"سبوتنيك" ترصد المواقع التي زارها بوتين والأسد في دمشق القديمة

في العاصمة السورية دمشق، تتملك الزائرين رغبة كبيرة بالتعرف على مدينتنها القديمة الغارقة في التاريخ، فهي، إلى جانب كونها مسجلة على لائحة التراث العالمي منذ عام 1979، أقدم عاصمة مأهولة عبر التاريخ.
Sputnik

دمشق القديمة التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث قبل الميلاد بحسب منظمة اليونيسكو، تحمل الكثير من القيم الجمالية والفكرية والتراثية والسياسية وحتى التجارية، وهي شكلت على مرّ العصور مركزاً للحضارات ومهداً للأديان ومحطّ رحال القوافل التجارية من كل أنحاء العالم.

في هذه البقعة المتخمة بالتاريخ وودائع الحضارات المتعاقبة عند كل زاوية وبيت وحارة، تجول الرئيسان فلاديمير بوتين وبشار الأسد مطلع العام الجاري، وأضافا مسحة رسمية من الأمن والسلام الذي بات يكلل هذه القطعة الفريدة من التاريخ بعدما استعادت سلامها المفقود إبان تطهير منطقة "جوبر" القريبة والغوطة الشرقية للعاصمة من العصابات الإرهابية المسحلة.

"سبوتنيك" ترصد المواقع التي زارها بوتين والأسد في دمشق القديمة

بوتين في المدينة القديمة

خلال زيارته  إلى سوريا، تجول الرئيس بوتين، بصحبة الرئيس الأسد، في عدد من الأماكن والمعالم التاريخية الشهيرة في العاصمة دمشق، ومنها الجامع الأموي الكبير، رابع أشهر المساجد الإسلامية بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة والمسجد الأقصى.

"سبوتنيك" ترصد المواقع التي زارها بوتين والأسد في دمشق القديمة

كاميرا "سبوتنيك" جالت في الجامع الأموي الذي بُني بشكله وتصميمه الحالي عام 705 على يد الوليد بن عبد الملك، لكن تاريخه يعود إلى  1200 سنة قبل الميلاد وتتالت عليه الحضارات حتى اتخذ منه الرومان عندما دخلوا دمشق معبداً للإله جوبيتير وعندما اعتنق الرومان المسيحية حولوا الجزء الغربي الشمالي من المعبد إلى كنيسة وبقي الجزء الشرقي للمسلمين وظل الوضع هكذا حتى عهد الوليد بن عبد الملك الذي صمم بنفسه شكله الحالي واستقدم له أمهر الصناع والمعماريين والنقاشين والخطاطين ورفع أسواره وأقام في الجهة الشمالية مئذنة مربعة عالية على الطراز الأموي بارتفاع 30 متراً تعرف باسم "مئذنة العروس" وتعتبر تحفة معمارية إسلامية ونموذجاً شيدت على نسقه مآذن بلاد الشام ومآذن الأندلس.

"سبوتنيك" ترصد المواقع التي زارها بوتين والأسد في دمشق القديمة

يتميز الجامع الأموي بكونه يحوي على مدفن جسد يوحنا المعمدان – النبي يحيى – نسيب المسيح لجهة أمه السيدة العذراء، وهو من عمّده في نهر الأردن.

"سبوتنيك" ترصد المواقع التي زارها بوتين والأسد في دمشق القديمة

وجثمان البني يوحنا المعمدان والقبة التي تكلله هي ما تبقى من الكنيسة التي كان الروم قد شيدوها فوق معبد جوبيتر.

"سبوتنيك" ترصد المواقع التي زارها بوتين والأسد في دمشق القديمة

كما يحوي المسجد الأموي على ضريح وضع فيه رأس الحسين بن علي، حفيد رسول الإسلام محمد، وتم وضعه في هذا الموقع بعد حمله إلى دمشق إبان قطعه يزيد بن معاوية، ويُلحق به مقبرة تضم رفات القائد الإسلامي الشهير صلاح الدين الأيوبي.

"سبوتنيك" ترصد المواقع التي زارها بوتين والأسد في دمشق القديمة

ويتوسط المسجد باحة كبيرة فيها ثلاثة مبان صغيرة ويطل على صحن الجامع ثلاث مآذن أكبرها تدعى مئذنة العروس.

