الاحتجاجات في تونس... ماذا تغير بين البوعزيزي والحبلاني؟

اندلعت مظاهرات وأحداث عنف في مدينة جلمة التونسية بولاية سيدي بوزيد، بعد إحراق الشاب عبد الوهاب الحبلاني لنفسه احتجاجا على الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلاد.
Sputnik

وقوبلت هذه الاحتجاجات بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، والذين عمدوا إلى قطع الطرق، ما يعيد للأذهان أحداث الثورة التونسية عام 2011، والتي أطلق شرارتها محمد البوعزيزي بعد إحراقه لنفسه احتجاجا على مصادرة السلطات لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه.

الفرق بين 2010 و2019

وإذا ما كان هناك فارق بين أحداث الثورة في عام 2010 وبين الاحتجاجات التي تجري حاليا في مدينة جلمة، يقول وزير التجارة السابق عبد الوهاب معطر في حوار مع "سبوتنيك": يمكن اعتبار أن ما يحدث في جلمة هو بداية العنف، باعتبار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بلغت حدا كبيرا من التجني، ونعلم أن الخريف والشتاء في تونس عادة ما تكون فصول ساخنة، حيث يكون كل الحراك الاجتماعي يأخذ مداه.

ويتابع: الفرق بين ما وقع عام 2011 و2019 هو أن البلاد عرفت مستوى كبيرا من الحريات والديمقراطية وغير ذلك، حيث توفرت الحرية للشعب والانتخابات الحرة، والانتقال السلمي للسلطة.

ويكمل معطر: لكن هذا النجاح يعتبر مهدد باعتبار أن البعد الثاني أو الرئيسي للثورة هو البعد الاجتماعي والاقتصادي، حيث هناك انحدار متسارع، ويجب على السلطة الحاكمة والنخبة السياسية أن تجد حلول اقتصادية.

ويضيف الوزير السابق: "الأسعار ترتفع بشكل متسارع وقيمة الدينار منخفضة والبطالة مستشرية بشكل كبير، وإملاءات صندوق النقد الدولي لا تبشر بخير، وكل هذا يؤدي إلى أن الأوضاع في تونس أصبحت خطرة".

أما أمين عام حزب الشعب التقدمي التونسي والنائب السابق هشام حسني وفي اتصال مع "سبوتنيك"، فيرى أن لا تغيير حدث في تونس، ويوضح: "لم يتغير أي شيء في الوضع الإجتماعي والاقتصادي في المناطق المهمشة مثل سيدي بو زيد، والتي تجري فيها العديد من المشاكل والأحداث، وآخرها كان هذا الشاب الذي انتحر".

ويكمل: هذا يدل على أن الأوضاع الاجتماعية لم تتغير بل زادت سوء منذ عام 2010 وحتى اليوم، وهذا أدى إلى حالة احتقان وحالى يأس لدى الشعب التونسي، ولدى الشباب الذي أقبل على الانتحار وهلى الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

ويستدرك حسني: كل هذا يجري بينما النخب السياسية تتناحر على مناصب سيادية دون أن تقدم أي برامج أو حلول لهؤلاء الشباب، وللشعب التونسي بأكمله.

تجربة فريدة

وعلى الرغم من أن تونس تشكل حالة فريدة من الناحية الديمقراطية والانتخابات التي جرت بها، إلا أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي لا يشكل فارقا كبيرا عما قبل الثورة في تونس، وعن هذا يقول عبد الوهاب معطر: "ما وقع في تونس بعد الثورة لم يترافق مع القيم، فنحن نعيش جيل رخو بعد عهد الديكتاتورية، حيث أن القيم الاستهلاكية وقيم العمل ليست متطورة، والشباب يريد الربح السريع، ولا بد أن يكون هناك توعية وطنية لإرجاع قيمة العمل والمبادرة وقيمة القناعة وهذا من جهة الشعب".

ويكمل: أما من جهة الحكومات يجب أن تمارس سياسات حقيقة، تقطع منوال التنمية القديم الذي استنفذ ولم يعد قادر على حل هذه المشاكل، ولا بد من حلول جديدة في سبيل إيجاد مشاريع كبرى في البلاد.

ويواصل: "للأسف الشديد النخب السياسية غير واعية، والسياسات التي تبشر فيها الحكومة الجديدة هي سياسات قديمة معادة، وليس هناك أي تحول نوعي يحول البلاد إلى وجهة جديدة".

أما النائب السابق هشام حسني فيرى أن الفساد هو سبب المشكلة في تونس، ويكمل: "يجب إيجاد حلول لمقاومة الفساد الذي استشرى في تونس بعد عام 2010، ونعرف أن الاقتصاد التونسي لن يتعافى ما دام الفساد يحكمه، والذي يتغلل داخل مفاصل السلطة".

ويضيف: كيف أن مجلس النواب الذي انتخبه الشعب أصبح مكونا من المتهربين ضريبيا، بفعل المال السياسي الفاسد، وكيف أن رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالية لم يقدر على مكافحة الفساد، رغم كل الشعارات الرنانة التي رفعها ولم يستطيع تحقيقها.

ثورة جديدة؟

وعما إذا ما كانت هذه الاحتجاجات قد تؤدي إلى ثورة في تونس أم أنها ستقتصر على احتجاجات محدودة، يقول الوزير السابق عبد الوهاب معطر: "هذه الاحتجاجات يمكن أن تصل إلى تحركات اجتماعية، ويمكن لاتحاد الشغل أن يتبناها، ويمكن أن يخلق شيء ما ولا أقول ثورة، فالمسألة حلول وخاصة للأوضاع الاقتصادية في البلاد".

ويكمل: أي محاولة لثورة من هذا النوع سيطرح سؤال ماذا بعد، وهذه التحركات قد تؤدي إلى فوضى قد تؤخر تونس، لذلك لا بد من هبة وطنية على مستوى الشعب والنخب السياسية، وأن تؤمن بالتغيير ولكن ليس بالطريقة القديمة، وأن نتعلم من البلدان الأخرى كيف خرجت من الأوضاع التي تشابه أوضاع تونس.

أما أمين حزب الشعب هشام حسني، فيرى أن هذه الحالة من الممكن أن تصل إلى ثورة، ويوضح: "حال الاحتقان التي يعيشها الشعب التونسي ستؤدي حتما إلى الانفجار وكلنا نعرف أن شهري ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني هما شهري الاحتجاجات، وأقول ربما ستندلع ثورة من جديد، كما حدث في عام 2010، و2011.

ويختم قوله: "أتحدث كسياسي وكنائب سابق أني أسعى إلى تغيير الأوضاع بطرق سلمية، وإلا سنضطر للخروج إلى الشارع، لأخذ الأمور بأيدينا من هذه الطبقة الفاسدة، التي وصلت بتونس إلى منزلقات خطيرة".

مناقشة