كشمير... الهند وباكستان على حافة الحرب

أعلنت الحكومة الهندية، يوم 5 أغسطس/ آب، إلغاء الحكم الذاتي في الجزء الخاضع لإدارتها من كشمير، وفرضت حظرا على التجمعات العامة في منطقة سريناغار والمدن المحيطة بها، بصورة أغضبت باكستان، التي وعدت برد مناسب.
Sputnik

ويقطن الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير، غالبية مسلمة، منذ تقسيم الهند وإعلان دولة باكستان في عام 1947، بينما يدعي كلا البلدين سيادته الكاملة على مجمل كشمير.

أول رد من باكستان على إلغاء الهند للحكم الذاتي في كشمير
وقالت باكستان إنها ستستخدم كل الخيارات الممكنة، للرد على ما وصفته بـ"الإجراءات غير القانونية التي اتخذتها الهند"، مشيرة إلى أن ولاية جامو وكشمير، هي أرض متنازع عليها باعتراف المجتمع الدولي.

وخاضت الدولتان النوويتان حربين في السابق، إضافة إلى نزاعات حدودية محدودة تتكرر بين الحين والآخر، بسبب منطقة كشمير الحدودية.

وتصاعد التوتر على جانبي الحدود في كشمير منذ في الآونة الأخيرة، بعد أن نشرت نيودلهي أكثر من 10 آلاف جندي في الإقليم، وفرضت تدابير أمنية عدة بينها الدعوة إلى تخزين الطعام والوقود.

وتقول الهند، إن باكستان تمول متشددين مسلحين وجماعات انفصالية في الجزء الخاضع للهند من كشمير، بينما تنفي إسلام آباد الاتهامات الهندية وتقول إنها لا تقدم سوى الدعم الدبلوماسي والمعنوي للحركة الانفصالية.

وقالت صحيفة "التايمز" البريطانية، إن إقليم كشمير على فوهة بركان يمكن أن ينفجر في أي لحظة، مشيرة إلى أنه على دول العالم أن تتدخل لمنع اندلاع حرب ستكون آثارها كارثية على العالم أجمع، وخاصة بريطانيا، التي تربطها بالبلدين روابط تاريخية ترجع إلى ما قبل الاستقلال عام 1947.

كشمير الهندية، هي المنطقة الوحيدة ذات الغالبية المسلمة في الهند، وهو واقع يزعج القوميين الهندوس في حزب "​بهاراتيا جاناتا​" الحاكم، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء، ​ناريندرا مودي​.

ويخشى المسؤولون المحليون في الولاية، من أن يفتح الإجراء الهندي أبواب الولاية أمام استقرار القادمين من خارجها بصورة، ربما تؤدي إلى تغيير الوضع الديموغرافي، الذي يمثل المسلمين نسبة الغالبية فيه، بحسب "بي بي سي".

وتخشى باكستان من احتمال تدفق كبير للهندوس على كشمير الهندية، حيث أن تغير ديموغرافية المنطقة سيؤدي إلى ترجيح الكفة الجيوسياسية في تلك المنطقة، لصالح الهند، بحسب صحيفة "التايمز" البريطانية.

وحذرت الصحيفة من أن أي استخدام للقوة من شأنه تهديد الوضع الأمني في جنوب شرق آسيا، مشيرة إلى أن فوز حزب مودي في ​الانتخابات​، التي أجريت الربيع الماضي، جعلت صوت القوميين الهندوس أعلى.

يعرف التشريع بـ"المادة 370" من الدستور الهندي، التي تكفل وضعا خاصا لولاية كشمير وجامو ضمن الهند.

وفي 14 مايو / أيار عام 1954، أضيفت لها "المادة 35 إيه"، لكنها أصبحت مصدر خلاف بين الغالبية المسلمة في كشمير الهندية، وحزب "بهارتيا جاناتا" اليميني الحاكم في البلاد حاليا.

ويسمح التشريع، الذي تم إلغاؤه، للسلطة التشريعية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، تحديد المقيمين الدائمين في الولاية وبضمنها منطقتي جامو ولداخ، وفقا لـ"بي بي سي".

