طائرة أمريكية تسللت بين المتظاهرين وقتلت سليماني

استغلت أمريكا الواقع الحالي الذي تشهده الساحة العراقية منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، حيث اندلعت مظاهرات في عدد من المدن طالبت بحل البرلمان، وتعديل الدستور، وإلغاء المحاصصة الطائفية، وإقامة انتخابات مبكرة لاختيار مرشح يقدم من الشعب.
Sputnik

لا يمكن استبعاد "مواجهة عسكرية"... خيارات إيران للرد على مقتل سليماني
ونفذت أمريكا عدة غارات كان أولها استهداف موقع لقوات الحشد الشعبي يوم الأحد 29 ديسمبر/ كانون الأول، ما أدى لمقتل ما لا يقل عن 27 شخصا وإصابة 62 آخرين من عناصر الحشد، أما العملية الثانية نفذت أمس الجمعة، فقد أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها نفذت ضربة بالقرب من مطار بغداد في العراق، قتل فيها قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني، بالإضافة إلى قيادات في الحشد الشعبي العراقي على رأسهم أبو مهدي المهندس.

أمريكا تتسلل بين المتظاهرين

تجيد السياسة الأمريكية استغلال الأوضاع الداخلية للبلدان التي تشهد تغيرات سياسية، حيث رصدت أمريكا مطالبة المتظاهرين خروج القوات الأجنبية من العراق بجميع أشكالها، لكنها استثنت نفسها من هذه المطالب، وركزت عدسة كمرتها على الشق الذي يتوائم مع سياستها، أي خروج إيران من الساحة العراقية، واستغلت أمريكا هذه المطالب، باعتبار النفوذ الإيراني كان الأوسع في العراق، واستغلت الشق الصغير بين العراقيين حول هذا النفوذ وطبيعته، لتتسلل وتنفذ سياستها، باستهداف الأذرع العسكرية المعادية لأمريكا في المنطقة.

ثغرة أمنية

استطاعت أمريكا رصد تحركات القادة بين بيروت والعراق، وهو مايدل على وجود ثغرة أمنية سربت المعلومات، وهو مايمكن ربطه بالأحداث الأخيرة التي تشهدها الساحة العراقية، مع مطالبة البعض بوقف النفوذ الإيراني في العراق، ومشهد الفيديو "المتواضع" الذي نشره وزير الدفاع الأمريكي في تغريدة على "تويتر" لاحتفالات العراقيين بمقتل سليماني، هو مؤشر يمكن مقارنته بمشاهد الفرح التي نشرتها وسائل اللإعلام الأمريكية عقب سقوط بغداد عام 2003، والتي لم تنته كما يشتهي الأمريكيون.

ورقة انتخابية

المؤكد أن توقيت هذه العمليات والإعلان الأمريكي بأنها "بتوجيه مباشر من الرئيس ترامب" ليس بمحض الصدفة، فالأخير بوضع داخلي لا يحسد عليه، في مواجهة معركة داخلية يقودها الكونغرس هي الأشرس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، ومشروع إقالة رئيس البلاد، وإن لم ينجح في عنوانه العريض فهو سينجح في عدم تجديد انتخابه، ليكون الرئيس الترامب من بين الحالات النادرة التي لا يجدد بها لرئيس أمريكي لولاية ثانية،  وهو ما يعمل على منعه من اللعب على ورقة القوة الأمريكية، لاستخدامها لاحقا في الترويج لإنجازات "قومية" بدأت بعملية قتل الإرهابي "البغدادي" على أنها إنجاز "عظيم" ولن تنتهي ربما بمقتل سليماني.

أمريكا ما كانت لتنفذ هذه الغارات، لولا وضع العراق الحالي، فهذه القوات موجودة منذ أعوام، ويسجل لها تحرير الكثير من المناطق في سوريا والعراق من تنظيم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا)، والمؤكد أن أمريكا تحاول استغلال الفرصة الراهنه لتقويض الوجود الإيراني في العراق، والذي يمكن أن يؤثر على امتداه الاقليمي وعلى حلفائها في سوريا ولبنان، بقطع طريق العراق أمام إيران وفصلها عن سوريا ولبنان، وبذلك يتضح دور القوات الأمريكية التي أبقت عليها الأخيرة على الحدود السورية العراقية. 

 

(المقال يعبر عن رأي كاتبه).

مناقشة