أعدادهن تتخطى نصف الناخبين... المرأة التونسية "رهان كسبان" في الانتخابات المقبلة

بعد حقبة طويلة من الاضطهاد والتمييز، لم تعد المرأة في تونس رقمًا زائدًا غير مهم في المعادلة السياسية، بل باتت الحصان الرابح لمن يريد أن يربح الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
Sputnik

سيدات تونس أصبحن يمثلن النسبة الأكبر في أعداد المواطنين المقيدين في سجل الانتخابات، فهناك ما يزيد عن 4 ملايين سيدة من بين 7 ملايين شخص يحق لهم التصويت.

وكما ساهمت نساء تونس في فوز الرئيس الباجي قائد السبسي عبر مليون صوت، يمكن لتلك الكتلة الضخمة من الأصوات حسم الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية، ما يدفع التكتلات السياسية والأحزاب إلى مغازلة النساء من أجل كسب أصواتهن.

تونس... عمليات إرهابية متزامنة ورئيس الحكومة يعتبرها "محاولة جبانة" لإرباك المسار الانتقالي
إحصائيات ضخمة

وبعد انتهاء فترة التسجيل للانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي تشهدها تونس أواخر العام الجاري، بلغ عدد المسجلين الجدد ما يناهز مليون ونصف مسجل جديد سيضافون إلى سجل انتخابي قديم يشمل 5 ملايين و750 ألف ناخب.

وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نبيل بفون: إنّ عدد المسجلين الجدد للانتخابات بلغ حوالي  1.452.602 مسجل، بينهم 53 % من النساء وقرابة 70 % منهم من الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة.

وسيغلق باب التسجيل للانتخابات الرئاسية يوم 4 تموز /يوليو المقبل، وسيخول للأشخاص الذين سجلوا بعد يوم 15 يونيو الجاري المشاركة فقط في الاقتراع للانتخابات الرئاسية، حسب الرزنامة التي نشرتها الهيئة بالجريدة الرسمية للجمهورية التونسية.

ومن بين سبعة ملايين و200 ألف مسجل يبلغ عدد النساء حوالي أربعة ملايين، ويمثّلن بذلك قاعدة انتخابية مهمة يتنافس المترشحون على نيل ثقتهنّ، ومن المنتظر أن تكون أصواتهنّ حاسمة في تحديد الفائزين بالانتخابات وفي تشكيل المشهد السياسي القادم.

ورقة رابحة

النائبة التونسية فاطمة المسدي، قالت إنه "من المنتظر أن تثر المرأة في المشهد السياسي التونسي، خاصة وأن طيلة هذه المدة النيابية قمنا بالمصادقة على العديد من القوانين، لمكافحة العنف والتمييز ضد المرأة".

وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "سيدات تونس كتلة تصويتية كبيرة، ولا يستهان بها، ويتم الاعتماد عليها من قبل الكتل السياسية كورقة رابحة".

وأكدت أن "الانتخابات المقبلة ستشهد اعتماد أكبر على المرأة من قبل الأحزاب بعدما أصبح للسيدات كتلة انتخابية ضخمة تؤثر بقوة في حسم النتيجة".

ومضت قائلة: "من يقرأ المشهد السياسي في تونس، يعرف أن المرأة التونسية هي التي تقلب الموازين، وكل الأحزاب تعمل على استقطاب المليون امرأة التي صوتت للباجي قائد السبسي في يوم ما.

وعن خوض نساء تونس الانتخابات النيابية المقبلة، قالت المسدي، إن "القانون الانتخابي ينص على إلزامية التناصف العمودي للقوائم التشريعية، وفي الانتخابات المحلية كان هناك شرطًا للتناصف الأفقي، التونسيون تعودوا على وجود المرأة في رئاسة القوائم".

وأنهت حديثها قائلة: "من المنتظر أن نجد أكثر نسبة من القوائم الانتخابية تحت رئاسة امرأة".

رئيس الحركة الديمقراطية في تونس: زين العابدين بن علي يمكن أن يعود
تغيير المعادلة

من جانبها قالت الدكتورة بدرة جعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس، إن "أهمية المرأة التونسية في المشهد السياسي ليس جديدًا، بل من قديم الأزل، فللمرأة التونسية تاريخ كبير، كفاعلة وناشطة سياسية".

وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "المرأة التونسية غيرت المشهد في انتخابات 2014، وأحبطت مخطط جماعة الإخوان المسلمين في تونس، وهي من تناضل".

وأضافت: "المجتمع المدني يتحرك بالمرأة، فالسيدات أصبحن العنصر الأساسي والفاعل في تغيير المشهد السياسي"، مضيفة: "لا أستعجب أن أجد 53% من النساء سجلن في الانتخابات المقبلة".

وتابعت: "المرأة نصف المجتمع، وتربي النصف الثاني، فهي المجتمع بالأساس، وفي تونس نسبة النساء المتعلمات كبيرة جدًا، ووصلت نسبة الفتيات الناجحات في مرحلة البكالوريا 62%".

وبشأن الانتخابات المقبلة، أضافت جعلول: "لنا أمل كبير في أن تقلب المرأة المعادلة وننتظر أن تغير المشهد في انتخابات 2019، كما غيرته في 2014".

كتلة كبيرة

وفي سياق متصل، قال الباحث والأكاديمي في القضايا الإستراتيجية علية العلاني، إن "هذا الترفيع في عدد المسجلين بمليون ونصف ناخب له ثلاث دلالات، تتعلق الأولى بانتماء 70 % من المسجلين مؤخرا في القائمات الانتخابية إلى فئة الشباب ممن يقل سنهم عن 35 سنة، وهؤلاء لهم احترازات على أداء الحكومة، وبالتالي فأصواتهم ستذهب إلى قوى جديدة".

وأضاف في تصريح سابق لوكالة "سبوتنيك"،  أن "المتضرر من المسجلين الجدد في القائمات الانتخابية هي أيضا حركة النهضة لأن لها جمهور قار منضبط، ولو كان هؤلاء قريبين من حركة النهضة لسجّلوا أنفسهم قبل تمديد التسجيل الذي أضافته اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات".

وأكد أن بلوغ الكتلة الانتخابية الحالية لرقم 7 ملايين ناخب سيشكل "جرس إنذار" ضد أي حكومة تأتي بعد الانتخابات القادمة لا يكون لها برنامج جدي وعملي وواقعي للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، لأن كتلة السبع ملايين ناخب ستصبح في الانتخابات الموالية تقارب 9 أو 10 ملايين ناخب لن يقبلوا خطاب الوعود والشعارات.

وتعيش تونس على وقع سجال كبير مرتبط بتنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستجري في شهري أكتوبر ونوفمبر القادمين، وهي الانتخابات الثانية منذ إصدار دستور الجمهورية الثانية في عام 2014 والثالثة منذ الثورة التونسية.

وتشهد الساحة السياسية التونسية تحركات مكثفة لتشكيل تحالفات تمهيدا للانتخابات التشريعة في 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل تليها انتخابات رئاسية في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني.

مناقشة