مساعد وزير الخارجية المصري لـ"سبوتنيك": نتائج الفشل في "سد النهضة" كارثية

التعاون الاقتصادي بين دول القارة الأفريقية والعقبات التي تواجهه، ومستقبل هذه العلاقات في ظل التدخلات الخارجية، وطبيعة العلاقة بين مصر والسودان وآخر مستجدات المفاوضات حول سد النهضة، كانت هذه أبرز النقاط في المقابلة التي أجرتها "سبوتنيك" مع السفير وائل عادل نصر مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية. وإلى نص اللقاء...
Sputnik

الحديث عن فرص الاستثمار في أفريقيا… هل هو بداية لمرحلة جديدة من التعاون بين دول القارة؟

وزير الخارجية المصري يبحث مفاوضات سد النهضة مع نظيره الإثيوبي
هذه اللقاءات ليست مرحلة جديدة ولا استمرار لمراحل لم تنجح، هي استمرار طبيعي للعلاقة بين مصر وأفريقيا وبين الدول الأفريقية وبعضها البعض، حيث بدأت الدول الأفريقية تشعر أنه لابد من التكاتف سويا من أجل النهوض، لأنهم أيقنوا أن الدول التي كانوا يعولون عليها في نهضتهم لا تبحث سوى عن مصالحها مع الإبقاء على الدول الأفريقية كحديقة خلفية لمنازلهم من أجل استغلال ثرواتهم مجانا، والحصول على أكبر قدر من الاستفادة، مع العمل على إبقاء الأفارقة سوق لتصدير السلاح بعد إشعال الحروب والصراعات داخل تلك الدول، وأعتقد أن هناك إدراك أفريقي عام في الوقت الراهن أنهم لن ينهضوا إلا بسواعد أبناءهم والتعاون مع أبناء القارة الذين يعانون من نفس الظروف، ونحن جميعا كأفارقة لن نستطيع النهوض سوى بمساعدة بعضنا البعض، المستعمر لن يساعدنا وليس من مصلحته ذلك، وأرى أن الأفارقة تعلموا وأدركوا الدرس جيدا مما يحدث في المنطقة العربية وخافوا من انتقال تلك السيناريوهات التي صنعها الغرب إلى بلادهم.

هل يعني هذا أن الوعي الأفريقي سبق الوعي العربي بإدراك ما سيحدث؟

هناك اختلاف في طبيعة الشخصية الأفريقية عن العربية، لذلك مسألة الوعي والإدراك هنا نسبية، ففي الدول العربية كان من السهل التلاعب على وتر الدين وخلق مليشيات كما حدث ومازلنا نعاني منه إلى الآن ومازالت "داعش" حاضرة في المشهد وجميعنا يعلم من ورائها، فهى اختراع امريكي بريطاني مازال حتى الآن يتلقى الدعم المادي والمعنوي، وكلما هدأت الأوضاع وظننا أنه توارى عن المشهد نجده يعاود الظهور سواء في سوريا أو العراق أو بلدان اخري، لذا أدرك الأفارقة أن لديهم نماذج من تلك المليشيات متمثلة في "بوكو حرام والشباب الصومالية وغيرها" فقرروا أنه لا داعي لاستيراد المزيد، ولا يجب أن نراهن على تعاون أفريقي كما نريد في يوم وليلة، الأمر قد يستغرق سنوات طويلة، لكن رحلة المليون تبدأ بخطوة.

هل من دور تقوم به الدبلوماسية المصرية لحل الخلافات وتقريب وجهات النظر الأفريقية… أليس من الطبيعي أن تسبق السياسة الاقتصاد؟

مقولة السياسة تسبق الاقتصاد ربما تكون قديمة بعض الشيء في عالم تحكمه المصالح، فعندما تريد الارتباط بدولة ما لابد أن تربط مصالحها بك وتربط مصالحك بها، وهنا تكون الرابطة قوية لأنها تمس طبقات المجتمع عن طريق الاقتصاد والتجارة، ولا يمكن أن نقول السياسة تسبق الاقتصاد لكن الاقتصاد يسبق السياسة حاليا وتلعب المصالح الاقتصادية الدور الأكبر في العلاقات بين الدول، وكلما زاد حجم العلاقة الاقتصادية توطدت الروابط السياسية وازدادت قوتها.

