قصص مروعة لمغربيات وقعن ضحيات شبكات دعارة في دول خليجية

خطوات متتالية يقوم بها المغرب لمواجهة عمليات الإتجار بالبشر بعد دخول القانون الخاص بمكافحة الإتجار بالبشر رقم 27.14، حيز التنفيذ.
Sputnik

المغرب يحارب "الإتجار بالبشر" بالقوانين ولجان المتابعة
وأقر القانون لمواجهة عمليات الإتجار بالبشر والاستغلال بكافة أنواعه، سواء فيما يتعلق بعمالة الأطفال أو استغلال الفتيات، ومظاهر العبودية.

من ناحيته قال عبد الإله الخضري رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن عملية الإتجار في البشر متعددة الأوجه في المغرب.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، اليوم الاثنين، أن أحد أبرز أوجه عمليات الإتجار في البشر تتمثل في الهجرة غير الشرعية، خاصة أن الفتيات التي يتم تهريبهن بهذه الطريقة، يصبحن عرضة للاستغلال الجنسي أو السخرة والعبودية في الدول التي يهربن إليها، خاصة أنهن يلقين في غابات الدول الأوروبية، وهو ما يشكل خطورة على حياتهن ويجعلهن عرضة لأية محاولات استغلال بسهولة.

وأضاف أنه على الرغم من رصد بعض الحالات من هذا النوع، إلا أن الإحصائيات الدقيقة تظل صعبة، نظرا لأن من يتعرضن لمثل هذه المخاطر لا يتحدثن ولا يعدن إلى الأهل، فيما تشكل تجارة الأعضاء أحد أهم المخاطر التي قد يتعرض لها المهاجر غير الشرعي، إلا أن مثل هذه الحالات لم يتم رصدها في أماكن التجمع بالمغرب، بل تتم في الدول التي يصلون إليها.

الاستغلال الجنسي

ويتابع الخضري، بأن الوجه الثاني لعملية الإتجار في البشر،  هو الاستغلال الجنسي سواء في الداخل أو الخارج، حيث إن المئات من الفتيات يتم نقلهم إلى بعض الدول الأوروبية والخليجية بزعم العمل في الفندقة، إلا أنهن يعملن في الدعارة، وأن هناك مئات الحالات يتم رصدهن سنويا من هذا النوع، فيما تعمل بعض الفتيات في السخرة في بعض الدول الخليجية، وأن البحرين والإمارات والسعودية تتصدر الدول العربية في جلب فتيات المغرب للعمل في الدعارة والسخرة، تحت مزاعم عقود عمل صورية.

وأكد أن هناك الكثير من الشبكات تقوم على هذه العمليات باحترافية عالية، وبعضها يقع بين الحين والآخر، خاصة بعد رفع بعض الفتيات قضايا أمام القضاء، إلا أنها في الغالب يصعب إثبات عمليات الاستغلال كونها تمت في دولة أخرى، حيث تتم عن طريق عقود رسمية مقننة لعمل في مجالات محددة، إلا أن بعضهن يجبرن على ذلك.

سرقات الأطفال

ويضيف عبد الإله، أن أحد الأوجه الأخرى تتمثل في سرقات الأطفال إما للتبني أو تجارة الأعضاء، وأن عشرات الحالات يتم رصدهم سنويا، حيث يتم خطفهم من الأزقة والمستشفيات، وأن هناك بعض الأطفال عادوا إلى أهلهم بعد التحقيقات واكتشاف الجناة.

من ناحيتها قالت فاطمة بوغنبور المستشارة  المنتدبة باللجنة الوطنية لرصد الخروقات بالمركز المغربي لحقوق الإنسان، إنه منذ صدور القانون في العام 2016، تراجعت النسب المتعلقة بعمالة الفتيات والأطفال القصر داخل المنازل، خاصة مع تشديد العقوبات.

وأضافت في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، اليوم الأحد، أن الوجه الآخر لعمليات الإتجار بالبشر تتم خارج المغرب، من خلال استقدام الفتيات القصر أو غيرهم بزعم العمل، ومن ثم يتم احتجاز أوراقهن وإجبارهن على العمل في الدعارة، أو الإهانة والضرب وهو أحد أنواع العبودية.

وتؤكد فاطمة أنها تابعت بعض الحالات بنفسها في بعض الدول منها الإمارات في العام 2007، وأنها كانت شاهدة على عدد من الحالات هناك.

الحالة الأولى

تسرد فاطمة قصة فتاة وقعت مؤخراً ضحية لشبكات العمل المقنن، حيث سافرت سناء البالغة من العمر 24 عاما إلى دبي للعمل في صالون للسيدات، إلا أن مالكة الصالون احتجزتها في المنزل وأجبرتها على العمل في الدعارة، ومن ثم احتجزت أوراقها قبل هروبها من المنزل.

وتتابع فاطمة أن الفتاة ظلت لمدة عامين في الإمارات دون أوراق، تعرضت خلال تلك الفترة للكثير من الاعتداءات الجنسية والجسدية، حتى ألقي القبض عليها وتم ترحيلها إلى المغرب.

الحالة الثانية

الحالة الثانية هي خديجة البالغة من العمر 40 عاما، وسافرت للسعودية للعمل في الطهي، إلا أنها تعرضت للضرب والإهانة بشكل كبير خلال فترة العمل.

وتؤكد فاطمة بوغنبور، أن السيدة شرحت لها أنها قررت العودة بعد ذلك، إلا أنه طلب منها دفع غرامة لعدم بقائها مدة العقد.

