أول مواجهة حقيقية بين الطرفين كانت في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1961 بعد أن منع الضباط الأمريكان من دخول شرق برلين حيث تسببت تلك الحادثة في إرسال أمريكا دباباتها، فيما حذرها الاتحاد السوفييتي من مغبة تلك الخطوة، ولثلاثة أيام نشرت واشنطن وموسكو أسلحتهما في الشوارع الألمانية.
ولكن بدأت القوات السوفيتية في تلك اللحظة التصرف بحكمة، وسحبت عدد من قواتها، لترد الولايات المتحدة بالمثل، وتنتهي الأزمة، التي كادت أن تجعل أوروبا مسرحا لحرب عالمية ثالثة.
وقد علق وزير الدفاع الأمريكي بالقول: "كان حظنا كبيرا في تجنب الوقوع في أتون حرب نووية".
قيل إنَّ ليندون جونسون قد انفجر غضبًا، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 1965، في اجتماع مع القيادات المشتركة الذين أرادوا منه أن يزيد من التدخل في فيتنام. وقد سبهم جونسون سبًا مقذعًا، لرغبتهم، من وجهة نظره، في المخاطرة بحرب نووية في فيتنام. وكما اتضح لاحقًا، فلم يكن جونسون الوحيد الذي لديه مشكلة مع الجنرالات.
يشير الكات إلى أنه بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، نُشرت في روسيا، أخيرًا، المذكرات الممنوعة سابقًا للحليف السياسي لخروتشوف، أناستاس ميكويان. حكى ميكويان قصة مرعبة تعود للعام 1965 أيضًا: إذ اقترح قادة الأركان العامة السوفييت، الذين أغضبهم القصف الأمريكي لفيتنام، والتحرك الأمريكي السابق في جمهورية الدومينيكان، زيادة الضغط على برلين. قال ميكويان في المذكرات:
شدد وزير الدفاع السوفييتي، الجنرال روديون مالينوفسكي، على أننا ينبغي ألا نقتصر على أي شيء كنا نقوم به بالفعل لمساعدة فيتنام، وأنه بعد أحداث الدومينيكان، ينبغي أن نتوقع تحركًا مباشرًا ضد كوبا. ومن ثم فينبغي لنا أن نواجه الأمريكيين بشكل فعال. واقترح القيام بمظاهرة عسكرية في الغرب (أي في برلين على الحدود مع أوروبا الغربية) وإرسال وحدات بعينها ــ قوات محمولة جوًا وغيرها ــ من أراضينا إلى ألمانيا والمجر. وأكد وزير الدفاع على أننا ينبغي لنا أن نكون مستعدين لضرب ألمانيا الغربية. وأضاف لاحقًا، ملاحظته القائلة بأنه: "بشكل عام، فيما يتعلق بالموقف الناشئ، ينبغي أن نُظهر أننا لا نخشى اقتراب خطر الحرب".
اختلفت الرؤیة للقوتین العظمیین فى ذلك الوقت الولایات المتحدة الأمریكیة والاتحاد السوفیتى تجاه الصراع العربى الإسرائیلى, حیث لم یكن هناك علاقات دبلوماسیة بین واشنطن وكل من القاهرة ودمشق حیث أن العلاقات قد قطعت فى أعقاب حرب 1967.
ومن أجل هذا حاول الكرملين إنقاذ المصريين بحل جديد هو جيش تدخل أمريكي سوفييتي للفصل بين الفريقين المتحاربين، ولكن الأمريكيون تعرفوا فورا على حقيقة عرض الكرملين وأنه محاولة لإدخال قوات سوفييتية إلى الشرق الأوسط، فرفضته واشنطن.
هددت القيادة السوفييتية حينها بالتدخل الأحادي، وأرسلوا رسالة للرئيس ريتشارد نيكسون، وصفها كيسينجر لاحقا بأنها واحدة من أخطر التحديات القادمة من موسكو التي واجهت البيت الأبيض.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1983، أجرت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" مناورة عسكرية أطلقت عليها اسم "آبل آرتشر"، لاختبار قنوات الاتصال بين أمريكا الشمالية وأوروبا، واختبار الانتقال من العمليات التقليدية إلى العملية النووية في الحرب العالمية الثالثة الافتراضية.
ورغم أن تحركات "الناتو" كانت مشفرة، وبدأت برسالة "تدريب"، إلا أن تلك التدريبات لم تمر مرور الكرام، حيث دشنت الولايات المتحدة كافة القوة النووية الخاصة بها، خشية أن تستغل الكرملين تلك التدريبات "السرية" من أجل شن حرب تحت ذريعة تلك التدريبات.
وبالفعل كان رد فعل "السوفيت" جنونيا بالنسبة للأمريكان، حيث أنهم قطعوا حركة المرور بين الولايات المتحدة وأوروبا، ووضعوا قواتهم بين القوات الأمريكية والقوات التابعة للناتو، وهو ما كاد أن يفجر الوضع.
ولكن ريغان خرج من تلك المناورة بدرس كبير، وهو الوقت قد حان لفتح قنوات التواصل مع الكرملين لتفادي أي صدامات قد تؤدي لانهيار العالم.