بعد رفض التيار الديمقراطي المشاركة.. الحكومة التونسية المرتقبة دون حزام سياسي

كشفت الساعات الماضية، العديد من التطورات، فيما يتعلق بتشكيل الحكومة التونسية المرتقبة، خاصة بعد اجتماع الحسم، أمس السبت، الذي ضم الأمناء العامين، لكل من حزب حركة النهضة وحركة الشعب والتيار الديمقراطي وتحيا تونس مع الساكن المؤقت لقصر الضيافة الحبيب الجملي.
Sputnik

وأسقطت اجتماعات المكاتب السياسية، لهذه الأحزاب، التي انعقدت، اليوم الأحد، جميع التوقعات بانفراج أزمة المشاورات، بعد إعلان أحزاب الصف الثوري فيها عدم مشاركتها في تشكيل الحكومة القادمة، التي لم يعد ثابتا في حزامها السياسي سوى حركة النهضة صاحبة التمثيل الأعلى في البرلمان.

حركة الشعب: مقترحات الجملي لا تستجيب

قال الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، عقب انعقاد المجلس الوطني لحزبه، إن الحركة رفضت رسميا المشاركة في الحكومة القادمة لثلاثة أسباب كبرى يحصرها محدثنا في كون العرض، الذي قدمه رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي للحركة تضمن عشرة وزارات تهم المجال الاقتصادي والتنموي.

ويقول الجملي إنها ليست من اختصاص الأحزاب بل المستقلين، وهو ما ترفضه حركة الشعب "نظرا للبس الكبير، حول موضوع الكفاءات المستقلة، التي عادة ما تنطوي على انتماءات حزبية.

ويضيف المغزاوي، في تصريح لـ"سبوتنيك"، أن الجملي اشترط على حركة الشعب ألا تختار أسماء من قيادات الصف الأول لتولي وزارة الشباب والرياضة ووزارة تكنولوجيا الاتصال.

تونس... الإعلان عن الحكومة الجديدة الاثنين
أما السبب الثاني وراء هذا الرفض فيكمن، وفقا للمتحدث نفسه، في غياب إعلان سياسي يلبي الحد الأدنى من انتظارات الحركة ومطالبها الضرورية المتمثلة أساسا في إيقاف العمل الفوري بقانون استقلالية البنك المركزي، الذي ترى الحركة أن بعض البنوك حققت منه أرباحا مالية هائلة دون أن تدفع فوائد للدولة.

كما تطالب حركة الشعب بإعادة النظر في موضوع العقود البترولية وخاصة عقود الملح، وعدم التفريط في المؤسسات العمومية أو محاصصتها، وتغيير المنوال التنموي للبلاد، الذي تعتمده تونس منذ العام 1986.

ويعتقد الأمين العام لحركة الشعب أن هوية الحكومية القادمة لا تنسجم مع ما أفرزته صناديق الاقتراع في الانتخابات التشريعية، فالجملي حسب تأكيد المغزاوي، عبر عن نيته في إسناد 15 حقيبة وزارية للمستقلين مقابل 10 وزارات للأحزاب تقسم كالآتي، 4 وزارات لحركة النهضة، واثنتان للتيار الديمقراطي، ومثلها لحركة الشعب، ووزارتان إحداها لحركة تحيا تونس والأخرى للإصلاح الوطني.

وفيما يتعلق بالتصويت لهذه الحكومة، يؤكد محدثنا أن الحركة الشعب لن تصوت لحكومة لا تشارك فيها، مستدركا أن حزبه سيمد يديه من جديد للعودة إلى طاولة المفاوضات في حال تفاعل الحبيب الجملي ومن ورائه حركة النهضة مع مقترحاتهم.

التيار الديمقراطي: سنكون معارضة نزيهة

وعلى غرار ما حدث إليه شريكته في الكتلة الديمقراطية صاحبة التمثيل الثاني في البرلمان أعلن التيار الديمقراطي أن المكتب السياسي للحزب قرر عدم المشاركة في تشكيل الحكومة، "استنادا إلى أن تصورها العام لا يرتقي إلى مستوى التحديات المطروحة على البلاد".