وأكدت بوغنبور أن ندرة الإحصائيات وعدم دقتها تعود إلى أن الكثير من الفتيات يقعن في الأمر ويخشين الحديث عنه تخوفا من المجتمع وما يمكن أن يواجهن من متاعب. وشددت أن عمالة الأطفال تكاد أن تكون اختفت نتيجة تغليظ العقوبات التي جاءت بالقانون الخاص بمكافحة عمليات الاتجار بالبشر.

ضحايا الاستغلال الجنسي

في العام 2018 نشرت صحيفة "اليوم24" المغربية، تقريرا ضحايا مغربيات للشبكات الإجرامية المتخصصة في الدعارة والاستغلال الجنسي بإسبانيا وإيطاليا في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة إن التحقيق  أجرته صحيفة "دياري ودي قاديس" تحت عنوان: "الدعارة في البيوت أكثر صعوبة من نوادي الترفيه"، حيث كشف التحقيق أن المغربيات يعتبرن من أكثر الجنسيات التسع الأكثر استهدافا من قبل شبكات الدعارة في منطقة قاديس في الجنوب الإسباني.

وبحسب التحقيق  فإنه خلال سنة 2017، قامت الجمعية "نساء غاديس"، المعروفة في المنطقة، بمساعدة 13 مغربية كن يتعرضن للاستغلال الجنسي، علاوة على 81 امرأة من جمهورية الدومنكان، و80 رومانية، و35 كولومبية، و7 أكوادوريات، و4 من الأوروغواي، و4 كوبيات، و4 نيجريات.

التحقيق أشار إلى أن المغربيات والنيجيريات تعتبر، أكثر الإفريقيات استهدافا من قبل شبكة الدعارة في منطقة قاديس. وأضاف، كذلك، أن أعمارهن تتراوح ما بين 18 و60 سنة.

لجنة المكافحة

وشكلت الحكومة المغربية لجنة لمتابعة وتعزيز مكافحة الاتجار بالبشر، وذلك بعد ثلاث سنوات من إقرار القانون الذي فرض عقوبات مشددة تصل إلى 30 عاما لمن يرتكبون تلك الجريمة.

ويجرم القانون الذي أقره البرلمان المغربي قبل ثلاث سنوات أشكالاً عدة من الإتجار بالبشر، بما في ذلك كل أنواع الاستغلال الجنسي والاستغلال عن طريق العمل القسري أو السخرة أو التسوّل أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرقّ.

دراسة

وبحسب دراسة صادرة عن مؤسسة "الطفولة العالمية"، "مقرها بالولايات المتحدة الأمريكية"، احتلت المملكة المرتبة 34 ضمن 60 دولة عبر العالم، بشأن الاستغلال الجنسي للأطفال، حيث حصل المغرب على معدل عام قدر بـ47.7 بالمائة، هو مجموع أربع جوانب قامت الدراسة برصدها، وتتعلق بالبيئة التي حصلت فيها المملكة على 57 نقطة، والإطار القانوني الذي حازت فيه على 61 نقطة، فيما حصلت في جانب التزام الحكومة على 32 نقطة. أما فيما يتعلق بالمشاركة أو الصناعة والمجتمع المدني والإعلام فحازت على 48 نقطة، بحسب صحيفة "هيسبريس".

القانون

في عام 2016، دخل قانون جديد يتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر حيز التنفيذ بالمغرب، بناء على انضمام المملكة إلى البروتوكول الملحق بالاتفاقية الدولية لمنع الجريمة عبر الوطنية المتعلق بالاتجار بالبشر، خاصة النساء والأطفال.

وجاء اعتماد  القانون، رقم 27.14، على اعتبار أن المغرب لم يعد في مأمن من هذه الجريمة وتداعياتها المختلفة، سواء تعلق الأمر بالاستغلال في العمل أو الاستغلال الجنسي.

وبحسب الفصل 2-448 من القانون، يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة من 10.000 إلى 500.000 درهم، كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر. وترفع عقوبة الاتجار بالبشر إلى السجن من عشر إلى عشرين سنة وغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم في حالة ارتكاب الجريمة بواسطة التهديد بالقتل أو بالإيذاء أو التعذيب أو الاحتجاز أو التشهير.

فيما نص القانون من خلال الفصل 5-448 على المعاقبة بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة وغرامة من 1.000.000 إلى 6.000.000 درهم عن جريمة الاتجار بالبشر، إذا ارتكبت الجريمة بواسطة عصابة إجرامية أو في إطار عابر للحدود الوطنية، أو إذا نتجت عن الجريمة وفاة الضحية؛ وترفع إلى السجن المؤبد إذا ارتكبت الجريمة بواسطة التعذيب أو أعمال وحشية.

وتكافح الدول الخليجة ومنها السعودية والإمارات ظاهرة الاستغلال الجنسي، إذ تعلن السلطات في دول الخليج من وقت لآخر عن القبض على شبكات للدعارة.

وأعلن موقع قناة العربية السعودية في يوليو/ تموز 2016 عن إلقاء شرطة الرياض القبض على شاب استخدم مواقع التواصل الاجتماعي للدعوة إلى الرذيلة في شهر رمضان.

كما أشار موقع "سبق" السعودي في مارس آذار من العام الماضي 2018، إلى تمكَّن السلطات الأمنية بمحافظة محايل من ضبط ثلاثة وافدين، رجل وامرأتين؛ حولوا منزلاً مهجورًا إلى مكان لممارسة الرذيلة وتعاطي المسكرات والمخدرات.

مناقشة