تأييد حكومي وتضارب في المعارضة... ما إمكانية نقل اللجنة الدستورية السورية إلى دمشق؟

يدور الحديث مؤخرًا حول مقترح يهدف إلى نقل الجولة الجديدة من أعمال اللجنة الدستورية السورية التي تنعقد في جنيف إلى العاصمة دمشق، وسط تضارب في صفوف المعارضة.
Sputnik

رئيس منصة موسكو: اللجنة الدستورية السورية يجب أن تنتقل إلى دمشق
إذ يرفض ممثلون ضمن وفد المعارضة السورية في اللجنة الدستورية نقل أعمال اللجنة إلى دمشق تخوفًا من الملاحقات الأمنية، بيد أن رئيس "منصة موسكو" للمعارضة السورية، قدري جميل، أشار إلى أن هناك ضرورة حتمية لنقل اللجنة.

أما المبعوث الدولي إلى سوريا، غير بيدرسون، فقد اعتبر أن قرار نقل اللجنة الدستورية من جنيف إلى دمشق يجب أن يُتخذ من قبل السوريين كونه عملهم، وأكد أن موعد الجولة القادمة لأعمال اللجنة لم يحدد بعد.

الجدل الدائر حول تلك القضية طرح تساؤلات عدة بشأن إمكانية نقل مقر أعمال اللجنة الدستورية من جنيف إلى سوريا، ومدى الاستفادة التي يمكن أن تتحقق من الأمر، وكيف يمكن تبديد المخاوف الأمنية لدى البعض؟.

مواقف متناقضة للمعارضة

أعلن رئيس "منصة موسكو" للمعارضة السورية، أمين حزب "الإرادة الشعبية"، عضو قيادة "الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير"، قدري جميل، أنه يتعين على اللجنة الدستورية السورية، الانتقال إلى دمشق والعمل تحت رعاية الأمم المتحدة.

وقال جميل، خلال مؤتمر صحفي نظمته مؤسسة "روسيا سيغودنيا": "يجب أن تنتقل اللجنة الدستورية إلى دمشق وأن تعمل تحت رعاية الأمم المتحدة"، مضيفا: "يجب ألا يكون عمل هذه اللجنة شكليا، وأن يكون عملها حقيقيا، ويجب أن تتغلب على الموقف، الذي اتخذه بعض ممثلي الأطراف المتفاوضة، وهذا هو موقف منصة موسكو".

وأضاف جميل أن "منصة موسكو (للمعارضة السورية) اقترحت نقل المحادثات إلى دمشق"، مشيرا إلى أن "النظام لا يعبر عن هذه الرغبة".

وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن المسؤولية عن تراجع عمل اللجنة الدستورية تقع بالدرجة الأولى على عاتق القوى الداخلية.

وأكد عضو اللجنة الدستورية المصغرة الخاصة في سوريا، من جانب وفد المعارضة، قاسم الخطيب، أن وفد الحكومة السورية إلى اجتماعات اللجنة الدستورية يريد وضع شروط مسبقة لبدء النقاش حول الدستور.

عضو اللجنة الدستورية، عن المعارضة السورية الدكتور يحيى العريضي، قال إن "هناك العديد من الأهداف التي يتطلع النظام إلى تحقيقها، من وراء هذه الدعوات، علما بأن مكان انعقاد اللجنة جاء بناء على رغبة الأمم المتحدة".

وأضاف في تصريحات صحفية أن "مطلب النظام بنقل عمل اللجنة إلى دمشق، بأنه واحد من العراقيل الكثيرة التي يضعها أمام عمل اللجنة الدستورية"، وأشار إلى تعارض نقل عمل اللجنة إلى دمشق، مع ما تم الاتفاق عليه أمميا، حول تشكيل اللجنة وعملها ومكانه".

وأشار العريضي إلى "الهواجس الأمنية التي تترتب على ذهاب أعضاء وفد المعارضة إلى دمشق، معتبرا أن ذلك لا يشكل بيئة مناسبة لمناقشة الدستور".

ضرورة وطنية

عبدالقادر عزوز، مستشار الحكومة السورية قال إنه "من حيث المبدأ لا شك أن انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية في دمشق سيعطي مؤشرًا إيجابيًا بشأن استقلالية عمل اللجنة".

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، أن "دمشق التي صاغت دساتير عريقة عبر تاريخها هي الأولى بأن تستضيف أبناء سورية وأن يعقد على أرضها وإقليمها اجتماعات عمل لجنة معنية بصياغة عقد اجتماعي جديد، ومعنية بموضوع يخص كل أبناء سوريا".

وفيما يتعلق بحديث البعض عن آمانهم في دمشق، قال: "القواعد الإجرائية نصت في تدابير بناء الثقة حول أمان أعضاء اللجنة من أي تدبير، وبالتالي هذا ليس مبررًا لموضوع أن تنعقد في دمشق".

