لماذا تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدام الشركات الأمنية الخاصة في سوريا؟

أعلنت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الخارجية الروسية، أن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لزيادة عدد مجندي الشركات العسكرية الخاصة في مناطق شمالي سوريا.
Sputnik

وذكرت زاخاروفا بأن عدد أفراد هذه الشركات حاليا يتجاوز 4 آلاف شخص، وأن مهمتهم هي تدريب القوات الموالية لواشنطن، وأنها تعمل على زيادة نشاط هذه الشركات في الأراضي السورية.

مهمة هذه القوات وطبيعتها

حول طبيعة هذه القوات ومهمتها الأساسية في سوريا، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي السوري العميد تركي الحسن في حديث لـ"سبوتنيك"، بأن هذه القوات هي لرفع المسؤولية عن الولايات المتحدة ولتخفيف التكلفة عنها، ويقول: هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها الولايات المتحدة الشركات الأمنية في عملياتها العسكرية، وهي مستخدمة في العراق واليمن، وهي الآن تحاول حماية الطريق الدولية بين العراق والأردن من خلال هذه الشركات.

ويتابع: محاولة إحلال الشركات الأمنية في سوريا والتي تتكون من مرتزقة يقودهم ضباط استخبارات، هي بديل للجيش الأمريكي الذي يتواجد على الأراضي السورية كقوات احتلال.

ويواصل الحسن كلامه: الجيش الأمريكي يدرك أننا سنتجه إلى شرقي الفرات بعد الانتهاء من إدلب، وبالتالي أن يقتل من الشركات الأمنية أفضل بكثير من أن يتعرض الجيش الأمريكي للخسائر، وكان قد طرح أن يكون هناك قوات أوروبية وعربية، حيث أن بريطانيا وفرنسا والدنمارك تشارك أمنيا في هذه القوات شمال سوريا، والدول العربية طبعا تمول هذه القوات.

ويضيف: الدور الأوربي انكفأ وخاصة الألماني بعد رفضها زيادة قواتها، والدول العربية ليس لها القدرة على المشاركة في هذا الاتجاه، واليمن شاهد حي على ذلك، لذلك أعتقد أن الولايات المتحدة تسعى لرفع المسؤولية عنها من حيث قواتها والنفقات، عن طريق توظيف الشركات الأمنية.

فيما يرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط غريغوري لوكيانوف في لقاء مع "سبوتنيك"، أن ترامب بحاجة لهذه الشركات للعب دور في المنطقة، ويقول:الوضع بسيط جدا فقد كان لدى ترامب وعود مشرقة قبل الانتخابات، حيث بدت سوريا فقط ساحة معركة ضد الإرهاب الدولي، وصدرت تصريحات عن واشنطن بأن النصر على الدولة الإسلامية قد تحقق في سوريا.

ومع ذلك لا تزال سوريا ضمن المصالح الأمريكية، ويمكن للأميركيين في سوريا التأثير على الوضع في البلاد والدول المجاورة كإيران وتركيا، وليس من السهل شرح ذلك لدافعي الضرائب والعسكريين الذين ما زال ترامب بحاجة إلى دعمهم.

خطورة استخدام هذه الشركات

وكانت الولايات المتحدة قد استخدمت مثل هذه الاستراتيجية في العراق، وشكلت خطورة على السكان المدنيين، كونهم عملوا من دون شفافية ومن دون سيطرة مباشرة عليهم، وحول ذلك يقول العميد تركي: هذا الاستخدام مقصود وبالتالي لا تتحمل الولايات المتحدة أي مسؤولية عن سلوك هؤلاء، في العراق مثلا شارك قرابة 160 ألفا من الشركات الأمنية آنذاك، وتصرفات الشركات الأمنية هناك كانت تقصده الولايات المتحدة من أجل الترويع والتخويف.

ويضيف: فلو قام الجيش الأمريكي بهذه التصرفات لكان هناك مسؤولية أمام الشارع الأمريكي، أما بالنسبة للشركات فتستطيع وزارة الدفاع أن تقول بأنها ليست مسؤولة عنها.

فيما يعتبر الخبير الروسي أن هذه الشركات أكثر أريحية بالنسبة للولايات المتحدة، ويضيف: الشركات العسكرية الخاصة هي أداة مريحة وأكثر ربحية من حيث التكلفة والجودة، فمن ناحية هي قوة عسكرية تضم أشخاصًا يتمتعون باحترافية عالية، ويمكنهم إنجاز مجموعة واسعة من المهام التي حددتها الحكومة الأمريكية.

ويكمل: من ناحية أخرى  لا يموت الجنود هناك ولا يخاطرون، وتتحمل الشركات الخاصة جميع المخاطر والتكاليف، وبالتالي تتكيف الولايات المتحدة مع الوضع من أجل الحفاظ على وجودها في سوريا ، حيث يطول النزاع.

الرد السوري

وحول الرد السوري وإمكانية الخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومة السورية في مواجهة الاستراتيجية الأمريكية، يعترف الخبير السوري بأن الاهتمام حاليا منصب على منطقة إدلب، ويقول: أعتقد أن الأولوية هي لشمال سوريا في إدلب، وهناك شيء يجري في المنطقة، وهي عبارة عن المقاومة الشعبية، والتي تقوم بعمليات يتم التعتيم عليها حيث يقتل بعض الجنود الأمريكيين مع المجموعات المسلحة العميلة، والتي تقودها الولايات المتحدة.

ويكمل: هم تعلموا من التجربة في العراق، والسوريون ليسوا أقل من الاشقاء العراقيين في هذا الموضوع، وهم يدركون أنهم يستطيعون تأخير المعارك في شمال شرق سوريا، من خلال استمرار المعارك أو عرقلة الحل في إدلب.

ويختم الحسن قوله: سيجري الإعداد بصورة أكبر عندما يصبح توجه القوات باتجاه شمال شرق سوريا، وتصبح القوات جاهزة لخوض المعركة، وهذا الأمر يتوقف على الإنجاز في إدلب.

بدوره يرى غريغوري لوكيانوف بأن الحكومة السورية غير قادرة على فعل اي شيء، ويوضح: لا تستطيع سوريا فعل أي شيء من حيث المبدأ، الشركات الخاصة سوف تستمر في مسار القيادة الأمريكية، لذلك تحتاج دمشق إلى إجراء حوار مع واشنطن.

مناقشة