مساعد وزير الخارجية المصري في حوار لـ"سبوتنيك"

اللقاءات الدبلوماسية التي تجمع السفراء الأفارقة في القاهرة هل ساهمت في حل الخلافات بين دول القارة وعلى سبيل المثال بين مصر وأثيوبيا حول سد النهضة؟

الخلافات تحدث بين الأشقاء في الأسرة الواحدة وهى شيء طبيعي يبرهن على قوة تلك العلاقات طالما هي خلافات حميدة، والخلاف بين مصر وأثيوبيا يدخل تحت هذا الإطار ولا ترقى لمستوى الصراع  وكل شيء يمكن أن يحل بالتفاوض، وكلما زادت صعوبة التفاوض نكون سعداء عندما نصل للحل، وفي النهاية مصر دولة قوية وتحترم كل أشقائها الأفارقة، فنحن دولة أفريقية قبل كل شيء من ناحية الموقع والتاريخ والثقافة الأفريقية الضاربة في القدم والتي يتعدى عمرها 10 سنة.

إلى أين وصلت مفاوضات سد النهضة؟

أعمال البناء متوقفة حاليا في سد النهضة لأسباب فنية ومنتظر استكمالها، والمفاوضات مستمرة وسنصل إلى حل،  والعلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين كبيرة جدا ومصر لها استثمارات بالمليارات في إثيوبيا ولا نريد التضخيم الإعلامي لأشياء يمكن أن تحل ويجب أن تحل، لأن الفشل في الحل يترتب عليه نتائج لا تستطيع أي من الدولتين تحملها.

العلاقة المصرية السودانية تمر بمراحل تذبذب من فترة لأخرى… ما السبب؟

مصر والسودان يؤكدان التزامهما في الجوانب الفنية بمياه النيل
مصر والسودان أشقاء والخلافات تحدث حتى بين أفراد الأسرة الواحدة، وتحدث مناوشات إعلامية بين الحين والآخر، لكن لا يمكن أن تقبل مصر مساس بالسودان، والسودان لا تقبل المساس بمصر من أي جهة كانت ولو حدث ذلك سترى العلاقة الحقيقية بين البلدين بشكل قد لا يعرفه الكثيرين، الخارج هو من يحاول دائما إفساد تلك العلاقة بين الحين والآخر والمسألة واضحة وصريحة، العلاقة بين البلدين لا أتصور أنها تخيفني، فعلاقة الشعبين ببعضهما اقوى بكثير جدا من أن تفرقهم سياسات وحكومات.

الأزمة الليبية…موقعها بالنسبة للدبلوماسية المصرية؟

ليبيا دولة شقيقة ويهمنا استقرارها لكن مبدأ مصر الأساسي في علاقاتها الخارجية هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة وتترك الشعوب تقرر مصيرها بنفسها، وعندما يطلب منا المساعدة لن تتأخر، فالتاريخ شاهد أن مصر لا تتأخر عن المساعدة حتى وهى في أحرج لحظاتها وهذا مبدأنا.

كيف ترى مستقبل العلاقات الأفريقية —الأفريقية؟

يجب أن تنهض بل لابد أن تنهض، ومصر لم تغلق أبوابها في أي وقت أما الإخوة الأفارقة، قد تكون المنح المصرية قلت نسبيا في وقت من الأوقات نتيجة الظروف الاقتصادية، لكنها عادت الآن وبصورة أقوى مما كانت عليه في السابق.

أجرى الحوار: أحمد عبد الوهاب

مناقشة