مجتمع

المنجد... خازن أسرار الدمشقيين وكاشف كنوز "الحموات والكنات" يستعيد حضوره (فيديو وصور)

صرر مليئة بالذهب مخبأة في الوسائد... ومبالغ مالية كبيرة في لحاف قديم... كلها سلمت لأصحابها بأمانة... هوذا المنجّد، يعود ضيفا على البيوت الدمشقية في زمن الحرب والبرد.
Sputnik

لم يتوقع "ياسين الشعار" المعروف بـ "أبو ممدوح المنجد" أن يصبح واحدا من القلائل في مهنته، ولا سيما في حي الميدان الدمشقي، ففي زمن سابق كان لأصحاب الحرفة محلات كثيرة في معظم المناطق عدا عن سوق خاص بهم في منطقة "باب الجابية" يسمى "سوق الصوف أو سوق القطن"، يعود تاريخه إلى الفترة المملوكية بين عامي 1250 و1517 ميلادي، طرأت عليه تغييرات كبيرة غيرت ملامحه حتى اختفت دكاكين بيع الصوف وحلت مكانها أخرى تبيع الألبسة الجاهزة.

الأمانة أولا

ورث أبو ممدوح مهنة التنجيد عن والده في عمر مبكر، لذا أُتيح له إتقانها والتفنن فيها، وأهم ما في المهنة كما يحكي لـ "سبوتنيك" الالتزام بما تفرضه من أخلاقيات أولها الأمانة واحترام حقوق الناس وممتلكاتهم، لكونها تتطلب زيارة البيوت والعمل فيها لساعات طويلة وربما لأيام، تصادف غياب الرجل الزوج أو الأب، ما يجعل سمعة المنجد على المحك دوما، وهو ما يتباهى بقدرته على تجاوزه بنجاح وأفضلية، جعلا اسمه معروفا في منطقته بعد عدة تجارب، أثبت فيها أنه أهلٌ للثقة.

المنجّد... خازن أسرار الدمشقيين وكاشف كنوز "الحموات والكنّات" يستعيد حضوره خلال الحرب!

يضيف أبو ممدوح: مهنتنا ليست عادية كما يظن البعض، فنحن نطلع على تفاصيل وأسرار خاصة، كمستوى المعيشة والنظافة وما لا يخطر على البال، أذكر مثلا أنني وجدت أثناء عملي عند إحدى العائلات صررا مليئة بالذهب ومخبأة بين صوف المخدات، كانت إحداهن أوصت بها لبناتها، وقبل سنوات عثرت على مبالغ كبيرة في لحاف قديم، أعدتها كلها بفضل الله وباركت لأصحابها بأرزاقهم.

المنجّد... خازن أسرار الدمشقيين وكاشف كنوز "الحموات والكنّات" يستعيد حضوره خلال الحرب!

تحضيرات العروس

ترتبط مهنة التنجيد بتحضيرات العروس وتهيئة منزل الزوجية بالفرشات والمخدات واللحف، وفي زمن ماض كانت مقياسا للغنى والرفاهية، حتى أن عائلات كثيرة في الأرياف كانت تضعها في سيارة مكشوفة وتجوب بها الحي إشارة للحظوة التي ستنالها العروس في منزلها الجديد، وهو طقس تراجع حتى انتهى لصالح المفروشات الحديثة، والتي كادت معها أن تندثر مهنة التنجيد قبل انتعاشها مجددا مع ظروف الحرب، إذ لم يعد بإمكان محدودي الدخل من السوريين إنفاق مبالغ باهظة لشراء "البياضات" وغيرها من مستلزمات غرف النوم والجلوس، فكانت العودة إلى التنجيد القديم، الأرخص سعرا والأكثر جودة. 

المنجّد... خازن أسرار الدمشقيين وكاشف كنوز "الحموات والكنّات" يستعيد حضوره خلال الحرب!

نوعية الفرش

يستخدم أبو ممدوح في "ندف" الصوف، القوس المصنوع من الخشب بطول يتراوح من متر إلى متر ونصف، مربوط بوتر أصله من الأمعاء الرفيعة للخروف، إضافة إلى المطرقة المسماة "الجك" وهي أداة خشبية قصيرة بنهاية عريضة ولها مقبض بطول 15 سم، وفي عدة التنجيد أيضا "عصا مأخوذة من شجر الرمان أو الخيزران أو المعدن، إبرة خياطة كبيرة، كشتبان، مشرط حاد".

أما طريقة العمل فترتبط بنوعية الفرش، حسبما يشرح، لأن خياطة اللحاف تتطلب منه الاستلقاء مستندا على كوعه والعمل باليد الثانية في حين لا تحتاج خياطة المخدات لذلك، وهو ما ينطبق على "طَرق" الصوف أيضا وإعادة فرده وتجميعه أكثر من مرة، وإذا كانت الفرشة مخصصة لتمد على الأرض تنجد بقماش خام أبيض، ويُخاط لها كيس قماشي ملون يغلفها بالكامل لحمايتها والحفاظ على نظافتها، أما إذا كانت مخصصة للسرير فيمكن استخدام القماش الأبيض أو الملون حسب طلب الزبون.

المنجّد... خازن أسرار الدمشقيين وكاشف كنوز "الحموات والكنّات" يستعيد حضوره خلال الحرب!

يؤكد المنجد أبو ممدوح ازدياد الطلب على اللحف في فصل الشتاء القاسي هذا العام، تزامنا مع غياب وسائل التدفئة وانقطاعات الكهرباء المتكررة، وكعادته يبذل جهده لتقديم أفضل ما يمكن.

مناقشة