وكان التشريع يشمل كل من كان يعيش في الولاية منذ تاريخ صدوره 1954، كما يعتبر كل من عاش في الولاية لمدة عشرة أعوام منذ ذلك التاريخ من السكان الدائمين، ويمكن للهيئة التشريعية بالولاية أن تغير تعريف المقيم الدائم، بتشريع ينال غالبية الثلثين.

وكان الهدف من التشريع هو وقف تدفق الأشخاص من ولاية البنجاب الشمالية على كشمير، وتم إصداره بطلب من الجالية الهندوسية في كشمير، وظل ساريا في الأجزاء التي تديرها باكستان من كشمير.

كانت الدولتان "الهند وباكستان" ضمن ما يعرف بـ"الهند البريطانية"، حتى انفصالهما في 15 أغسطس عام 1947.

وأصبحت الهند ذات أغلبية الهندوسية وباكستان ذات أغلبية مسلمة، وقاد الانقسام مؤسس باكستان محمد علي جناح، وحزب الرابطة الإسلامية في الهند، لاعتقاده بأن الهندوس والمسلمين أمتان مختلفتان ولا يمكنهما الاستمرار في العيش معا"، بحسب "دويتشه فيله".

ومع ولادة الدولتان اندلع عداء لم ينته منذ 7 عقود، لأن بدايته ارتبطت باشتباكات دموية وهجرة الملايين من باكستان إلى الهند والعكس.

وفي عام 1948، أندلعت أول حرب بين البلدين بسبب منطقة كشمير، وسيطرت الهند على معظم أجزاء الوادي بينما احتلت باكستان منطقة أصغر، واستمر التوتر بين البلدين حتى هذا التاريخ.

وتصاعدت التوترات في المنطقة، هذا العام، منذ اصطدمت مركبة محملة بالمتفجرات بقافلة للشرطة الهندية في 14 فبراير/ شباط، مما أسفر عن مقتل 40 من رجال الشرطة شبه العسكرية.

وتسبب الحادث، في وقوع اشتباكات جوية بين البلدين، في وقت لاحق، بعدما اتهمت الهند، باكستان بدعم المتشددين في كشمير، وتسببت الاشتباكات الجوية في إسقاط 3 طائرات من الدولتين، خلال شهر فبراير الماضي.

ويوجد في ولاية جامو وكشمير انفصاليون يناضلون من أجل الحصول على الاستقلال أو الانضمام إلى باكستان، ومع ذلك ليس هناك حدود رسمية في ولاية كشمير بين الجيشين الهندي والباكستاني إلا الخط الفاصل بينهما.

كان التصعيد، الذي شهدته المنطقة في فبراير الماضي، إحدى أكثر حلقات التوتر بين البلدين سخونة.

وشنت الهند هجوما بالقرب من الخط الفاصل شاركت فيه 12 مقاتلة حربية، أسقطت باكستان اثنين منها، وهددت برد عسكري شامل.

الردع النووي... باكستان تبحث عن بديل 

ولأن الجيش الهندي يتفوق على الجيش الباكستاني في العدد والعتاد، فإن باكستان تسعى لتعويض هذا الفارق الكبير في القوة باستخدام قوة ردع نووي تكتيكي يمكنها من تنفيذ هجمات نووية محدودة جدا ضد مواقع القوات العسكرية الهندية في وقت الحرب، دون أن يكون لتلك الضربات تأثيرا على المدن والمناطق المدنية.

وتصل ميزانية دفاع الجيش الهندي إلى 51 مليار دولار أمريكي، بينما تصل ميزانية الدفاع الباكستانية إلى سبعة مليارات دولار أمريكي.

ومساحة الهند 3.2 مليون كيلومتر مربع، بينما لا تتجاوز مساحة باكستان 796 ألف كيلومتر مربع.

وأعلنت باكستان، في وقت لاحق اليوم الأربعاء، أنها قررت خفض العلاقات الدبلوماسية مع الهند على خلفية قرار الأخيرة إلغاء الوضع الخاص للقسم الخاضع لسيطرتها من إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين.

وذكرت قناة "جيو تي في" الباكستانية أن اجتماعا للجنة الأمن القومي بالحكومة، برئاسة رئيس الوزراء عمران خان، وبحضور وزراء الدفاع والداخلية والخارجية، خلص إلى قرارات بـ"تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الهند، وتعليق التجارة الثنائية، ومراجعة الترتيبات الثنائية، ورفع القضية إلى الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي".

مناقشة