مجتمع

مؤلف "الوصايا": عايشت أجواء الرواية والترشح لـ"البوكر" يبرزها عربيا

بلغة خاصة وبسيطة وسرد مكثف ينقل الكاتب المصري، عادل عصمت، وصايا جد إلى حفيده قبل موته، في رواية الوصايا، الصادرة عن دار نشر "الكتب خان" عام 2018، والتي وصلت إلى القائمة القصيرة للروايات المرشحة لنيل جائزة "البوكر" العربية عام 2019.
Sputnik

ترصد الرواية سيرة ثلاثة أجيال من أسرة ريفية مصرية تعرضت لأزمة اقتصادية في ثلاثينيات القرن الماضي، أجبرت الجد "عبد الرحمن سليم" على ترك تعليمه والتفرغ لرعاية شؤون أسرته، ومن خلال تتبع مراحل صعود وهبوط هذه العائلة، يسعي الجد لنقل وصايا عشر لحفيده، تعلمها خلال رحلته وهي "خلاصك في مشقتك، وإياك والعمي، والمتعة عابرة كالحياة، وكن يقظا وقت الأفراح، والثروة مثل الدابة عليك أن تسوقها، واحذر أن تقتل أخاك، والأحزان سموم القلب، وتحمل الألم، والمحبة دواء أيام الباطل، وأعظم الفضائل في التخلي".

"المولودة" لنادية كامل... رواية تاريخ مصر الحافل عبر امرأة واحدة (صور)
في حوار مع وكالة "سبوتنيك" يصف الكاتب الرواية بأنها "حكاية عائلة مصرية من الطبقة الوسطى الريفية، عانت أزمة مالية في ثلاثينيات  القرن الماضي إثر الكساد الكبير، وفقدت كل الأراضي التي تملكها، وأصبحت لا تملك شيء".

واستطرد عصمت "تحكي الرواية كيف ترك عائل الأسرة التعليم، ليتفرغ لرعاية هذه الأسرة، وكيف صعدت هذه العائلة واستعادت الحياة مرة أخرى في فترى الستينيات والسبعينيات، وكيف عمل الزمن على تفكك هذه الأسرة في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات".

يتابع الكاتب المصري حديثه عن الوقت الذي استغرقته كتابة الرواية قائلا "هذه الرواية أنا سمعتها في طفولتي وعايشت أجوائها وأنا صغير، وحينما بدأت الكتابة ظللت أحلم أن أكتب هذا النص، لكن في البداية لم أتمكن".

وواصل "في عام 2002 حينما بدأت الكتابة، خيل لي أنني قادر على الإحاطة بهذا العالم المعقد وبهذه الفترة الزمنية الطويلة، فكتبت مسودة طويلة عام 2002، لكنها لم تكن بالصورة الملائمة التي أتصورها للرواية، لم تنتج حيوية الحياة التي كنت أنشدها في كتابتي، وكانت مجرد رواية أجيال، ولم أكن أرغب في كتابة مجرد رواية أجيال، كنت أريد التأمل في سيرة عائلة وماذا فعله الزمن في سيرة العائلة، لم أكن قادرا في ذلك الوقت على إنتاج النص، لم تكن البصيرة الإنسانية موجودة".

يواصل عصمت رحلته مع كتابة الرواية "لكن في عام 2015 عثرت على تيمة الوصايا، بالصدفة، ووفقت في كتابة النص بداية من عام 2015 حتى نهاية عام 2016 وبداية عام 2017، وصدرت في 2018".

لأول مرة... سبع كاتبات بين القائمة الطويلة لجائزة "البوكر العربية"
ويري الكاتب المصري، الذي حاز على جائزة "نجيب محفوظ" في عام 2016، أن الترشح لجائزة "البوكر" العربية هذا العام، سلط الضوء على أعماله عربيا، حيث يقول "كنت بحاجة إلى الترشح للقائمة القصيرة لجائزة البوكر لكي ينتقل الاهتمام إلى الوطن العربي كله لكي يقرأ لي، وأتعشم أن يجدوا شيء طيب في أعمالي".

ويضيف "الجائزة مهمة بالنسبة لي، لأنها تسلط الضوء على الوصايا وغيرها من الأعمال على امتداد الوطن العربي، وأنا سعيد جدا بهذا الترشح".

وفيما يتعلق بإقبال القارئ العربي على الرواية، يقول عصمت "تلقيت ردود أفعال حول الرواية من فلسطين ومن سوريا ومن العراق والإمارات وتونس والمغرب وغيرها، وهذا أكثر ما أسعدني، أنا حصلت على جوائز سابقا، لكن ما يبقي هو محبة القراء"، مؤكدا "في العام المقبل ستكون هناك جائزة جديدة وبوكر جديد، لكن ستظل محبة القراء لرواية الوصايا طاقة معنوية كبيرة بالنسبة لي".

وردا على بعض الآراء التي أشارت لوجود بعض من الإطالة في الرواية، قال عصمت "مستحيل، لأن الرواية مختصرة، الرواية تمر عبر 3 أجيال في أقل من 300 صفحة، وبغض النظر عن موضوع الإطالة أو التقصير، العمل الفني له ميزان خاص، ما أقصده هو أن التوازن بين أجزاء النص كلها هو ما يصنع الشيء الذي نحبه".

البوكر العربية تعلن القائمة الطويلة لأفضل رواية في 2017
وترصد "الوصايا" صور عدة لتغير القرية المصرية على مر السنوات، من بداية ثلاثينيات القرن العشرين، وحتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلا أن هذا التغيير مستمر حتى يومنا هذا، ويقول الكاتب إن "القرية في وقت الجد عبد الرحمن سليم كانت بشكلها القديم القريب من عهود مصر القديمة، تقريبا نفس الطراز المعماري، نفس طريقة الحياة، نفس أدوات الفلاحة، حتى ستينيات القرن العشرين، كانت القرية لها هذا المذاق القديم جدا".

وتابع عصمت موضحا أنه "مع التحديث والبناء وهجرة الناس إلى دول الخليج، مع التحديث عموما الذي شهدته القرية المصرية في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، تغير الوضع وهذا أوضحته الرواية حين رصدت خروج أبناء القرية من الجيش عقب حرب 1973 وعودتهم للعمل بمهن أخرى غير الفلاحة".

ويتابع "التغير لم يطل البشر فقط، بل أيضا الطراز المعماري، فالطراز القديم تم تبديده تماما من البناء بالطوب النيء، وهذا أثر على طبيعة العلاقات نفسها بين أهل القرية، وأيضا تغيرت العلاقات العائلة، لم يعد موجود في القرية العائلات الكبيرة بالطريقة التي كانت موجودة بها عائلة الشيخ عبد الرحمن، تحولوا إلى أسر صغيرة مثل أسر المدينة، اليوم القرية لا تفرق أبدا عن أي حي عشوائي حول المدن المصرية، هذا الفرق يحتاج إلى بحث اجتماعي وتاريخي وإنساني أكثر من رواية".

الجدير بالذكر أن الكاتب المصري عادل عصمت ألف العديد من الروايات والمجموعات القصصية، من بينها رواية "أيام النوافذ الزرقاء" والتي حصلت على جائزة الدولة التشجيعية في الرواية عام 2011، ورواية "حكايات يوسف تادرس" والتي حصلت على جائزة نجيب محفوظ عام 2016.

مناقشة