وأوضح الأمين العام للتيار محمد عبو، أن هذا الرفض استند إلى غياب عروض جدية من المكلف بتشكيل الحكومة الحبيب الجملي باستثناء ما قدمته حركة النهضة بحر الأسبوع الماضي من مقترحات، والمتمثلة في تولي التيار لحقيبتي العدل والإصلاح الإداري مقابل تحييد وزارة الداخلية.

وأضاف: "اعتبرها من قبيل المناورات السياسية التي تنتهجها الحركة لغاية واضحة هي ضمان حزام سياسي صلب يخول لحكومة الجملي المرور من القصبة إلى باردو".

ودعا التيار الديمقراطي، في بيان له نشره اليوم، إلى أن تتشكل الحكومة في أقرب الآجال، معلنا أنه "سيعمل على أن يكون معارضة نزيهة وجدية ومسؤولة". 

قلب تونس: لن نصوت على حكومة محاصصة

وفي الوقت، الذي فقد فيه الحبيب الجملي، رسميا ما يقارب 41 صوتا من أعضاء الكتلة الديمقراطية كان يراهن عليها لتمرير حكومته تحت قبة مجلس نواب الشعب بعد انسحاب الشعب والتيار، أفصح بدوره اليوم رئيس كتلة حزب قلب تونس في البرلمان حاتم المليكي عن موقف حزبه من الحكومة القادمة، معلنا في اجتماع مكتبه السياسي أن "قلب تونس لن يشارك في الحكومة القادمة ولن يمنح الثقة لحكومة تقوم على المحاصصة الحزبية".

واستدرك: "موقف الحزب سيتغير في حال استندت الحكومة القادمة إلى كفاءات وطنية وإلى مبدأ تحييد وزارات السيادة، وأن تلتزم ببرنامج عمل قادر على تخفيف الضغط الجبائي وإعادة الثقة للمواطن، ويرتكز على محاربة الفقر ودعم الاقتصاد الوطني".

كما دعا المليكي إلى ضرورة التسريع في تشكيل الحكومة محملا حركة النهضة المسؤولية الدستورية والسياسية في تأخر المصادقة عليها وخطورة ذلك على الوضع العام في البلاد عموما.

ائتلاف الكرامة: بعض الأحزاب رفعت "الفيتو" ضدنا 

أما ائتلاف الكرامة، الذي عبر في البداية عن مساندته للحكومة الحكومة حتى في حال عدم مشاركته فيها، فقد بعثر اجتماع الحسم الذي يبدو أنه أستثني منه أوراقه، ليتراجع عن موقف ويعلن رسميا عدم نيته في التصويت لهذه الحكومة.

وفي هذا السياق صرح رئيس حزب ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف لـ"سبوتنيك"، أنه استاء من المعاملة، التي تلقاها حزبه فيما يتعلق بتشكيل الحكومة وحضوره في المشاورات.

وأضاف مخلوف، أن التصور الذي قدمه لرئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي "اشترط القطع مع المنظومة القديمة المنتجة للفشل وأن تكون الحكومة ثورية تتكون بالأساس من ائتلاف الكرامة وحركة النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب، لكنه فوجئ بتغير في مسار تشكيلها، بوجود أطراف أخرى عاقبتهم نتائج الانتخابات". 

وأكد أن هناك رغبة لدى بعض الأحزاب في إقصاء ائتلاف الكرامة من المشاركة في الحكومة، مشيرا إلى أن هناك أطرافا من خارج الأطراف المشاركة في الحكومة رفعت الفيتو ضد حزبه دون ذكرها.

وختم مخلوف أن ائتلاف الكرامة سيتموضع، ضمن معارضة بناءة وليس عدمية، وسيكون قوة رقابة واقتراح وضميرا للشعب التونسي في مجلس النواب، وفقا لقوله.

ويبدو أن التغير في خارطة التموقعات السياسية يبدو أنها بعثرت أوراق رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي ومن ورائه حركة النهضة في الحصول على حزام سياسي يضمن تجميع 109 صوت الضرورية للمصادقة على حكومته، وهو ما يعني المرور إلى الفرضية الثانية أي حكومة التكنوقراط، في وقت أعلن فيه الساكن المؤقت لقصر الضيافة أنه سيعلم الشعب التونسي بموقفه من قرارات الأحزاب واعدا بالإعلان عن تركيبة حكومته في الأسبوع القادم.

مناقشة