من جانبه قال الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي والعضو السابق في الوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف، إنه "بصفة عامة عمل لجنة مختصة بتعديل دستور دولة ما خارج أراضيها يشكل مفارقة لا تنسجم مع روح السيادة الوطنية خاصة فيما يتعلق بشأن سيادي تأسيسي يتمثل في بلورة العقد الاجتماعي- السياسي بين السوريين متمثلًا في الدستور".

وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "انعقاد أعمال هذه اللجنة خارج الأراضي الوطنية السورية يفتح المجال أمام التدخلات الدولية على مختلف أنواعها سواءً تجلى ذلك بخروج دور الميسر الدولي عن التفويض الممنوح له بموجب قرارات الشرعية الدولية، أو بتدخل دول خارجية يمكن أن تعكس تورطها السياسي وانخراطها الجيوبوليتيكي في الحرب السورية على استقلالية عمل اللجنة واستقلالية أعضائها".

وتابع: "وهو ما شهدناه في الجولة السابقة من عمل اللجنة عبر المحددات والخطوط الحمر التركية التي لم يستطع الوفد المعارض أن يتجاهلها، سواء فيما يتعلق بإدانة الاحتلال الخارجي والغزو أو إدانة ومحاربة الإرهاب".

ومضى قائلًا: "إن تأتي هذه الدعوة من طرف أو منصة معارضة هو بدون شك تطور إيجابي يشير إلى قراءة أكثر توازنًا والتزامًا بالمعيار السيادي والوطني من بعض المعارضة، والذي نأمل أن ينعكس على الجميع، فهناك العديد من أعضاء اللجنة الدستورية عن وفد المعارضة ممن انقطعت صلتهم بالوطن والشعب السوريين منذ عشرات السنين عبر دراستهم وعملهم في الخارج، وهذا ينطبق على رئيس وفد المعارضة نفسه، وبكل تأكيد هذا الانقطاع في التواصل المكاني والمعنوي مع الوطن والشعب السوريين يجعل يد هؤلاء ليست على نبض الشارع السوري بمقدار ما تمثل نبض الدول الراعية لهم وأجنداتها السياسية".

أمان المعارضة في دمشق

وبشأن الحديث عن وجود مخاطر أمنية أو قضائية حول تواجد وفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية في دمشق، قال: "هذا ليس إلا ذرًا للرماد في العيون، فبعض من أصحاب الطروحات الأكثر راديكالية تجاه الحكومة والقيادة السورية (والحديث هنا عن رئاسة هيئة التنسيق) يقيمون في دمشق بأمن وأمان لأن يد الملاحقة القانونية لا تطال أصحاب الآراء المغايرة للحكومة، بل تطال من يتوسل الإرهاب أو الفوضى لمحاولة فرض رؤيته على الشعب من خارج الممارسة السياسية السليمة ودون الاحتكام لصناديق الاقتراع".

واستطرد دنورة بالقول: "هناك في دمشق من البيئة السياسية المناسبة ما استوعبه مسبقًا أصحاب الطروحات الأكثر جذرية تجاه الدولة السورية، فيد القانون السوري تطال - وبعكس البروباغندا الإعلامية- فقط من يحتكم للعنف في الممارسة السياسية، سواءً اكتسى هذا العنف صورة الفوضى والتخريب المتستر بالرداء الشعبوي، أو اتخذ صورة الإرهاب وحمل السلاح".

وأنهى حديثه قائلًا: "إن الانتقال بأعمال اللجنة إلى دمشق يمثل تطورًا طبيعيًا وشرطًا منطقيًا وضروريًا لنبذ التدخل الخارجي والحفاظ على المعيار السيادي ووضع اليد على النبض الحقيقي للشعب السوري الذي هو صاحب الحق الوحيد في شرعنة أي سلطة سياسية أو صيغة للعقد الاجتماعي عبر الشرعية الدستورية التي يفترض بها أن تعكس مباشرةً، ودون تدخل أو إملاءات خارجية، مبدأ سيادة الشعب".

اللجنة الدستورية

وعقدت الجولة التالية من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لكن اجتماعات المجموعة المصغرة لم تجر بسبب الخلافات بين الوفود.

وانطلقت أعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف، في الـ 30 من أكتوبر/ تشرين الأول، تحت رعاية الأمم المتحدة، تمهيدا لعملية سياسية طال انتظارها.

وتتكون اللجنة الدستورية من 150 عضوا، مقسمة على نحو 50 عضوا لكل فئة من الفئات المشاركة (الحكومة السورية، المعارضة والمجتمع المدني).

ويتمثل الهدف الرئيسي للجنة، بإعداد إصلاح دستوري في سوريا، من أجل إجراء انتخابات في البلاد على أساسه، والشروع في عملية التسوية السياسية في الجمهورية العربية السورية.

وتعتمد هذه اللجنة المسودات الدستورية، التي ستعدها لجنة مصغرة مؤلفة من 45 عضوا (15 عضوا من كل مجموعة) بالتصويت عليها وإقرارها بأغلبية الأصوات.

مناقشة