مجتمع

220 عاما على اكتشاف "حجر رشيد" بوابة الدخول إلى أسرار الحضارة المصرية

تحل اليوم 19 تموز/ يوليو، ذكرى مرور 220 عاما على اكتشاف "حجر رشيد"، الذي مثل الكشف عن معاني الرموز المنقوشة عليه بوابة واسعة لمعرفة اللغة المصرية القديمة، وكشف أسرار الحضارة المصرية.
Sputnik

القاهرة - سبوتنيك. الحجر الموجود حاليا في المتحف البريطاني، اكتشفه الضابط الفرنسي بيير فرنسوا خافيير بوشار في 19 تموز/ يوليو 1799، إبان الحملة الفرنسية على مصر، في قلعة جوليان بمدينة رشيد الواقعة على مصب فرع نهر النيل في البحر المتوسط، وهو عبارة عن نص واحد مكتوب بثلاث لغات، هي الهيروغيلفية والديموطيقية، والإغريقية.

مصر تعلن عن اكتشاف أثري يرجع للقرن الرابع الميلادي
يتضمن النص المنقوش على الحجر مرسوماً من الكهنة المجتمعين في مدينة منف (ميت رهينة-مركز البدرشين–محافظة الجيزة) يشكرون فيه الملك بطلميوس الخامس (إبيفانس 204 ق.م – 180 ق.م) حوالي عام 196 ق.م لقيامه بوقف الأوقاف على المعابد وإعفاء الكهنة من بعض الالتزامات.

وقد كتب النص بثلاث لغات، وهي الهيروغيلفية، لأنها اللغة التي كان يستخدمها الكهنة في ذلك الوقت؛ والديموطيقية، لأنها اللغة المستخدمة في الحياة اليومية من قبل عامة الشعب؛ واللغة الإغريقية (اليونانية القديمة)، لأنها اللغة التي كان يكتب بها البطالمة الذين كانوا يحتلون مصر في ذلك الوقت.

والحجر مصنوع من حجر الجرانوديوريت غير منتظم الشكل، يبلغ ارتفاعه 113 سم وعرضه 75 سم وسمكه 27,5 سم. وقد فُقدت أجزاء منه في أعلاه وأسفله.

كيف تم فك رموز الحجر؟

بعد اكتشاف الحجر ونقله إلى القاهرة، أمر نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية بإعداد عدة نسخ منه لتكون في متناول المهتمين بالحضارة المصرية في أوروبا بوجه عام وفي فرنسا بوجه خاص، وبحسب موقع "الهيروغليفية خطوة خطوة" التابع لمكتبة الإسكندرية، فإن الباحثين بدأوا أولا بترجمة النص اليوناني، وأبدوا اهتماما بالخطين الديموطيقي والهيروغليفي.

نسخة بريطانية لمقبرة "توت عنخ آمون"... اكتشاف أثري غير مسبوق في بريطانيا (صور)
كان الحجر في ذلك الوقت قد وصل إلى بريطانيا عام 1802 بمقتضى اتفاقية العريش التي أُبرمت بين إنجلترا بقيادة القائد نيلسون وفرنسا بقيادة القائد مينو، تسلمت إنجلترا بمقتضاها الحجر وآثاراً أخرى، وفي بداية العمل على فك رموزه، "اقترح الباحثون أن الحجر يتضمن نصاً واحداً بخطوط ثلاثة مختلفة، واتضح فيما بعد أن اقتراحهم كان صائباً"، بحسب الموقع ذات.

وجاءت أولى الخطوات الهامة في مجال الخط الهيروغليفي على يد العالم الإنجليزي توماس يونج الذي حصل على نسخة من حجر رشيد عام 1814 والذي افترض أن الخراطيش الموجودة في النص الهيروغليفي، تحتوي على أسماء ملكية. واعتمد على نصوص أخرى مشابهه كالمسلة التي عثر عليها في فيلة عام 1815م والتي تتضمن نصاً باليونانية وآخر بالهيروغليفية.

العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون

لكن الفضل الأكبر في فك رموز الحجر، يعود إلى العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون (1790-1832)، الذي عمل لنحو 17 عاما، لفك رموز الحجر، وفي أيلول/ سبتمبر عام 1822 أعلن نجاحه، وتبقى من النص المكتوب بالخطوط الثلاثة 14 سطرا من الخط الهيروغليفي، و32 سطرا من الخط الديموطيقي تلف منها أول 14 سطرا، ويلي ذلك 54 سطرا من الإغريقية، ولكن آخر 26 سطرا منها تالفة.

مصر تعلن عن 3 اكتشافات أثرية "رهيبة ستهز العالم" (فيديو)
وحول دراسات شامبليون لفك رموز الحجر، نقلت وكالة "أنباء الشرق الأوسط" عن الباحث في علم المصريات، الدكتور محمد رأفت عباس، مدير عام البحث العلمي بمنطقة آثار الإسكندرية بوزارة الآثار، أن شامبيلون "تمكن من الوصول إلى حقيقية مهمة تتمثل في أن النص الهيروغليفي الموجود في حجر رشيد يحتوي – على الرغم من تشويهه – على علامات أكثر من النص اليوناني، لذلك كان لابد من تفسير هذه الملاحظة، وتوصل إلى أن السبب في كثرة العلامات يرجع إلى أن اللغة المصرية القديمة لغة رمزية وصوتية في آن واحد، أي أنها تحتوي على علامات تقرأ وأخرى لا تقرأ وإنما هي موجودة في النص لتحديد معنى الكلمة".

وأضاف الباحث المصري "لذلك أخذ شامبليون في فحص النص كله وأخذ يبحث عن العلامات التي يمكن قراءتها، وقام بقراءة كل أسماء الملوك البطالمة التي كتبت بحروف هيروغليفية وديموطيقية، وبعد ذلك بدأ يهتم بالكلمات الأخرى في النص، وبمساعدة النص اليوناني أراد أن يعرف النطق بالقبطية، وكيفية نطق هذه الكلمات الهيروغليفية، وأكمل الفراغات الموجودة في النص، وتعرف على العديد من القيم الصوتية لعدة كلمات".

وتابع أنه "بدأ بعد ذلك اعتمادا على ما توصل إليه من نتائج معرفة الأسماء الهيروغليفية لكل من الإسكندر وبرينيس وتيبروس ودوميسيان وتراجان، إلى جانب بعض ألقاب الأباطرة الرومان، ثم حصل شامبليون في عام 1822 على نسخ من نقوش معابد مصرية كان لها أثرها في تبديد شكوكه نحو حل رموز اللغة المصرية القديمة".

مثلت جهود شامبليون في فك رموز حجر رشيد اللبنات الأولى لكشف غموض اللغة المصرية القديمة، وبمعرفة رموز هذه اللغة بدأت مرحلة جديدة من علم المصريات، يكتب فيها التاريخ بناء على ترجمة الرموز والنقوش الموجودة على الاكتشافات الحفرية والبرديات واللوحات والنقوش على جدران المعابد والمقابر.

مناقشة