خبراء يحذرون من جماعات إرهابية "أكثر شراسة" تنطلق من ليبيا لمنطقة الساحل والصحراء

حذر خبراء من تنامي نشاط الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء في الوقت الراهن، خاصة في ظل استمرار النزاع في ليبيا.
Sputnik

وشدد الخبراء على أن العمليات الدائرة في ليبيا ووصول بعض الجماعات الإرهابية إليها يعزز من نشاط الجماعات في الساحل والصحراء، وأن المنطقة أصبحت تحت سيطرة تلك الجماعات التي تتزايد أعدادها بشكل متسارع.

ليبيا.. قوات حكومة الوفاق تدمر القاذفة التي قصفت مطار معيتيقة
التحذيرات تزامنت مع تحذيرات أخرى بتزايد أعداد الجماعات الإرهابية في ليبيا، وكذلك تنفيذ التنظيمات الكبرى في منطقة الساحل والصحراء عمليات كبيرة على مدار الأشهر الماضية.

من ناحيتها قالت رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس، بدرة قعلول، إن استمرار نقل الجماعات الإرهابية والأسلحة والذخائر إلى ليبيا يعد تغذية للجماعات الإرهابية المتواجدة في منطقة الساحل والصحراء، كما تعد ليبيا نقطة إمداد لهذه الجماعات.

 عمليات نقل الإرهابيين

وأضافت في حديثها لـ سبوتنيك"، السبت، أنه منذ العام 2017، بدأت عمليات نقل الجماعات الإرهابية لتشكيل حواضن لها في الداخل الليبي من أجل تهيئة الأوضاع لاستقبال العناصر المتواجدة في ليبيا وسوريا.

وشددت على أن الهدف من نقل الجماعات الإرهابية إلى ليبيا هو "عملية النشر" ما يعني أن الهدف أن تصبح ليبيا المعسكر الذي يجرى فيه التدريب واحتضان الجماعات الوافدة من سوريا والعراق، في ظل وجود قيادات ملمة بالجغرافيا والخصائص، تقوم بعد ذلك بتسريب المجموعات إلى خط الساحل والصحراء، خاصة إلى تشاد والنيجر.

تنتشر في المنطقة العديد من المجموعات الإرهابية حيث لا يقتصر الأمر على تنظيمي "داعش" و"القاعدة"، فهناك العديد من المسميات التي تعمل فوق ذات المنهجية والآليات، وفي هذا السياق حذرت قعلول من ظهور جماعات تحت مسميات جديدة وتكون أكثر شراسة في المنهجية وعمليات القتل والعنف.

وشددت على أن أشبال المجموعات الإرهابية يشكلون خطورة كبيرة، خاصة في ظل إرسالهم لليبيا وهم من جنسيات عدة، يمكن أن ينطلقوا فيما بعد نحو كافة دول المنطقة، كما يسهل تمددهم في الجنوب الجزائري والمغربي، وكذلك دول الجوار الليبي.

عمليات استعراضية

وأشارت إلى أن العمليات الاستعراضية التي تنفذها الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء، تعد مؤشرات على الظهور الجديد الذي يعد له في الوقت الراهن، وأن الخلايا النائمة في دول المنطقة تعتبر أن هذه العمليات الاستعراضية إشارات وتحفيز لها من أجل استعادة النشاط.

وبحسب قولها "هناك نحو 6 آلاف إرهابي نقلوا من سوريا نحو ليبيا ووزعوا على المنطقة، كما تمكن بعضهم من التسلل إلى بلدانهم".

وشددت على أن "الإرهابي لا يمكن الوثوق في توبته أو مراجعته، خاصة أن تغلغلت في نفسه ثقافة القتل والدم، سيعود مرة أخرى للقيام بذات المهام".

من ناحيته قال الدكتور الشرقاوي الروديني، خبير الدراسات الأمنية والاستراتيجية في المغرب، إن المرحلة المقبلة ستشهد ظهور جماعات إرهابية جديدة، إلا أنها ستكون موالية للجماعات الأم الموجودة في منطقة الساحل والصحراء.

التنظيمات الأبرز

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن تنظيمي " نصرة الإسلام والمسلمين" و "دولة الصحراء الكبرى"، وكذلك تنظيم "بوكو حرام" يعدون التنظيمات الأبرز الآن في المنطقة، وأنه من المحتمل تشكيل تحالفات بين هذه التنظيمات.

وأشار إلى أن وجود خطوط تواصل بين الجماعات في ليبيا وهذه المجموعات في المناطق التي تتواجد فيها يزيد من نمو هذه الجماعات، خاصة بعدما أصبحت ليبيا حاضنة لتلك الجماعات.

الخارجية الألمانية: انعقاد لجنة تنفيذ نتائج اجتماع برلين بشأن ليبيا في 16 فبراير
وتابع أن هناك عمليات تنفذ بشكل يومي في المنطقة الواقعة على حدود الدول الثلاث "تشاد ومالي والنيجر"، وأن هذه العمليات ستتجه نحو دول أخرى منها "السنغال وبنين وتوجو".

