سر العداء بين "حركة الشباب" والأتراك في الصومال

التفجيرات ضد المتعاقدين الأتراك في الصومال تثير الكثير من التساؤلات حول الرسائل المراد إيصالها، ولماذا قامت حركة الشباب الصومالية المعارضة بالإعلان عن استهدافها الأكراد في عمليات سابقة، وما علاقة الحركة بتركيا، أم أن الحركة ورقة بيد جهات خارجية أم أن الوجود التركي في الصومال يشكل نوع من الخطورة عليها.
Sputnik

أعلنت وزارة الدفاع التركية، إصابة 4 من مواطنيها، من بين 11 شخصا أصيبوا في تفجير انتحاري بشاحنة مفخخة، في مدينة أفجوي، قرب العاصمة الصومالية مقديشو اليوم.

وقالت الوزارة، في بيان اليوم السبت، "ندين بشدة التفجير الإرهابي الذي استهدف المدنيين في الصومال وأسفر عن إصابة 11 شخصا بينهم 4 مواطنين أتراك".

وتابعت الوزارة، بحسب وكالة "الأناضول"، "سنواصل الوقوف إلى جانب إخواننا الصوماليين ضد الإرهاب".

الخطر التركي

الدفاع التركية تؤكد إصابة 4 من مواطنيها في تفجير قرب مقديشو
قال عبد الرحمن إبراهيم عبدي الباحث بمركز مقديشو للدراسات في الصومال لـ"سبوتنيك"، إن حركة الشباب هي الجهة التي تقف وراء استهداف المتعاقدين الأتراك المتزايد في الصومال ولا أعتقد بأن له علاقة مباشرة مع ما يجري في سوريا أو ليبيا.

وأضاف عبدي، "تعتبر حركة الشباب دور تركيا خطرا على رؤية الشعب التي هى ضد التواجد العسكري الأجنبي في البلاد، وتصفها بأنها عدو أخطر من القوى الأجنبية الأخرى، وجاء ذلك على لسان الناطق بإسمها الشيخ علي طيري، لأن الأتراك يعملون في المجالات التي تمس بشكل مباشر الاحتياجات الرئيسية للشعب كبناء المستشفيات والمدارس وتطوير البنى التحتية وهذا الدور حظي استحسانا وترحيبا لدى قطاع عريض من المواطنين العاديين، وحتى الذين كانوا يتعاطفون مع تنظيم الشباب وبدأ يغير  تدريجيا في الرأي العام بشأن وجود القوى الأجنبية في الصومال، وبالتالي تحاول الحركة تقليص دور تركيا في الصومال وإجبار شركاتها على الرحيل أو تخفيض دور متقاعديها المباشر في تنفيذ المشاريع التنموية".

العداء المشترك

وتابع الباحث بمركز مقديشو للدراسات، في المقابل لا بد من الإشارة إلى وجود أطراف سياسية معارضة وبعض رجال الأعمال التي لا تنظر بعين الرضا إلى دور تركيا في الصومال وتغلغله المتزايد في جميع مناحي الحياة ويرونه خطرا حقيقيا على مصالحهم السياسية أو الاقتصادية والاستثمارية وداعما لأطراف سياسية أخرى منافسة.

وأشار عبدي إلى أن تلك الأطراف تبدي مخاوفها وقلقها من أن تتحول البلاد في المستقبل إلى بلد مرتبط قراراته السيادية بأوامر من تركيا، لأن الأتراك يتولون حاليا إدارة عدد من المنشآت الاقتصادية الحيوية في العاصمة مقديشو مثل المطار والميناء وكذلك لديهم استثمارات كبرى في مجال الفنادق والمطاعم بالمدينة.

ولم يستبعد عبدي وجود دور خفي بين تنظيم الشباب وتلك الأطراف وتعاون بينها لمواجهة هذا الخطر المشترك.

طائرة تحمل جثث ومصابيين أتراك في تفجير مقديشو تصل إلى أنقرة
الشرطة الصومالية

وقالت الشرطة الصومالية إن سيارة ملغومة انفجرت اليوم السبت 18 يناير/كانون الثاني مستهدفة مجموعة من المتعاقدين الأتراك في مدينة أفجوي شمال غربي العاصمة مقديشو مما أسفر عن إصابة ستة أشخاص على الأقل.

