الحرب تقسو على الفتاة السورية والمجتمع يعمق جراحها

طالت نتائج الحرب السورية القاسية كل منزل في سوريا، سواء من الناحية البشرية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو النفسية، ولم تنج الفتاة السورية من آثار هذه الحرب.
Sputnik

دمرت الحرب التي بدأت عام 2011 جزء كبيرا من البنية التحتية وأعادت الاقتصاد السوري والمجتمع سنوات إلى الوراء، وحرمت مئات آلاف الأسر إن لم نقل ملايين الأسر من أبنائها أو أبعدتها عنهم.

فتاة سورية تحصل على لقب "أذكى طفل في العالم"
ولم تنجو الفتاة السورية من نتائج هذه الحرب، حيث أفادت مواقع وإحصائيات في شهر نيسان هذا العام أن مصدرا في دمشق محمود المعراوي أكد ارتفاع نسبة العنوسة في سوريا إلى 70 في المئة بسبب الحرب المستمرة منذ عام 2011.

وهنا تتعدد الأسباب، ففي عام 2011، قبل بداية الأحداث المأساوية في سوريا، كانت نسبة الذكور أعلى بقليل من نسبة الإناث في سوريا، وكانت الأوضاع مستقرة والعديد من الشباب يستطيعون الزواج، أما بعد سنوات طويلة من الحرب، فقد خسرت سوريا مئات الآلاف من شبابها سواء في الحرب أو الهجرة خارج البلاد.

كل هذه العوامل سببت ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع، في الوقت الذي يتسم فيه المجتمع السوري بأنه مجتمع محافظ، يضاف إلى ذلك أن معظم الأسر إذا أرادت أن ترسل أحدا من أبنائها إلى الخارج للتعلم أو العمل، فإنها تختار ابنها بدلا من بنتها (كعادة مجتمعية)، وفوق كل ذلك فإن مجالات العمل بالنسبة للإناث أقل من مجالاتها بالنسبة للشباب، فالكثير من الأعمال التي تحتاج قوة بدنية أو غيرها من الأعمال في سوريا (على سبيل المثال لا الحصر في أسواق الخضرة أو قيادة الشاحنات مع وجود استثناءات) عادة ما تكون من نصيب الشباب وليس البنات، وهكذا يكون المجتمع أطبق في بعض جوانبه وعاداته وعمق جراح الفتاة السورية.

سيدات سوريات يدخلن مجال قيادة "النقل الثقيل" بنجاح
بعد الحرب العالمية الثانية، فقدت ألمانيا نسبة كبيرة من رجالها وشبابها في الحرب ضد الحلفاء، وبعد انتهاء الحرب، ساهمت المرأة الألمانية في إعادة إعمار ألمانيا، ودخلت معظم الأعمال، حتى رفع الأنقاض في المدن المدمرة، وحتى أنه يوجد رمز (نصب تذكارية) في ألمانيا يعرف بـ"امرأة الأنقاض" في إشارة للنساء اللاتي شاركن في إزالة الأنقاض من المدن المدمرة، ووصف المستشار الألماني السابق هلموت كول عام 2005 في مدينة ميونيخ، نساء الأنقاض بأنهن "رمز لتصميم الألمان على البناء والبقاء على قيد الحياة". وأضاف: "يذكر النصب التذكاري بالعدد الكبير من النساء اللواتي تطوعن لإزالة أنقاض الحرب".

 شاركت 60 ألف امرأة تقريبا في برلين في إزالة الأنقاض، م في برلين دفع النساء إلى المشاركة في إزالة الأنقاض عن طريق تخصيص نصيب أعلى من المواد الغذائية لهن. وبهدف "تجنيد" المزيد من المتطوعات نشرت وسائل الإعلام صورة امرأة الأنقاض السعيدة، كما تقول المؤرخة ليوني تريبر، مشيرة إلى أن هذه الصورة بالذات بقيت حتى يومنا هذا في أذهان الكثير من الألمان.

إلا أن حملة وسائل الإعلام هذه لم تجد أرضية لها إلا في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، حيث أصبحت امرأة الأنقاض قدوة لجميع النساء اللواتي أردن التدرب على مهنة رجالية، بينما لم تنسجم المرأة العاملة والمتحررة مع الصورة المحافظة للمرأة في جمهورية ألمانيا الاتحادية.

(المقال يعبر عن رأي كاتبه)

مناقشة