ويرى الوديني أنه رغم وجود البعثات والقوات الأجنبية في المنطقة لمحاربة الجماعات الإرهابية إلا أن هذه الجماعات تتمدد بشكل كبير، وأن استمرار الأوضاع في ليبيا على النحو الحالي يسمح بتزايد أعداد الجماعات الإرهابية في ظل توفر عوامل الأمان للجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء.

تنظم الصحراء الكبرى

ظهر التنظيم بشكله الحالي في عام ٢٠١٥، إثر اندماج عدة جماعات إرهابية سابقة، يقودها عدنان أبو وليد الصحراوي،  وهو مواليد عام ١٩٧٣م فى لايون، وهو إرهابى جزائري.

وظهر أبو الوليد الصحراوي للمرة الأولى فى عام ٢٠١١، وأسس ما يعرف بجماعة "التوحيد والجهاد" فى غرب أفريقيا.

وفى ١٥ مايو ٢٠١٥، نشر تنظيم داعش الإرهابي (المحظور في روسيا)، تسجيلا صوتيا لأبى الوليد الصحراوي، بايع فيه البغدادي.

فى أغسطس ٢٠١٨، وضع مجلس الأمن الدولي، والولايات المتحدة الأمريكية، بشكل منفصل، أبوالوليد على قائمة الشخصيات الإرهابية الأكثر خطورة.

فى يونيو ٢٠١٩، كشفت تقارير استخباراتية عن إعلان "البغدادي" تعيين "أبو وليد الصحراوي" ليكون مسؤولا عن فرع التنظيم فى أفريقيا.

ويضم تنظيم الصحراء الكبرى العديد من الجماعات الإرهابية في العديد من دول المغرب العربي وفي وسط الصحراء الكبرى وحول بحيرة تشاد وفي شمال نيجيريا وبوركينا فاسو وبنين.

 وتمثل الصحراء الكبرى مجالا واسعا للجماعات الإرهابية هناك بسبب اتساع رقعتها البالغة ٩ ملايين كيلومتر مربع، وحدودها الواسعة التى يطل عليها عدد من بلدان شمال وغرب القارة الأفريقية، وهو ما يسهل من عمليات الإمداد والتجنيد.

تحذيرات أممية

في سبتمبر/ أيلول 2019، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إن غرب أفريقيا والقوى الدولية تخفق في معالجة التهديد المتنامي الذي يمثله الإرهاب في منطقة الساحل والذي يمتد باتجاه خليج غينيا.

تدخلت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، في مالي في عام 2013 لإخراج إرهابيين احتلوا الشمال، لكن بدلا من أن يحقق ذلك الاستقرار تزداد الأوضاع تدهورا في المنطقة.

وقال غوتيريس للجنة رفيعة المستوى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة: "لنتكلم بوضوح، نحن نخسر في مواجهة العنف".

وأضاف: "أعلم أننا جميعا قلقون من تصاعد العنف المستمر في الساحل وامتداده إلى دول خليج غينيا".

تجارة غير شرعية

تعتبر تجارة الكوكايين من كولومبيا وبيرو وبوليفيا في أمريكا الجنوبية إلى أوروبا والشرق الأوسط، مرورا بالساحل والصحراء، من أخطر الأنشطة التي تطورت بسرعة في العقد الأول من هذا القرن، حتى أضحت الأكثر ربحا من بين أنشطة الإتجار في المنطقة، وعند وصولها إلى الشواطئ الغربية لإفريقيا تنقل عن طريق الجو أو بواسطة القوارب أو برا عبر الصحراء.

القوة المشتركة

في نهاية العام الماضي 2019، أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، إضافة إلى موريتانيا وتشاد، خطة عمل تغطي الفترة بين العامين 2020 و2024 لمكافحة الإرهاب بقيمة مليار دولار، وذلك إثر قمتها الطارئة في واغادوغو.

عقيلة صالح: أزمة ليبيا أمنية وليست سياسية والجيش قادر على تطهير البلاد
وأنشئت القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس التي يطلق عليها منطقة "قوس الأزمات"في عام 2014 بهدف التصدي لهذه المشكلة، بدعم من فرنسا.

قوات إضافية

في مطلع الشهر الجاري 2020 قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، في 2 فبراير/شباط، إن بلادها سترسل 600 جندي إضافي لمحاربة جماعات إرهابية في منطقة الساحل الأفريقي جنوب الصحراء الكبرى.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية، في 26 من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مقتل 13 جنديا فرنسيا في حادث تحطم طائرتين مروحيتين في مالي، خلال عملية عسكرية كانوا يقومون بها ضد مجموعات إرهابية.

وتضمّ قوة برخان الفرنسية 4500 عنصر في شريط الساحل والصحراء الكبرى لمحاربة المجموعات المسلحة المنتمية إلى تنظيم "داعش" و"القاعدة".

ومنذ عام 2014، استبدلت القيادة العسكرية الفرنسية عملية "سرفال" بعملية "برخان" لكن الأفق يبدو معتما، رغم سنوات من الوجود المستمر.

مناقشة