ولم يُعرف منفذو الهجوم لكن سكانا ورجال شرطة قالوا إن مقاتلي حركة الشباب حاولوا مهاجمة أفجوي التي تبعد نحو 30 كيلومترا عن مقديشو في وقت متأخر أمس الجمعة وتم صدهم.

وقالت وكالة "الأناضول" في تركيا نقلا عن معلومات من السفارة التركية في مقديشو، إن الأتراك الأربعة المصابين في الهجوم يعملون في شركة بناء وإنهم يتلقون العلاج في المستشفى.

استمرار التعاون مع تركيا

وفي نفس السياق أدان أيوب إسماعيل عضو مجلس الشيوخ الصومالي لـ"سبوتنيك"، الهجوم على الأتراك ووصفه بـ"الإرهابي".

وأضاف إسماعيل، إن هذا الهجوم الإرهابي الذي استهدف المهندسين المتعاقدين من دولة تركيا الصديقة في مدينة أفجوي هو عمل مدان بكل الصور، مؤكدا أن تلك العمليات الإرهابية التخريبية لن تثني الحكومة الصومالية وشركائها الدوليين عن العمل والتعاون المشترك  لتحقيق مزيد من التقدم والازدهار في أرض الصومال.

انفجار سيارة ملغومة استهدفت أتراك في الصومال
استراتيجيات النفوذ

ومن جانبه قال فراس رضوان المحلل السياسي التركي لـ"سبوتنيك"، إنه "لا يمكن فصل عملية التفجير التي تمت ضد المتعاقدين الأتراك، عن الأحداث في المنطقة وبشكل خاص ما يحدث في ليبيا، حيث تشهد المنطقة تطبيق العديد من استراتيجيات النفوذ في عدة محاور، وهذا ما حدث اليوم من استهداف المتعاقدين الأتراك في الصومال".

وأضاف المحلل السياسي، التفجير ضد المتعاقدين الأتراك يمثل رسالة واضحة لتركيا، لأن الصومال في القرن الأفريقي وهى دولة مهمة جدا، وتبني حركة الشباب العملية السابقة يجعل أنه من المنطق أن تقوم بتلك العملية، لأن حركة الشباب يتم تمويلها من الخارج وأي حركة أو فصيل يتبع بكل تأكيد الجهات التي تموله والتي لا تريد العمل الذي تقوم به تركيا من إرسال لقواعد الدولة في الصومال، لأن هذا لا يتفق مع مصالحهم في المنطقة.

الرد التركي

وأشار رضوان، إلى أن تركيا لا بد أنها ستفكر جديد في الرد على تلك التفجيرات، واختيار الصومال لتنفيذ تلك العمليات ضد الأتراك لأن الصومال تعد النقطة الأضعف بين النقاط التركية المستهدفة في المنطقة.

الاستخبارات الصومالية تؤكد ضلوع دولة أجنبية في تفجير مقديشو
وحول أسباب تنفيذ تلك التفجيرات قال المحلل السياسي، الأمر لا يتعلق بغضب شعبي ضد تركيا في المنطقة، بقدر ما هو تنفيذ استراتيجيات، وبدأت الأمور تأخذ تصعيد خشن ضد تركيا من عدد من الدول ولكن بصورة غير مباشرة، أو قد يعطي هذا التفجير رسالة أخرى مفادها أن الاستراتيجية التركية تقدمت عن الاستراتيجيات الأخرى للدول التي لديها مصالح، فأرادوا وبطريقة قاسية نوعا ما، إيقاف هذا التقدم والتمدد التركي.        

وكانت حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة قد أعلنت مسؤوليتها عن هجمات سابقة في إطار حملتها لإسقاط حكومة الصومال المدعومة من الأمم المتحدة.

ومنذ المجاعة التي وقعت في الصومال عام 2011، صارت تركيا مصدرا رئيسيا للمساعدات في وقت تسعى فيه أنقرة لزيادة نفوذها بالقرن الأفريقي في إطار منافسة مع السعودية والإمارات.

ويساعد المهندسون الأتراك في شق الطرق في الصومال. وكانت مجموعة من المهندسين من بين ضحايا انفجار وقع عند نقطة تفتيش في مقديشو في أواخر ديسمبر/ كانون الأول مما أودى بحياة 90 شخصا على الأقل.

مناقشة