الزيارة إلى جنيف تكتسي وفقا لمحللين بعدا سياسيا واقتصاديا، خاصة وأنها تزامنت مع عقد لقاءات مكثفة مع عدد من رؤساء الدول والحكومات.
ويضيف يوسف الشاهد أن هذه اللقاءات كانت بهدف توطيد العلاقات الثنائية ودعم التعاون الاقتصادي مع هذه البلدان التي أكدت بدورها دعمها لتونس ومباركتها لتجربتها الديمقراطية بعد الربيع العربي، خاصة وأن بلاده مقبلة على مرحلة انتخابية هامة وسط ظرف اقتصادي صعب ووضع إقليمي معقد، داعيا نظراءه إلى دعم التنسيق الأمني مع جميع البلدان التي أصبحت معنية بظاهرة الإرهاب.
وعن علاقة تونس بألمانيا، أكد رئيس الحكومة التونسية عقب اجتماعه بالمستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل"، أن علاقات التعاون بين البلدين على أحسن ما يرام في جميع المجالات السياسية منها والاقتصادية خاصة مع تكاثف الزيارات المشتركة بين المسؤولين من البلدين.
من جانبها تؤكد ميركل تطابق وجهات النظر فيما يتعلق بالقضايا ذات الاهتمام المشترك ومعالجة الأوضاع في دول الجوار خاصة في ليبيا والجزائر.
دعم أمني تقابله وعود بمزيد تمتين العلاقات الاقتصادية مع دول النرويج والسويد وروسيا وتعزيز الاستثمار في القطاع السياحي التونسي الذي تأمل تونس أن يكون واعدا هذه السنة مع ارتفاع نسبة العائدات السياحية بـ 37.7 بالمائة لتصل إلى 1.2 مليار دينار إلى حدود 10 مايو أيار 2019، فضلا عن رفع معظم الدول الأوروبية حظر السفر إلى تونس بعد تحسن المؤشرات الأمنية وتراجع حجم الضربات الإرهابية في البلاد.
وأكد يوسف الشاهد خلال الكلمة التي ألقاها خلال انعقاد المؤتمر، أن الحكومة التونسية وضعت منذ البداية استعادة النمو والاستثمار في صدارة أولوياتها، إلى جانب إصلاح المالية العمومية والتقليص من عجز الميزانية، مضيفا بأنه: "على الرغم من أن النتائج المسجلة لم ترتق بعد إلى المستوى الملموس الذي يتطلع إليه المواطن، فإن ما يتوفر من مؤشرات ينبئ بتحسن الاقتصاد ويقيم الدليل على أن بلادنا تسير في الاتجاه الصحيح".
المصادقة على اتفاقيات عمل دولية
مؤتمر منظمة العمل الدولية، كان أيضا مناسبة لإعلان تونس عزمها على المصادقة على اتفاقية العمل الدولية رقم 129 بشأن تفقد الشغل في القطاع الفلاحي والذي تكون بها تونس قد صادقت على اتفاقيات العمل الدولية الأربعة المتعلقة بالحوكمة، إلى جانب المصادقة على الاتفاقية رقم 187 بشأن الإطار الترويجي للصحة والسلامة المهنية التي ستسهم في تعزيز مقومات بيئة عمل آمنة وصحية، وكذلك المصادقة على بروتوكول 2014 بشأن العمل الإجباري والتي تندرج في إطار المصادقة على تطوير الحقوق والمبادئ الأساسية في العمل.
"أن النمو الاقتصادي في تونس يبقى هشا مهما بلغ حجمه ولن يؤدي بالضرورة إلى تحقيق التنمية المنشودة إذا لم ينشأ في مناخ من الديمقراطية وإذا اكتنفته ظروف اجتماعية تنعدم فيها مقومات الحياة الكريمة واللائقة بالإنسان".
وكانت تونس، وفقا للشاهد، قد صادقت في 25 مارس/ آذار 1930 على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 19 بشأن المساواة في المعاملة قبل سنوات من انضمامها إلى منظمة العمل الدولية في 12 يونيو/ حزيران 1956، وهو ما يؤكد سعيها وانخراطها في تجسيد مبادئ المنظمة حسب قوله. فضلا عن مصادقتها على 63 اتفاقية عمل دولية منها ثماني اتفاقيات تتعلق بالحقوق الأساسية في العمل، وهو ما أسهم وفقا له في تعزيز هذه الحقوق والحد من الفوارق بين الفئات الاجتماعية.
زيارة انتخابية
زيارة رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد إلى جنيف تأتي ضمن سلسلة من الزيارات المتتالية إلى عدد من البلدان الشقيقة والغربية على غرار إيطاليا وروسيا والسعودية فالاتحاد الأوروبي.
ويسعى يوسف الشاهد من خلال هذه الزيارات إلى كسب المزيد من أصوات الناخبين، خاصة وأن تونس مقبلة بعد أشهر قليلة على استحقاقين انتخابيين هامين، هما الانتخابات التشريعية المقرر اجراؤها في الأسبوع الأول من تشرين الأول تليها الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية في الأسبوع الثالث من تشرين الثاني، هذا ما ذهب إليه الدبلوماسي والسفير السابق جلال الأخضر في حواره مع سبوتنيك.
ويضيف محدثنا أن هذه الزيارة تأتي لهدفين، الأول بروتوكولي يتعلق بتمثيل تونس في هذه المناسبة الدولية تأكيدا على تمسكها بالمواثيق والاتفاقيات الدولية ولفت الانتباه إليها على اعتبار كونها دولة ديمقراطية ناشئة، مشددا على دور هذه الزيارات في جلب الاستثمارات وتعزيز التعاون الاقتصادي في ظل حضور العديد من رؤساء الدول والحكومات و5700 مندوبا حكوميا من 187 دولة عضوا في المنظمة.
ويعتبر الأخضر أن مصادقة تونس على عدد من اتفاقيات منظمة العمل الدولية تتنزل في إطار المشاكل التي عرفتها البلاد في مجال العمل الفلاحي مؤخرا خاصة حادثة مقتل 13 عاملا وعاملة فلاحية في حادث مرور بمنطقة السبالة التابعة لمحافظة سيدي بوزيد بسبب غياب النقل الآمن. وأوضح أن تونس تبحث من خلال مصادقتها على هذه الاتفاقيات على تكريس مسألة المساواة بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وهو ما ذهب إليه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي من خلال إعلانه عن مبادرة لتفعيل المساواة في الميراث بين الجنسين.
وبالتالي فإن هذه الاتفاقيات ستحسب وفقا لجلال الأخضر لصالح يوسف الشاهد في سباقه الانتخابي مع الرصيد الشعبي لرئيس الجمهورية، خاصة وأن الصوت النسائي كان عنصرا محددا وأساسيا في انتخابات 2014.