تونس... مشايخ يحرمون انتخاب المؤيدين للمساواة في الإرث... "نداء تونس": القانون سيمر رغما عن "النهضة"

في الوقت الذي ينتظر فيه قانون المساواة في الإرث المقترح من الرئيس التونسي تصديق البرلمان الذي تسيطر عليه أغلبية إسلامية متشددة تابعة لحركة "النهضة"، شن شيوخ الزيتونة حملة مناهضة للقانون، وصلت لحد تجريم إعادة انتخاب المؤيدين للمساواة في الإرث في الانتخابات التي تشهدها تونس مستقبلا.
Sputnik

قال رئيس قسم الشريعة والقانون بجامعة الزيتونة، إلياس دردور، إن شيوخ الزيتونة —أكبر وأقدم مسجد في تونس- يرون أن انتخاب أي عضو من أعضاء مجلس نواب الشعب سيوافق على قانون المساواة في الإرث، في أي موعد انتخابي مقبل، هو فعل حرام شرعا، معتبرا أن ذلك فتوى دينية.

ولفت دردور خلال ندوة علمية شارك فيها في منطقة سوسة، يوم الاثنين الماضي، إلى أن شيوخ الزيتونة —وهم منهم- يتحركون من منطلق ديني ولهم حرية اعتقاد، ونرى أن كل من يصادق على قانون المساواة في الميراث يحرم شرعا من تمثيلنا في أي مجلس بلدي أو مجلس نواب، ويحرم على التونسيين انتخابهم في أي مسؤولية مستقبلا.

ومن جانبه قال المنسق العام لحركة نداء تونس رضا بلحاج، إن خطاب دردور يدخل في إطار خطاب الكراهية والدعوات الاستئصالية، مشيرا إلى أن مشروع قانون المساواة في الإرث مطابق للشريعة الإسلامية، وأن مشروع القانون تطبيق للدستور التونسي الذي يقر المساواة بين الجميع، والدين الإسلامي الحنيف هو دين المساواة، لافتا في اتصال مع "سبوتنيك" إلى أن قراءتنا للشريعة قراءة متفتحة، ودعوات دردور وغيره من المتشددين، هي دعوات للكراهية منافية للدين الإسلامي.

ويتضمن مشروع قانون المساواة في الميراث، السماح للمرأة بالمساواة مع الرجل في الميراث، طالما لم يوص الأب قبل وفاته بتقسيمه وفق أحكام الشرع، وهو ما يعتبره البعض تحويلا لأحكام الشريعة الإسلامية إلى استثناء، لتصبح المساواة في الميراث هي المبدأ وليس العكس.

وشدد بلحاج على أن نواب نداء تونس ماضون قدما في الدفاع عن مشروع القانون، مؤكدا أن القانون سيمر بالأغلبية المريحة، ولن يعرقله سوى  حركة النهضة التي عادت بحسب بلحاج إلى الخطاب الرجعي.

وعن موعد مناقشته أمام البرلمان، قال عضو حركة نداء تونس إن مشروع القانون يتواجد الآن بمكتب مجلس النواب، ومن المقرر أن يحيله إلى الجلسة العامة بعد دراسته إلى اللجنة المختصة، ومن المقرر أن تبدأ مناقشته في الجلسة العامة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وحركة النهضة تحاول الآن عرقلة مناقشته داخل البرلمان، كما تعرقل كل شيء، مشددا على أن العقبة أمام تقدم تونس في الوقت الحالي هي حركة النهضة.

الرئيس التونسي يقترح مساواة الرجل والمرأة في الإرث
وأكد بلحاج على أن  أغلبية النواب والشعب التونسي المتسامح و المتفتح والفاهم للشريعة بما يتماشى مع روح الإسلام، سيمررون قانون المساواة في الإرث في القريب رغما عن حركة النهضة والمتحدثين بلسان الدين.

وكان الرئيس التونسي قائد السبسي، قد شكل في عيد المرأة التونسية العام الماضي، لجنة بعنوان "الحريات الفردية والمساواة"، وكلفها بإعداد تقرير عن التعديلات التشريعية اللازمة لإرساء الحقوق الفردية والمساواة،  وأعدت اللجنة  برئاسة بشرى بلحاج، تقريرا تضمن مقترحاتها لسن تشريعات، تساوي بين تونس والدول الأوروبية، في المنظومة العالمية للحريات الفردية والمساواة، من حيث إلغاء عقوبة الإعدام، و السماح للمرأة بالمشاركة في الولاية على الأسرة، والمساواة في الميراث مع الرجل، إضافة إلى تعديل قوانين النفقة والعدة وحضانة الأطفال، والنسب فضلا عن ضمانات حرية الفكر والتعبير، والسلامة الجسدية، والحريات الجنسية.

ومن جانبها قالت بلحاج لـ"سبوتنيك" أن دردور ومن على شاكلته من المتشددين والمدعين بتمثيل الإسلام يمارسون التخويف والترويع بل وتكفير من يخالفهم في الرأي، موضحة أنه من حق رئيس قسم الشريعة بجامعة الزيتون أن يرفض قانون المساواة في الإرث، ولكنه لا يملك هو أو غيره تكفير المؤيدين لقانون، مضيفة أن خطاب الكراهية و التحريض الذي يبثه الشيخ ضد المؤيدين للقانون يخالف الدستور ويخضعه لطائلة القانون.

وفي المقابل، أكد الناطق باسم حركة النهضة، عماد الخميري، إن الحركة ليس لها شأن بمواقف المؤيدين أو المعارضين لقانون المساواة في الإرث، لافتا إلى أنه من حق كل تونسي أن يعبر عن رأيه تجاه المقترح.

وأشار الخميري لـ"سبوتنيك" إلى أن موقف حركة النهضة من مشروع قانون المساواة في الإرث، معلن ومعروف للجميع ولا داعي للمزايدة عليها، لافتا إلى أن حركة تعارض أي مقترح يمس ثوابت الدين الإسلامي.

وشدد المتحدث باسم حركة النهضة التي يمثلها في البرلمان التونسي 68 نائبا من أصل 217 نائب، على أن نواب كتلة حركة النهضة في البرلمان، لديهم قنوات شرعية للتعبير عن رأيهم تجاه مشروع القانون وقت التصويت عليه.

وكان مجلس الوزراء التونسي برئاسة الرئيس الباجي السبسي، قد صادق في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على مسودة قانون الأحوال الشخصية التي تتضمن أحكاما بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وأرسله إلى مجلس نواب الشعب للمصادقة عليه.

مناقشة