هل خدعت الثورة السودانية المرأة أم حققت مطالبها؟

ما إن تقوم الثورات حتى يرتفع مستوى التطلعات والطموحات لدى الشعب، وقد لعبت المرأة السودانية دورا رائدا شهد له العالم أجمع، وما إن بدأت الثورة تنتج ثمارا حتى شعرت المرأة بنوع من التهميش وربما في بعض الأحيان عودتها لأوضاع ربما أسوأ من السابق وفق رأي البعض.
Sputnik

ما الذي حققته المرأة السودانية بعد الثورة وما هي تطلعاتها للمستقبل...

نساء تحت الانقسام

قالت السياسية السودانية، تراجي مصطفى لـ "سبوتنيك"، إن حقوق المرأة في السودان واقعة تحت مظلة انقسام مجتمعي ما بين الهامش "القرى والأقاليم البعيدة" والمركز، ونساء الهامش في أقاليم محددة في السودان لازال التهميش مستمر تجاههم، سواء في وفود التفاوض خلال الفترة الماضية أو بالنسبة للظهور في الإعلام والفضائيات بشكل عام.

"صوت المرأة ثورة"... الكنداكة السودانية التي غيرت شكل الاحتجاجات
وأضافت السياسية السودانية، إن عملية مشاركة المرأة في العمل السياسي والظهور الإعلامي ليس قاصرا على المركز بشكل عام، بل على مراكز معينة، كذلك في شغل الوزارات الحكومية رأينا نفس التهميش، رغم ما حققته المرأة السودانية بكل أطيافها من انجازات، إلا أنه يعاد تهميشها.

ديكور

وتابعت مصطفى، إن كل منظمات التي تتحدث عن المرأة وقضاياها محتكرة من جانب المركز ويأتوا بسيدات من الأقاليم في دارفور وكردفان وجنوبها  والنيل الأزرق وشرق السودان، يأتوا بتلك السيدات كنوع من الديكور لتكملة الصورة فيما يعرف بالترميز التقليدي، بأن تأتي المرأة من تلك المناطق لكي تكون مادة إعلامية وقضية يتحدثون عنها أمام الناس، لكن في المجمل، لا تصير هؤلاء السيدات عضوات جمعية أو مجلس إدارة والصراع مازال مستمرا.

النخب النيلية

وأكدت  مصطفى أن المرأة السودانية على المستوى العريض والتي خرجت للشارع وساهمت في الاعتصام وقتل بعضهم وتعرض بعضهن للانتهاكات وفقدن جزء من جزء من قدراتهن، هذه المرأة مازالت مهمشة وهذا حالها اليوم، وأرجعت الوضع الراهن من تهميش المرأة ليس فقط لأنها خارج العاصمة أو المركز، بل قد تكون مهمشة بالعاصمة أيضا لأنها ليست من قبائل محددة وهى ما يطلق عليها "النخب النيلية" في شمال الخرطوم وإلى حلفا بالقرب من الحدود مع مصر.

وحول وجود ثلاث سيدات في الحكومة الانتقالية، قالت النائبة السودانية، نحترم وجود المرأة على رأس الوزارات ولكن يجب أن تكون المرأة التي تتقلد مثل تلك المناصب قادرة على العطاء والحركة والفكر، ونتمنى أن تستكمل الوزارات الباقية من النساء القادرات حتي تتعدل الأمور بعض الشيء.

التكبيل والبطش بالقانون

"كنداكة" الثورة السوادنية: مطالبنا اقتلاع النظام من جذوره
أما آمنة أحمد مختار، مؤسسة حزب الخضر السوداني، قالت لـ"سبوتنيك"، رغم مكتسبات المرأة السودانية التاريخية، وريادتها في شغل عديد من المناصب والمهن منذ منتصف القرن الميلادي الماضي، كالقضاء، والبرلمان، والطب وغيرها من مهن، ورغم تاريخها السوداني القديم العامر بالملكات السودانيات "الكنداكات المحاربات"، والمشاركة الواضحة لها في كل أدوار كفاح ونضال الشعب السوداني للتحرر من الدكتاتوريات ومشاركتها الملموسة في كل الثورات والانتفاضات، وكذلك نضالها المستمر ضد قانون النظام العام الذي صك خصيصا لتكبيلها والبطش بها من قبل نظام حكومة ما يسمى بالإنقاذ الوطني الانقلابية والرجعية، مازالت المرأة مهمشة حتى بعد الثورة.

قوى الثورة خدعتنا

وأضافت مؤسسة حزب الخضر، رغم مشاركة المرأة في ثورة ديسمبر السودانية الأخيرة، إلا أن النخب السياسية التي تمثل قيادات قوى المعارضة "قوى الحرية والتغيير"  قد قامت بخداع النساء، والتفت على أدوارهن وهمشت نضالهن، وتنكرت  لوعودها بإنصاف النساء في تمثيلهن في مستويات الحكم الثلاثة، رغم أنهم كانوا قد وعدوا بتمثيل النساء بنسبة 40 في المائة على الأقل، كذلك لا تزال القوانين التي صيغت لإذلال النساء سارية المفعول حتى اليوم ولم يتم إلغائها.

وأشارت مختار، بالنسبة لتطلعاتنا كنساء سودانيات، نحن نعتبر أنفسنا نساء قادرات، فقط نريد أن تكون فرصنا في المنافسة عادلة وقائمة على الكفاءة والإمكانيات الحقيقية، لا أن تفوز فقط المرأة المدعومة من جهات ولوبيهات ونخب سياسية كما تعودنا.

مسلسل هزلي

وتأكيد لما سبق قالت الطبيبة السودانية جواهر حسن بشير لـ "سبوتنيك"، "ما بني على باطل فهو باطل" لأني أساسا لا أعترف بتلك الثورة التي راح ضحيتها الكثير من الأبرياء، وأرى أنها مسلسل هزلي وضيع ولم نتقدم أي خطوة إلى الأمام، سوى الاستمرار في الركوع.

وأضافت بشير، كنا ومازلنا نعاني من البطالة لأن التي تعمل إما بواسطة محسوبية، إذا ما هو الجديد الذي جاءت به الثورة "هل هو السماح بخلع الحجاب والحرية في الملابس، ولو راجعنا قائمة المرشحات في التعيينات الجديد بعد الثورة، نجد أن كلهن من الأحزاب عن طريق الفتاة أو ذويها ولا توجد تعيينات من عامة الشعب يعني "مدنية فشنك".

يعيش السودان مرحلة انتقالية لمدة ثلاث سنوات وفقا للوثيقة الدستورية التي تم التوافق عليها بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وقد أدى الاتفاق إلى تشكيل المجلس السيادي من 5 مدنيين و5 عسكريين وأن يتم التوافق بين الطرفين على العضو الحادي عشر، ويتولى الفريق عبد الفتاح البرهان حاليا رئاسة المجلس السيادي في حين يتولى الدكتور عبد الله حمدوك رئاسة الحكومة الجديدة "الانتقالية".

مناقشة