الصلاة للخلاص من النار

إلى يسار الشارع المستقيم الشهير، وهو الطريق الواصل بين بوابتين من بوابات دمشق القديمة هما باب "توما" وباب "شرقي"، تقع الكاتدرائية المريمية أقدم الكنائس الأثرية في دمشق وواحدة من أشهر الكنائس في العالم وهي مقر بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وهي التي أهداها بوتين القائمين عليها أيقونة السيدة العذراء عليها السلام.

داخل الكنيسة التي لا تبعد أكثر من 2 كيلومتر عن أطراف حيي جوبر وعين ترما اللذين كانا أبرز معاقل التنظيمات الإرهابية حول دمشق قبل ترحيل مسلحيها إلى إدلب، تشعل السيدات الشموع وتصلّين للرب الذي بارك المدينة وخلصها من القذائف والصواريخ التي كانت ترزح تحتها طيلة سنوات الحرب.

"سبوتنيك" ترصد المواقع التي زارها بوتين والأسد في دمشق القديمة

بعض الزوار، أثار حضور الرئيسين الروسي والسوري في الكنيسة الرغبة في نفوسهم لزيارتها والتعرف على هذه التحفة التاريخية التي بناها الامبراطور قسطنطين الكبير وتتسع إلى ستمئة شخص بسقفها الخشبي الساحر وجدرانها المزينة باللوحات الفنية والأيقونات الرائعة.

"سبوتنيك" ترصد المواقع التي زارها بوتين والأسد في دمشق القديمة

تضم الكاتدرائية في وسطها قاعة على جانبيها منبران من الحجر وتبلغ مساحتها ألف متر مربع، وهي تضم خمس كنائس، (الكنيسة الرئيسية) كنيسة السيدة مريم، وكنيسة مار تقلا وتم ضمها للكنيسة المريمية وهي مقر الكرسي البطريركي الأنطاكي للروم الأرثوذكس وكنيسة القديسة كاترينا وتم ضمها أيضاً للكنيسة المريمية خلال الترميم ويوجد فيها متحف للألبسة والأوسمة والأيقونات المتوارثة من البطاركة والرهبان إضافة إلى ساحة كنيسة القديسين كبريانوس ويوستينا وكنيسة القديس نيقولاوس وتم ضمهما إلى الكنيسة المريمية وهناك أيضاً جناح كامل للمقر البطريركي فيه صالة كبيرة لاستقبال الضيوف وعدد من الغرف ومكتبة.

أسواق للسُيّاح وشكر لروسيا

خلف الجدار الجنوبي للجامع الأموي، تتفرع الأسواق الدمشقية التراثية كسوق الصاغة وسوق البزورية وسوق القباقبية (نسبة لاختصاصه بصناعة القباقب الخشبية قديماً) حيث تنتشر المحالّ الغنية بالتحف والمشغولات اليدوية والتذكارات الدمشقية الخشبية المتنوعة، وكثيراً ما يرغب الزوّار والسيّاح باقتناء تلك القطع المزينة بالأعلام وخرائط المدن السورية وبعض عبارات الشكر للدول التي ساندت سوريا خلال الحرب المستمرة منذ سنوات وبشكل خاص روسيا.

"سبوتنيك" ترصد المواقع التي زارها بوتين والأسد في دمشق القديمة

ويمكن ملاحظة عودة الحياة إلى طبيعتها في المدينة، بعد أن عانت لسنوات من قذائف الهاون التي كان الإرهابيون يستهدفون مناطق مختلفة من دمشق بها حيث رصدت كاميرا "سبوتنيك" حركة الزوار والمواطنين في الأسواق والمصلّين في الجامع الكبير.

"سبوتنيك" ترصد المواقع التي زارها بوتين والأسد في دمشق القديمة

يُذكر أن الرئيس بوتين قد أشار خلال جولته في المدينة القديمة بدمشق بصحبة الرئيس الأسد مطلع العام الحالي، إلى أنه "الآن يمكن القول بكامل الثقة إنه تم اجتياز مسافة كبيرة في طريق استعادة كيان الدولة السورية ووحدة الأراضي للبلد"، كما أشار إلى أنه "رأى مظاهر استعادة الحياة السلمية في شوارع دمشق".

مناقشة