هل تشكل تصريحات الغنوشي ضغوطا وتشويشا على المشاورات الحكومية في تونس؟

أكد راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي بأن البلاد تعاني من اختلالات تنموية وفجوات اجتماعية كبيرة، وحذر من حدوث انفجار اجتماعي، كما تحدث عن تفاقم في البطالة وتراجع في الخدمات من صحة وتعليم ونقل وغيرها من الخدمات الحكومية.
Sputnik

وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي يجري فيه رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ مشاورات لتشكيل الحكومة، ولأجل ذلك أجرى اجتماعات مع رئيس مجلس النواب ورئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي، ورئيس حزب "قلب تونس" نبيل القروي، من أجل توضيح المواقف وتقريب وجهات النظر.

صحة التصريحات

وعن مدى صحة هذه التصريحات وللوقوف على السبب الكامن وراء إطلاق رئيس مجلس النواب لهذه التصريحات، اتصلت وكالة "سبوتنيك" بالقيادي في جبهة النهضة أسامة الصغير، الذي أكد صحة كلام رئيس البرلمان التونسي، ويتابع: "الوضع الاقتصادي في تونس في فترة صعبة ويحتاج إلى عدد من الإصلاحات، ومداخلة الرئيس راشد الغنوشي في مجلس الشعب كان في إطار الحديث عن الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد من جهة".

ويواصل الصغير: من جهة أخرى للضغط على عدد من الأحزاب للوصول إلى توافق حول الحكومة وتركيبتها وبرنامجها، وذلك معناه هو الدفع والإسراع في الإصلاحات التي يجب القيام بها في البلاد.

فيما يرى الإعلامي والكاتب التونسي يوسف الوسلاتي، في حوار مع "سبوتنيك"، بأن هذا التصريح جاء متأخرا من قبل رئيس مجلس النواب، وأنه لم يطرح هكذا طرح على الحكومات السابقة، ويقول: "كان من المفروض أن يتوجه بهذا التشخيص السلبي للأوضاع المعيشية والاجتماعية إلى حزبه التي يحكم هذه البلاد منذ 2011، وهو تحدث عن ضرورة تغير منوال التنمية وتوجه به إلى رئيس الحكومة القادمة الرئيس الفخفاخ، في الوقت الذي كان يجب أن يكون هذا الخطاب إلى حزبه حركة النهضة".

ويضيف: حزبه كان يحكم منذ فترة وكان يجب عليه أن يغير من منوال التنمية القائم على الدين والمزيد من الدين، والضرائب والمزيد من الضرائب، إضافة إلى وجود اقتصاد منغلق يحكمه نظام الترخيص الذي يحرم فئات جديدة من الدخول إلى سوق الاستثمارات، وهو ما أشارت إليه الهيئات الدولية.

توقيت التصريحات

وعن سبب اختيار الغنوشي لهذا التوقيت بالذات لطرح هذه التصريحات في الوقت الذي يجري فيه رئيس الحكومة المكلف المشاورات، يرى فيها القيادي أسامة الصغير دعما للمرشح، ويضيف: "نحن داعمين لهذا المرشح ونبحث عن توافقات من أجل إنجاحه، ونحنا طلبنا أن يتوفر أكبر دعم سياسي ممكن حتى تنجح هذه الحكومة في المرور وأن تحظى بثقة مجلس النواب".

أما الكاتب التونسي يوسف الوسلاتي، فيعتقد بأنها نوع من الضغط على الفخفاخ، ويقول: "التصريح لا يأتي بعيدا عن ذلك وهو جاء لتعلية السقف السياسي على رئيس الحكومة، والتذكير بواجب النهوض بالاقتصاد الوطني، وهو الواجب الواقع على كل الحكومات".

ويكمل: جاء هذا التذكير كنوع من الضغط على رئيس الحكومة الحالي، لا أرى أي صدق في هذه الدعوة لأنها لو كانت صادقة لكان مارسها عندما كان يحكم في السنوات الأخيرة.

التشويش على عمل الفخفاخ

وإذا ما كانت هذه التصريحات قد تشوش على المشاورات لتشكيل الحكومية، يرى القيادي في حركة النهضة أسامة الصغير بأن لهذه التصريحات دور معاكس تماما، ويوضح: "بالعكس تماما هذا التصريح جاء لمزيد من الضغط لأن ننجح في هذه المشاورات لأن البلاد في حاجة للحكومة بأسرع وقت ممكن".

أما الكاتب يوسف الوسلاتي فيرى بأنه نوع من التشويش، ويبرر ذلك: "هذا الطرح لم يكن في بداية الأمر على حكومة الرئيس حبيب الجملي المدعوم من حركة النهضة، ولم يكن هناك أي إشارة لضرورة تغيير المنوال التنموي، وحتى حركة النهضة حينما قدمت تصورا للمجال النهضوي والتنموي، قدمت مجموعة من النقاط الهلامية والتي لا تحمل أي إضافة للاقتصاد في الفترة القادمة".

ويختم قوله: "لم تقدم هذه الرؤية أي شيء حول نظام الضرائب أو غياب العدالة الجزائية التي أصبحت مستفحلة في الاقتصاد الوطني، وغيرها من الأمور التي لم تقدمها في برنامج عمل حكومة الحبيب الجملي".

مناقشة