها بحاجة لأي سلاح كان ولا مشكلة بهويته، وذلك مؤكد من خلال مصدر عسكري سابق خاص أشار أن جولات لبنان على الدول تتضمن ملحق عسكري دائما يعرض خلالها متطلباته العسكرية ويقول " نحن بحاجة لدعم… نحن بحاجة لسلاح".

روسيا بين إسرائيل وسوريا وحلفائها
تعوّد لبنان على التوسل من غيره حتى من جيرانه السوريين الذين ما بخلوا يوما بإعطائه السلاح، وكان آخرها خلال معركة نهر البارد عام 2007 حيث طلب لبنان من سوريا أعيرة مدفعية لأنها نفذت من مخازنه "المليئة" بالسلاح الأمريكي بعد عدة أيام من بداية المعركة، هذا كله في عهد حكومة لبنانية حاربت سوريا ونظامها واحتفلت بخروج جيشه "المحتل" بحسب تعبيرهم من لبنان وأصبحوا أحرارا.

لا شك أن من يعيق اليوم الهبة الروسية هي شخصيات سياسية لبنانية تدور في فلك الولايات المتحدة وهي جاهزة في أية لحظة للقيام بكل ما يلزم لإرضاء الحليف على حساب لبنان وأمنه وموقعه ومواجهته للعدو الإسرائيلي. فالبعض من هؤلاء السياديين يريد جيشا قويا قادرا على مجابهة إسرائيل بعيدا عن "حزب الله" الذي يريدون إبعاده بذريعة سلاحه الموجود خارج إطار الدولة.

الجيش اللبناني في جرود رأس بعلبك

هؤلاء أنفسهم اليوم يعترضون على الهبة الروسية ولا يريدون جيشا قويا مثلهم مثل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية التي تهدي لبنان خردة عسكرية لا قيمة ونفع لها لدولة يتواجد على حدودها جيش من أقوى جيوش العالم.

أين حلفاء "روسيا"….  تقصير أم مجرد مساومة

السؤال الذي يطرح نفسه هو موقف المحور المقاوم المقرب من روسيا سياسيا والذي يشارك بالحكومات المتعاقبة وحكومة تصريف الأعمال الأخيرة عن دوره ورأيه بالهبة العسكرية الروسية للجيش اللبناني.

فهل هو يلعب دور المساوم بهذه القضية برفض الهبة الروسية من خلال مساومته على قضايا أخرى (أعطيني تأعطيك)؟ أم هو موقف موحد للأطراف اللبنانية كافة؟ يبقى الجواب لدى هذه القوى وننتظر توضيحا أو موقفا رسميا.

(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)

مناقشة