مجتمع

"الأدب النسوي"... صور ذهنية ومصطلحات تؤرق الكاتبات في الوطن العربي

يمثل مصطلح "الأدب النسوي"، إحدى الإشكاليات في الوطن العربي، وربما العالم، خاصة فيما يتعلق بالكتابات الشعرية والقصصية.
Sputnik

التصنيف الأدبي أو إطلاق هذه المصطلحات على كتابة أدبية، يراها البعض قصورا في التعاطي مع الأدب، حيث يرى البعض أن الأدب يعامل بمحتواه ومضمونه دون الاستناد إلى مثل هذه الصور الذهنية التي ظهرت  في القرن الماضي.

تقول القاصة التونسية هيام فرشيشي: "من الإشكاليات التي مازالت تثير الجدل والنقاش وجود مصطلح "الأدب النسوي"، نظرا لأن معايير الخطاب الأدبي لا تعالج من خلال تصنيف جنس المبدع".

وأضافت في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك" أن الأدب ليس بالضرورة انعكاسا لشخصية صاحبه، أو يعطي نسبة واضحة عن حجم الأنوثة والذكورة انطلاقا من الذات التي أبدعته، بل الأدب هو هم إنساني وغوص في باطن الروح وإعادة تشكيل العوالم المتخيلة على غير هيئتها في الواقع، حتى وإن استلهمت منه، أو تسرب الواقع من بين أحداثها.

 وترى أن مصطلح  "الأدب النسوي"، ارتبط بظهور الحركة النسوية، التي حولت المرأة إلى شيء متحررة من القيم الاجتماعية، لتتوغل في التعبير عن المسكوت عنه في إطار المساواة مع الرجل، الأكثر جرأة في الاقتراب من كل المقدسات لتميزه بعلوية التصنيف الجنسي وأحقيته في تناول كل المواضيع، وهو السباق تاريخيا في الكتابة الأدبية والشعرية وفي نحت الإبداع.

الأسماء المستعارة

وتتابع فرشيشي، أن كتابة المرأة انتقلت من مرحلة التخفي باسم مستعار، إلى البوح وانعكاس معاناتها الحسية، خاصة عند تطور الإطار القانوني، وخروجها للمجتمع، وما لاقته من معاملات سيئة تحط من كرامتها، حيث عبرت عن غضبها ونقمتها واحتجاجها بأسلوب يتراوح بين المباشرة والرمزية،  ثم انتقلت إلى الكتابة النفسية التي يمكن معالجتها من خلال تفسير رموزها  بأدوات علم النفس الأدبي والاجتماعي.

وتشير إلى أن المرأة انتقلت إلى مرحلة الشعرية التي حررتها من شحنات الحنق على مجتمع ذكوري، إلى الانغماس في حالات وجدانية أكسبت لغتها حالات من الدهشة، مستخدمة تقنيات تعبيرية تتقاطع من خلالها فنون بصرية وحركية وسمعية متعددة.

 

فيما تقول الشاعرة ريم قمري من تونس: "شخصيا لا أؤمن بتقسيم الكتابة أو الأدب إلى أدب نسوي وأدب ذكوري".

وترى قمري في حديثها إلى "سبوتنيك"، الأربعاء، أن الأدب إنساني بالأساس، ولا يمكن الفصل بين كتابة تصنف نسوية لأن كاتبتها امرأة والعكس.

التفاعل بين الجنسين

تتابع: "نكتب تفاعلا مع الوجود والواقع، ونؤسس لوضع جملة من الأفكار والمبادئ العامة، فأنا كامرأة لن ينحصر وجودي في الكتابة عن قضايا المرأة ومشاغلها فقط، ثم أن المرأة هي تتفاعل مع الرجل في هذا الوجود، وبتالي فالكتابة عن المرأة هي بشكل أخر كتابة عن الرجل.

ما الاختلاف؟

ترى قمري أن الاختلاف يكمن في أسلوب الكتابة وطريقة الطرح،  وأن هذا أمر طبيعي، خاصة أن  المرأة مختلفة عن الرجل، أي أنها ذات طبيعة مختلفة، لذلك ستكتب بأسلوب وخاصية تشبهها، لكن هذا لا يعني أبدا أنها ستحشر في زاوية معينة، وأنها لا تملك القدرة على الكتابة، إلا في مواضيع بعينها.

تشير إلى أن الوجود هو مادة ثرية للكتابة، ويكتبها الرجل والمرأة بلا تمييز، لكن لكل منها بصمته الخاصة.

ادعاءات النضال

وتابعت: "برأيي في الغرب حسم هذا الموضوع ولم نعد نتحدث عن أدب نسوي، وكرس مفهوم الأدب ببعده الإنساني،  في حين أننا العالم العربي مازلنا متمسكين بهذا التصنيف، لأنه يمنحنا المجال ربما للادعاء، أننا نناضل من أجل النهوض بالمرأة ومكانتها، وهو نضال وهمي، لأن المرأة العربية تجاوزت هذه المرحلة، وأثبتت وجودها أدبيا، على قدم المساواة مع الرجل".

وتشدد على تجاوز مفهوم الأدب النسوي، وأن الحديث الآن  الأدب ببعده الإنساني الرحب.

تقول الشاعرة والكاتبة فاطمة ناعوت: لا أرى مصطلح "الأدب النسوي" مصطلحا دقيقا، وإلا توجب علينا أن نتبنى ألوانا أخرى من "النسويات” مثل: النحت النسوي، العمارة النسوية، الموسيقى النسوية، التشكيل النسوي إلى آخر الفنون الستة، كما صنفها الإغريق، وجميعها مصطلحات غير مقبولة، أتعامل مع المرأة بوصفها إنساناً، لا بوصفها نوعا وفصيلاً، لأن في تصنيفها لونًا من التمييز والعنصرية"، بحسب موقع "ولها وجوه أخرى"

كما يرفض المصطلح كل من الشاعر فاروق جويدة والشاعر أحمد سويلم والشاعر فاروق شوشة، من مصر.

على الجانب الاَخر،  يدعم الناقد سعد البازعي من السعودية مصطلح "الأدب النسائي" ويرى أنه بتحليل بعض الكلمات التي تنتجها المرأة يمكننا أن نلتمس سمات عامة لهذا الأدب.

وبحسب "ولها وجوه أخرى" يرى أنهم في الغرب يتحدثون عن النقد النسوي، وهو نقد يكتبه الرجال والنساء، بهدف الانتصار للمرأة وإثبات مقدار الظلم الذي لحق بها.

ويرى أنها محاولة لإزالة الظلم وبداية مصطلح النقد النسائي كانت بكتاب فرجينيا ولف  1928 "a Room of one’s own"   ثم تلتها سيمون دي بوفوار بكتاب 1949 " The second sex ".

الناقدة المصرية نهاد صليحة، تقول: "أفضله انطلاقًا من ترجمة كلمة femin  وتعني أنثى وبالتالي أقول أدب أنثوي أو منظور أنثوي، ولا أقيم التفرقة علي أساس الجنس الذي يكتب ولكن أقيمه من خلال المنظور الفكري".

وفي تصريحات صحفية عدة قال الكاتب المصري  صلاح عيسى، أنه لا يعترف بما يطلق عليه الأدب النسوي، حيث إن الأدب معروف، ويتم تحديد جماليات من خلال أبعاد رسم الشخصيات، والسرد، والبنية الدرامية، وغيرها من الجوانب التي تقيس جماليات الأدب، بعيدا عن نوع الكاتب.

مناقشة